الرئيسيةأخبارلازلو كراسنهوركاي.. سيد الأدب المروع يفوز بجائزة نوبل 2025

لازلو كراسنهوركاي.. سيد الأدب المروع يفوز بجائزة نوبل 2025

لازلو كراسنهوركاي

نال الكاتب المجري لازلو كراسنهوركاي، البالغ من العمر 71 عامًا، جائزة نوبل للآداب لعام 2025، تكريمًا لمسيرة أدبية استثنائية تميزت بعمقها الرؤيوي وبأسلوبها الذي يجمع بين العبث والشاعرية. وأشارت لجنة نوبل في بيانها إلى أن منحه الجائزة جاء تقديرًا “لنتاجه المذهل والرؤيوي الذي يعيد التأكيد على قوة الفن وسط رعب يقترب من نهاية العالم”.

يُعد كراسنهوركاي من أبرز كتاب أوروبا الوسطى في العصر الحديث، وغالبًا ما يُقارَن بأسماء مثل كافكا وتوماس برنهارد، لما يحمله أدبه من سوداوية فكرية ومبالغة هزلية ترصد هشاشة العالم وتناقضاته. وُصف الكاتب بأسلوبه الفريد القائم على الجمل الطويلة المتشابكة التي تتدفق بلا انقطاع، مع تعبيرات تتأمل الواقع حتى حدود الهوس.

ولد كراسنهوركاي عام 1954 في بلدة جيولا المجرية النائية، حيث شكّلت البيئة الريفية القاسية خلفية مؤثرة في كتاباته. حظي بشهرته الأولى مع رواية تانغو الشيطان الصادرة عام 1985، والتي تحولت إلى عمل سينمائي شهير أخرجه بيلا تار. ومن خلالها قدّم صورة قاتمة لمجتمع يقف على حافة الانهيار، تسوده الخديعة واليأس، في سرد يمزج الواقعية السحرية بالرمزية الدينية. لاحقًا، عزز الكاتب مكانته العالمية بروايته كآبة المقاومة، التي استحقت وصف الناقدة الأميركية سوزان سونتاغ له بأنه “سيد الأدب المروع المعاصر”.

تميزت أعمال كراسنهوركاي بتناولها الفوضى الاجتماعية والانهيار الوجودي عبر شخصيات تائهة وأحداث غامضة تتراوح بين السخرية والمأساة. في رواية حرب وحرب، يبحر كاتب مغمور نحو نيويورك مدفوعًا برغبة يائسة في حفظ نص قديم من النسيان. أما في عودة البارون فنكهايم، فيعود بطل مفلس ومدمن قمار إلى موطنه ليجد نفسه وسط عبث اجتماعي لا يخلو من الكوميديا السوداء. وفي عمله هيرشت 07769، ينقل الكاتب مأساته إلى بلدة ألمانية معاصرة، ليواصل تأملاته في الفوضى والجنون الإنساني.

لكن الكاتب لم يكتف بالظلمة الأوروبية، بل وجّه بصره نحو الشرق في مرحلة لاحقة من مسيرته، مستلهمًا رحلاته إلى الصين واليابان، حيث اتخذت لغته طابعًا أكثر صفاء وتأملًا. في روايته جبل في الشمال، بحيرة في الجنوب، دروب في الغرب، نهر في الشرق، سعى إلى الكشف عن معنى الجمال الخفي من خلال رحلة روحية في كيوتو. وبلغت هذه النزعة ذروتها في تحفته سييوبو هناك في الأسفل، التي تتأمل فكرة الخلق الفني عبر قرون وثقافات مختلفة، في بنية مستوحاة من تسلسل فيبوناتشي.

يُنظر إلى كراسنهوركاي ككاتب يقف عند تخوم الأدب والفلسفة، يجمع بين قسوة الرؤية وسمو الجمال، في نصوص تتحدى القارئ وتفتح أمامه أسئلة عن المعنى والوجود. وقال عضو لجنة نوبل ستيف سيم-ساندبرغ إن “أسلوبه الفريد، رغم كثافته وتعقيده، يتيح لحظات من الجمال الخالص والدهشة الشعرية”.

ويُعد كراسنهوركاي ثاني مجري يحصل على جائزة نوبل للأدب بعد إيمري كيرتس عام 2002. وقد عبّر عن امتنانه العميق لهذا التتويج، مشيرًا إلى أن الفن بالنسبة إليه هو “الملاذ الأخير في وجه الفوضى”. وهنأه رئيس الوزراء فيكتور أوربان عبر منشور على “فيسبوك” قائلاً: “فخر المجر، أول حائز لجائزة نوبل من غيولا، لازلو كراسنهوركاي. مبروك!”.

بهذا التتويج، يكرّس لازلو كراسنهوركاي مكانته كأحد آخر الكبار في الأدب الأوروبي الحديث، كاتبًا يقف بين الفوضى والجمال، بين الرعب والنور، ليؤكد أن الفن لا يزال قادرًا على أن يكون خلاصًا في عالم ينهار ببطء.

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *