وَلأنّني كم أحبَبتكِ،
أرسُمكِ بفُرشاتي وكلمَاتي
أحكي لكِ همسًا عن كل أسرَاري
وحينَ تهربين منّي،
أركضُ جريًا حتى عُنقي
أتحسّسُ الطريق إلى الأمس
أمرُّ منه كالمَدى إلى رأسي
هنَاك، أشتهي من أحبّ
وأمحُو من تبقّى عالقًا في ذاكرَتي.
يتلوّث الهواءُ الرّطب في رئتيّ
أتسلّلُ إلى غَدي بلا ذاكرَة
مَن يَهبني رقمًا أو عنوانًا…؟
مَن يكن لي قنطرَة أو جِسرًا
أعبرُ منه إلى طفولتي وصبَاي.
إلى أين تهربين منّي الآن؟
أبحثُ عنك بين المرايا في نومي والشُّطآن
وبينَ قصائدي العالقة على الحِيطان
أرَاك في كلّ العيُون الناعِسَة
وفي ضوء القمَر زخّات المَطر
ونحنُ جلوسٌ تحت أقواس السّحاب،
كان الأمسُ القريب يُراجع ذاكرَته
وكنتُ أراجع ذكرياتي الطائشة
حفظتُ الأمَاكن والأسمَاء كلّها،
ونسيتُ إسمِي…!!
………….
كنتِ مجَرّتي ولغتي
وَأنشودة المَطر الطريّ على الطريق
وكنتِ اللّولب…
وكنت أنا الخشب
خُذي من جسَدي ما شئتِ من استعارَات
واترُكي الصّورة صافية في مُخيّلتي
إذا افتقدتكِ يومًا في صيفٍ بارد
أقبّلُ حبيبتي الأخرى،
هيَ الأرض
……………
ولمّا كانت العينُ بابًا للفِتن
غفوتُ قليلا
إذا بك واقفة أمامي
كنتِ صافية كحبّات العِنب
حملتُ أحلامي وأوهامي فيك
وانصرفتُ عاريًا في صمتِ السّؤال
………….
تتراقصُ الأمواج أمامي من فرط الشّماتة
وحين التفتُّ إليّ لم أجدني
لا أثرَ لثباتي أو صبري
كنت غائِبًا في حضورك أمَامي
كائنًا يأفلُ تحت ضوء القمَر
عشقتكِ غصبًا عنكِ الآن
أحْيِيك في مُخيّلتي متى شئتُ
فوق بياضِ روحي
ونَبضِ أنفاسي فيكِ
…………..
مثل خفّاش حديديّ تخفقُ أجنحتي
أعبرُ إليك كالرَّحيق كل يوم
ولكن دون أن يَخفق قلبي إليكِ
…………..
مذاقُ حبّات العلّيق جَنْبَ الوَادي
كلّ ما أتذكّره الآن من قريتي
وحبّ الرُّمان المَنقوش على مُقلتيك
كم أنتِ دوّارة يا” أيْلَة “
تكبرُ الخطيئة فيكِ كلّ يوم
حتى تصيرُ الثّمرة جمرَة
ألف مرّة…ومرّة
……………..
أغلقُ الباب في وجه العَشيرة
تخرج الجُثث طاهرَة من قبورها
تتبرّأ في الظلام من القاتل والمَقتول
تدخلينَ أنت عُنوة إلى عُمق قصَائدي
وأخرج أنا مجروح الأحَاسيس من عالمي
أتذكرين الآن يا عزيزتي…؟
حين رَست سفينتكِ في مَنفاي
أقصدُ في الميناء، في الصّحراء
كانت شمسُ الظهيرة تحرسُ الرّوح
هبّت ريحٌ شتوية حتى أتعبكِ البقاء
بدأتُ أشمّ نسيم الهوَاء كيف أشاء
حبوت لأصل إليك مُسرعًا،
قبل أن تنام العصافير الصّغيرة
ولكن حين اقتربتُ منك،
أبحرت السفينة
إذا بي أمام زُرقة بحر بلا مَاء…!!
……………
أتدرّب في ساعَات الليل على النّزيف
طيفكِ سحابة مُنعشة تظلّلني
صورتك تطل عليّ من كوّة نافذتي
تأتيني ظِلالُكِ تباعًا من الأزمنة البَعيدة
أتذكرُها الآن في زَمن النّفاق الأسوَد
كان زمنًا لصَمت الخديعَةِ والهَمس
يجرُّني الحَنينُ إلى مَرساكِ القديم
هناك كنتُ أشمّ رائحة العُشب اليابس في لغتي
وما تبقّى من هَسيس الكلمات الحنونة في أذني
ورَائحة التراب البارد في قاع المَرسى
أخذتُ قلم الرّصاص بينَ يديّ
واقتفيتُ ما تبقى من دِفء اللحظات في:
كَ
لِ
مَ
ا
ت
………………
كنت كمَن يستقرئُ الغَيب في عينيكِ
طفلا كنتهُ أخطأ الطريق إلى الحَظّ
أتخيّل زُجاجات عِطر أمّي على الرُّفوف
ألامِسُ ذكريات الأمسِ البَعيد
أرَاكِ مُضيئة تُنشدين الأفرَاح بين أصَابعي
أتابعُ المَسير حافيَ القدَمين
أشمّ رائحة الخيانة والغَدر المُبكّر
أُلقي بكِ مُكرهًا في النّار
إذا بهَا بردًا وسلامًا عليكِ،
نارُ جهنّم حارقة عليّ
أتوسّد كذبة بيضاءَ كلّ ليلة
أصدّقها غصبَا عنّي
وَ
أَ
نَ
ا
م

إدريس الواغيش

