( 1 )
أصبح المجتمع المصرى ، مخترقا من الأفكار الاخوانية ، والأمزجة السلفية ، التى تعمل
بجهد ودأب . ان ” حُراس الفضيلة ” ، جنود الدولة الدينية . يعلمون أن أفكارهم وسلوكياتهم ، ” منزوعة ” الفضيلة ، ” مخلية ” الأخلاق .
والتغطية على هذا ” العُرى ” الأخلاقى ، يستلزم أن يلبسون رداء ” الفضيلة “.
ويعلنون على كافة منابرهم أرضية وفضائية ، أنه وقت ” الجهاد الأخلاقى ” المنتظر .
يقولونها واضحة ، الفضيلة ، أو الأخلاق ، هى تطبيق الشريعة الاسلامية ، كنظام للحكم ، والالتزام بالحلال والحرام ، كمنهج أعلى لتنظيم العلاقات ، وسن القوانين.
وتتصدر ” المرأة ” ، فساد المشهد الأخلاقى ، بلا منافس . رغم نزعها من ضلع ذكورى أعوج ، وطبيعتها ناقصة العقل والدين ، ومرورها بالصلاة يبطلها .. وهى تقبل وتدبر فى صورة شيطان ، فانها ” الشُغل الشاغل ” ، للذكر المسلم ، الى حد الهوس .
هى القنبلة الشهوانية المتفجرة ، ولو عمرها سبع سنوات ، من اغواء رجل فى الثمانين ، تبعتر كرامته ، تنسيه مواعيد الصلاة ، وماذا قال الله ، والرسول ، وتجعله ينفق نصف مدخراته ، على عمليات التخسيس والتجميل ، وزرع الشعر ، وتبييض الأسنان . ويذهب النصف الآخر الى جيب الطفلة المحجبة ، تشترى الحلوى ، ولعب الأطفال .
مكافحة الرذيلة ، والفسق والفجور ، لا تعنى الا الحرب ضد جميع أشكال ، ودرجات
” البهجة ” ، ” والفرح ” ، و ” المتعة ” ، التى تعرف طريقها ، لأى امرأة ، واقعة تحت الحكم الذكورى .
يكفى أن تبدأ امرأة واحدة ، الشرارة الأولى ، وتصر على حقها فى ” الفرح ” لتشتعل النار ، حتى تنتقل العدوى الى الأخريات . وهذا هو أكثر ما تخشاه الثقافة الذكورية .
ان حياة المرأة ، فى ظل عالم ذكورى ، ليست مؤهلة أو مصممة ، لكى تفهم ، وتحس ،
وتكفل أفراح النساء . ان المرأة التى تفرح ، هى بالضرورة ، امرأة خطرة ، سيئة السُمعة .
الفرح ، يقوى الانسان ، ويشفيه من أمراضه ، ويضئ له الرؤية .
ان ” البهجة ” ، و ” الفرح ” ، و ” المتعة ” ، و الحرية ” ، و ” السعادة ” ، مشاعر
” ذكورية ” مخصصة حصريا ، لأصحاب الذقون و الشوارب والقوامة ، ينتقلون بضمير مرتاح ، من امرأة الى أخرى ، من نكاح شرعى ، الى نكاح غير شرعى.
( 2 )
من النادر ، أن أقرأ فى المجلات والجرائد ، خبرا ” يهمنى ” . ولأننى أعيش فى ظل مجتمع ذكورى ، يصبح الأمر أكثر ندرة .
لكن ، فجأة ، منذ أيام قليلة ، دق قلبى فرحا ، وأنا أقرأ نتيجة الاستفتاء على
أفضل 25 فيلما مصريا من 2001 – 2025 . فقد وجدت ضمن القائمة ، فيلم
” الأبواب المغلقة ” ، تأليف واخراج عاطف حتاتة ، أخى .
لقد أعلن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ، والاتحاد الدولى للنقاد السينمائيين ،
” فيبريسى ” وجمعية نقاد السينما المصريين ، بمناسبة الربع الأول من القرن الحادى والعشرين ، واحتفالا بمرور 100 سنة على تأسيس ” فيبريسى ” ، نتائج الاستفتاء لقائمة افضل 25 فيلما مصريا من 2001 الى 2025 ، وأعلن أيضا عن أن الدورة 46 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ، من 12 – 21 نوفمبر 2025 ، سوف تشهد اصدار كتاب توثيقى عن هذا الاستفتاء ، مع تحليل للأفلام ال 25 الفائزة .
فى هذا الفيلم ، قدم عاطف حتاتة ، الوجه الجديد ” أحمد عزمى ” فى أول أدواره السينمائية . الفيلم انتاج مشترك بين أرت سينما فرانس ، وشركة أفلام مصر العالمية – أفلام يوسف شاهين . قام بالبطولة محمود حميدة ، سوسن بدر ، أحمد عزمى ، سلوى محمد على ، منال عفيفى ، سيف عبد الرحمن ، أحمد فؤاد سليم ، مخلص البحيرى ، ضياء عبد الخالق ، ماهر عصام .
حصد الفيلم العديد من الجوائز الدولية ، فى الاخراج والتمثيل والموسيقى والتصوير . فى عام 2010 ، فى مهرجان الاسكندرية ، دخل قائمة أفضل عشرة أفلام من 2000 – 2010 .
وفى كتابه ” السينما الشريرة ” ، تأليف دانيل كاترارا ، 2014 ، : The Wicked Cinema .. دراسة للدين والجنس ، على الشاشة . وكيف صورت السينما الجنس فى صراعه على الهوية الانسانية للفرد ، وتأثير الانتماء الدينى على تشكيل الحضارة الحديثة .
تطرق المؤلف الى خمسة مخرجين عالميين ، فقط من أمريكا وأوروبا ، مثل ستيفن سبيلبيرج ، مارتن سكورسيزى ، وودى ألن .
ومن الشرق الأوسط ، اختار عاطف حتاتة ، وفيلمه ” الأبواب المغلقة ” .
من المفارقات ، أن يؤلف عاطف حتاتة فى مقتبل العمر ” الأبواب المغلقة ” . بينما يكتب الأب د . شريف حتاتة ، سيرة ذاتية ” النوافذ المفتوحة ” ، بعد وصوله الى الثمانين من العمر .
عاطف حتاتة ، يستعد لتحويل احدى روايات والدته ” نوال السعداوى ” ، الى فيلم سينمائى . غالبا سيتم اختيار احدى هذه الروايات : ” مذكرات طبيبة ” ، امرأة عند نقطة الصفر ” ، ” امرأتان فى امرأة ” .. ” الغائب “.
د . منى نوال حلمى / مصر

