بعد خفوت جائحة كوفيد 19، تم فتح المدارس من جديد، وبدأنا نشاهد الأطفال يعودون شيئاً فشيئاً إلى الفصول الدراسية، كما أخذ عدد من الناس يتخففون من ضغوط الحجر، رغم أن المخاوف عادت لنخيم من جديد، بسبب تجدد تهديد الجائحة، كما تم الإلحاح على ضرورة التشدد في آخذ الاحتياط اللازم.
ومن أجل تحقيق هذه الوقاية، قررت أسرة التلميذة نجاح، أن يرافقها أحد أفراد العائلة ذهابا وإيابا، تجنبا للتخالط، وحفظا لها من الإصابة بالفيروس اللعين. وكانت نجاح تفضل مرافقة جدها، لما كان يربطها به من حب وانسجام، بحيث كان خلال مرافقتها يحكي لها عن المدينة وتاريخها العريق، وعن مآثرها التاريخية، وأحيائها الملتوية، ودروبها الضيقة، وكلها تحكي عن مرحلة عمرية لكل أسرة من أسر المدينة، وكذا عن توسيع المدينة وتشييد بنايات، وبناء مؤسسات تساير العصر. كما أن طيبة الجد كانت تساعد حنان على تنمية قدراتها الثقافية، إضافة إلى أنه كان ينوب عنها في حمل محفظتها، التي كانت تشكل لها عبئا تقيلا، يفرض عليها يوميا نقله إلى المدرسة، نظرا لبعد المسافة بين بيت الأسرة والمؤسسة التعليمية، التي تقضي بها كل يومها.
وعند عودتهما ذات مرة، تفاجآ بأكوام من الحجارة في الطريق. فقال لها جدها: لقد كانت معلمة تاريخية، غير أنهم هدموها، دون اي تفكير في قيمتها الأثرية، الغنية بعبق التاريخ الاندلسي، والعمران العربي النادر، من أجل بناء سكني من عدة طوابق…. ومتى يا بنيتي؟ في فترة كورونا !.
لكن الطفلة لم تهضم الجمع بين الهدم والبناء، فواجهت جدها متسائلة ببراءة: إذا كانت لتلك المآثر يا جدي، كل القيمة التي طالما حدثتني عنها، فلماذا هدموها؟.
أمينة بنونة