الشّاعرة الزجّالة فاطمة المخفي، المقيمة ببروكسيل العاصمة، تطل علينا بديوانها الجديد وبإشراقة زجليّة أصيلة، بالسلام علينا من ديار الغربة شاكرة الله على وحي الإبداع وملكة التعبير التي منّاها بهما مستفتحة:
سلام الخير يا مّالين الخير ورحمة ربّي تأتيكم
مول الحكمة والتدبير
عندي شي كلام ليكم، نقولو ونخاوي لحروف
حرف على حرف يعطي كلمة واضحة بسيطة ومفهومة،
ما نروم في سرّي غاية
غير كلمة تتبع كلمة
تولد معنى ولاّ حكمة …
***
إيلا لقيتو في حديثي غاية، وفهمتو بين كليماتي سرّ
القصد الواضح والغاية
نكون فصيحة ولساني حرّ
***
“خِيط الما”، باكورة زجليّة لم نشأ أن نقدم لها بمقاربة نقدية كما عهدناه عند بعض النقاد، ونقصد بالتحديد، ذاك الناقد المحنّك الذي يتشرف بالتقديم لبعض الدواوين الحديثة الصدور، مستخدما لغة نقدية فوقيّة ما ورائيّة جدّ معقدة المصطلحات ومستعصية على الفهم والذوق السليم، لما تشتمل عليه من رموز وأسماء مشاهير ممن صال وجال على خشبة مسرح الأدب.
باختصار، ديوان “خِيط الما” للشاعرة الفصيحة فاطمة المخفي، والمزاولة لكل من الفصيح والزجلي في إبداعاتها الشعرية، تطربنا نحن المغاربة الذوّاقين لفن الجزل والمتأصّلة فينا جدوره، بهمس زجلي مُشرَب بجماليات شاعريّة مُغرِية، وبصياغة كلمات محمّلة بالمعاني الخفيّة والإشارات الموحية والتلميحات الناطقة، واردة كلها في مقام له مقاله الشاّعري بدون ضجة ولا جعجعة ولا غريب الكلام.

ونكتفي بهذه الاستهلالية المقتضبة، تاركين للقارئ الفضولي الإمساك بالخيط الواهي المنحدر من غربال الماء، وتتبع شبكة فضاءاته القزحية، مسافرا بين خيوط مياه الواقع اليومي، وخيوط الواقع الإفتراضي الغنيّ بفضاءاته الوهميّة وأحلامه العلويّة ومعار جه الرّوحيّة :
الدّنيا ولّات تمشي بالمقلوب
والنّور لّي كان غطاتو ظلمة
القدر اللّي كان صايل ومهيوب
يحذر ويولّي ذليل بلا قيمة
العش لِّي فيه تتجمع لقلوب
يتشتَّت خشبة بخشبة يترامى
لنفوس الزينة تغرق ف الذنوب
المجالس تخلا من صحاب الحكمة
ينذل العالم وتْنحْرق لكتوب
ويصير الجاهل صاحب كلمة
بقلم : فؤاد اليزيد السني – طنجة في 27 – 04 – 2025