شهدت فيلا كارل فيك – متحف ذاكرة الدار البيضاء، يوم الأربعاء، افتتاح معرض فني مخصص لإبداع الفنان الراحل محمد حميدي، يتيح للزوار فرصة التعمق في عالمه التشكيلي وإعادة اكتشاف بصمته الفريدة في الساحة الفنية. ويأتي هذا الحدث، المنظم بتعاون بين المؤسسة الوطنية للمتاحف و”38 La Galerie”، احتفاءً بالإرث الغني الذي خلفه حميدي، والذي ما تزال تأثيراته حاضرة وطنياً ودولياً.
ويمنح المعرض عشاق الفن مناسبة لاستعادة تجربة هذا الرائد من رواد الفن الحديث بالمغرب، عبر مجموعة من أعماله المميزة التي جسدت روح الجرأة والتجديد وأسهمت في تطوير التعبير التشكيلي المغربي. ويمتد المعرض إلى غاية 25 مارس المقبل، مقدماً مساراً بصرياً يبرز تطور لغة الفنان الإبداعية وتأثيره العميق في المشهد الفني.
وفي تصريح بالمناسبة، أكد رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، المهدي قطبي، أن هذا الحدث يمثل محطة لإحياء ذكرى أحد أعمدة مدرسة الفن بالدار البيضاء، مشيراً إلى أن المبادرة تشكل اعترافاً بمساهمات حميدي التي منحت دفعة قوية للفن المعاصر بالمغرب. وأضاف أن المؤسسة تولي اهتماماً خاصاً لإعادة تقديم هذا التراث داخل فضاءات المتاحف، من خلال تعاون مستمر لإبداع أفكار جديدة تشجع الجمهور على زيارة المتاحف واكتشاف تجارب فنية متنوعة.
وأوضح قطبي أن سكان الدار البيضاء يشعرون بالفخر لاحتضان مدينتهم لمتحف بهذا المستوى، معبّراً عن أمله في إحداث مؤسسات متحفية جديدة، خصوصاً في ظل الدينامية التي أطلقها الملك محمد السادس للنهوض بالثقافة وتعزيز إشعاع المغرب عالمياً. وشدد على أهمية مواصلة الاستثمار في البنيات المتحفية، بما يضفي نفساً ثقافياً جديداً يثري تجربة الزوار ويسهم في فهم التاريخ والتراث المغربي.
من جانبها، أبرزت زينب الديوري، محافظة المتحف، أن تنظيم هذا المعرض يأتي وفاءً لذاكرة الفنان الراحل، الذي رحل في أكتوبر الماضي، معتبرة أن الحدث فرصة لاستكشاف منجزه الإبداعي المتنوع. وأشارت إلى أن أعماله تتميز بثـراء بصري وتنوع أساليبها، حيث تستلهم عناصرها من الطبيعة والجسد والرموز العالمية المستمدة من ثقافات متعددة، منها الأمازيغية والإفريقية والآسيوية والمصرية.
وأضافت أن المعرض يتيح للزوار الولوج إلى عالم حميدي الغني بالألوان والضوء، نظراً لكونه أحد أبرز المؤسسين لمدرسة الدار البيضاء، وصاحب تأثير واسع في الفن المغربي الحديث. وقد تميز الراحل بجرأته في دمج الحرف التقليدية والعمارة الإسلامية والرموز الأمازيغية والإفريقية، لصياغة لغة تشكيلية متفردة تجمع بين الرمزية والتجريد، مع تحويل الرموز التقليدية كالزرابي والوشوم إلى مفردات بصرية عالمية.
وكان حميدي مولعاً بالألوان، يصنعها بيده من أصباغ طبيعية بحثاً عن انسجام خاص، مستلهماً ألوان الأرض وطفولته. ووفق المنظمين، فإن هذا المعرض يعكس التزام المؤسسة الوطنية للمتاحف بدعم الإبداع المغربي وإبرازه داخل فضاءاتها، مؤكدين أن المبادرات المستقبلية ستواصل الاحتفاء برواد الفن المغربي.
طنجة الأدبية

