الرئيسيةالأولىحلقات : رمضان وكتاب: رحلة في الفكر والتأمل – الحلقة :8 نظريات نسوية: هيلين سكسوس ولوس إريغاري

حلقات : رمضان وكتاب: رحلة في الفكر والتأمل – الحلقة :8 نظريات نسوية: هيلين سكسوس ولوس إريغاري

الحلقة 8 نظريات نسوية هيلين سكسوس ولوس إريغاري
حلقات : رمضان وكتاب: رحلة في الفكر والتأمل
الفلسفة السياسية النسوية سؤال السيادة والكونية في فكر سيلا بنحبيب
من تأليف :د عزيز الهلالي

– الحلقة :8 نظريات نسوية: هيلين سكسوس ولوس إريغاري

 

ترى هيلين سكسوس(*)( Hélène Cixous) (1937) أن الكتابة ولدت من جسد المرأة. ولكي يرسم الجسد تعبيراته فوق لوحة النص، عليه أن يتحرر أولامن “الممارسات النصية التعاقدية” التي تعتقل الجسد والصوت والكتابة النسوية، وتضعها خارج تعاقدات الأطراف المهيمنة.أن تكتب المرأة بجسدها، معناه أن ترسم بالكلمات لغتها. لغة تنشد الاختلاف وقد تحررت من لغة القضيب. تطرح سكسوس دوما هذا السؤال: هل يمكن للمرأة أن تفكر بطريقة أخرى؟ أي أن ترسم بكلماتها لغة تميزها؟
تطرح هذه الأسئلة، لأن المرأة أسيرة بنية نحوية وبلاغية وتركيبية هيمن عليها الرجل.كما أنها أسيرة حكاية نسجها راوي مذكر. فمن قلب الكلمات تقاوم المرأة سلطة الرجل، من أجل استعادة جسدها المفقود من قبل النسق اللغوي الأبوي. فالتفكير بالكلمات هو تفكير خارج التمثلات القبلية. لا يمكن للجسد أن يعبر عن رغباته وميولاته واختياراته، إلا عبر المرور من لغة نصية تضع نفسها مقابل مغالطات لغوية ذكورية.إذن، الكتابة وسيلة لتغيير ثوابث سوسيوثقافية أنتجتها الأسطورة والتأويلات الدينية. هل نفهم من هذا، أن سكسوس تلجأ إلى عقد عوالم متقابلة ومتنافرة؟
تبدأ المنطلقات النقدية لسكسوس، من تبرير دعاوى الجسد، الأمر يخص ثنائي الجنس (*)(Bisexual) كنوع يندرج في إطار التعدد، والذي يختزل في ذاته صور متناغمة للرجل والأنثى.فالكتابة بالكلمات تنقل الجسد من عالم إلى آخر،من المذكر ليصبح واقعا مؤنثا، ومن المؤنث ليصبح حقيقة ذكورية. فالأنا والآخر، السيد والعبد اكتملا في لغة نصية ولم تعد الكلمات سوى تعبيرات عن وحدة الأشياء أو لنقل الوحدة الجسدية. لقد تماهى الطرفان في “الممارسة الجنسية” وفي “الزواج” و”الولادة”.فالكتابة فضاء للذوبان والانصهار حيث “الخارج هو الداخل”.
أما أطروحة لوس إريغاري(*) (Luce Irigary) تقوم – من خلال كتابها “النظرة التأملية للمرأة الأخرى” (de l’autre femme Speculum) (بحث لنيل دكتوارة الدولة 1974)- على رصد العلاقة بين اللسانيات والنوع، وهذه العلاقة أفضت بها إلى إعادة قراءة تاريخ الفلسفة من أفلاطون إلى فرويد. وقد مكنتها هذه القراءة من بلورة تصور لبناء العالم، من خلال نقد المركزية الذكورية ونقد الفلسفة لأنها – حسب أريغاري- منظومة رمزية ذكورية تتناسب مع النزعة الأبوية، ولذلك لجأت إلى كشف مغالطات “الخيال الذكوري” والرمزي حيال الأنثى.
وبالرغم من التأويلات الرمزية التي وظفها كل من فرويد ولاكان بخصوص البظر والقضيب، فإنها لا تخلو من فائض المنسوب الذكوري. فالنظام الرمزي من منظور فرويدي يُختزل في “حسد القضيب” (Penis Eny)، لأنه هو العضو الوحيد ذو القيمة المعترف بها”. كما أن النظام الرمزي- حسب لاكان- هو نظام بظري، ذلك أن “البظر هو الدال رقم 1 الذي يشير إلى كل ما له معنى”. فالبظر هو أيقونة رمزية للدلالة على النقص والعجز مقابل القضيب رمز القوة.هل تتمكن المرأة من تعويض حالة النقص التي تستشعرها؟

تشير أريغاري إلى أن الآخر/المرأة “رجل مخصي”، ويأتي هذا الإخصاء في سياقتركيبة اجتماعية وثقافية لا تسمح بالاندماج الرمزي،إلا من خلال ملاءمة الجنس مع مطالب اللاشعور الجمعي. وافتقار المرأة إلى نظام رمزي مُهيمن، يحملها إلى فقدان الهوية والمرجعية. فأن تبدع المرأة وتتفلسف وتنتج، كل ذلك لا يشكل إحالة رمزية في المخيال المهيمن. ولذلك، فإن إسهامات المرأة في الفضاء العمومي كان مبعدا على الدوام.ولكي تتمكن المرأة من إثبات أناها يجب أن تمتلك الأداة التي ترمز إلى القوة. وفي غياب هذه الإمكانية، فليس من سبيل سوى أن “تتكلم كرجل”. وإن “لم تفعل ذلك فستجازف بالإصابة بالدهان”. ولهذا السبب، يجب على المرأة أن تدمر نسختها الأنثوية التي تحيل إلى مرجعية رمزية تتنافى مع نسق قيم وتمثلات رمزية ذكورية.

أمينة بنونة
أمينة بنونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *