حلقات رمضان وكتاب: رحلة في الفكر والتأمل
الفلسفة السياسية النسوية سؤال السيادة والكونية في فكر سيلا بنحبيب
من تأليف :د عزيز الهلالي
– الحلقة :11 نماذج من النظريات النسوية
تدافع النظرية النسوية الماركسية عن مقاربة ثورية لتغيير البنية الاجتماعية والسياسية كمدخل لوضع حد للاستغلال الطبقي الذي تتعرض له المرأة. فالسلطة الهرمية الاجتماعية والثقافية الغربية لا ترتبط بالجنس، بل “بالالتزامات الطبقية” . ولذلك ترى كلارا زتكن(•) (ClaraZetkin) (1857- 1933) أن الطبقة الوسطى كتشكيلة اجتماعية وطبقية لا يمكن أن تلتقي مصالحها الطبقية مع البروليتارية النسوية. ومن ثمة، فهي تبدي انزعاجها من “البورجوازية النسوية”، باعتبارها – كما تقول – روزا لوكسمبورغ ” طفيليات الجسد الاجتماعي” .
إن البورجوازية النسوية، في تقدير زتكن، لا تستطيع أن تكشف عن نسق السيطرة الذي يمارسه الرجل في حق المرأة، بسبب انغماسهن في النزعة الفردانية اللبيرالية. وهذا الانغماس يولد حالات من التنافي بين “النقد الاجتماعي للامساواة” وبين “الاحترام الكبير للاتجاه المحافظ” . وسيادة هذا الاضطراب تفوت فرصة النظر إلى أن “القمع يلبي حاجيات الرأسمالية” .
ترى كولونتاي، أن بؤس المرأة يظهر بشكل جلي في البنيات التنظيمية للحزب،حيث أن البناء التنظيمي الهرمي يغيب موضوع المرأة من الأدبيات والاستراتجيات الحزبية. ولذلك تدعو كولونتاي إلى “إنشاء تنظيمات نسوية مستقلة داخل الحزب” . وتأتي هذه الدعوة في سياق إيمانها بأن الذي يضمن استقلالية المرأة ويغير واقعها ليس رهينا بإعادة توزيع الموارد الاقتصادية ولا الملكية العامة لوسائل الإنتاج، وإنما رهين “بتغيير طبيعة الرجل والمرأة” . فالعمل على جبهة تنظيمية مستقلة يمنح فرصة تدبير سيرورة فكرية وأخلاقية جديدة تقوم على مفاهيم حقيقية للمساواة وتكافؤ الفرص،مما قد يشكل ممارسة الحسم مع النفاق الأخلاقي البورجوازي.
في هذا السياق، تحاول كولونتاي أن ترسم مسافة أخلاقية بين الصدق والحب والإحساس وبين الغدر والكراهية والحقد. ففي المجتمع البورجوازي لا تنعم الطبقة العاملة بحب حقيقي،لأن شروط الحب تكتمل في مبدأ المساواة وليس في مبدأ المتعة الجسدية.
تمثل غولدمان الجناح الفوضوي، بحيث لم تدافع إطلاقا على حرية تصويت المرأة، على اعتبار أن الانتخابات لا تساهم في تحرير المرأة. كما أنها تعبر عن رفضها المطلق للمؤسسات الحكومية والمؤسسات الزوجية، باعتبارهما يقيدان الحرية الفردية.
إن رهانات هذا الاتجاه، هو تفكيك البنية الرأسمالية المجتمعية، من خلال سيرورة مساواتية للنوع. لكن، ما يلاحظ هو أن هذا التيار النسوي لم يجد امتدادا قويا في محيطه. خاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية في جميع أنحاء أوروبا الشرقية، الأمر الذي جعل “نسبة قليلة من النساء تصفن أنفسهن كاشتركيات أو ماركسيات ” . ومن ثمة، فإن مفاتيح التحليل لفهم ميكانيزمات الطبقات المجتمعية كمفهوم الاقتصاد والطبقة والصراع…هي مفاهيم تم “الاستغناء” عن توظيفها في قضايا المرأة.
