في كل عام، في الثامن من مارس، تقام الاحتفالات وترفع الشعارات عن حقوق المرأة، مساواتها بالرجل، وتمكينها من اقتحام مختلف المجالات حتى التي تتعارض مع انوثتها. نسمع المدائح التي تكاد تصور المرأة ككائن مقدس، وكأن الحديث عن أي جانب آخر من جوانب شخصيتها أو مسؤولياتها يعد تعديا على حقوقها. لكن، دعونا نخرج عن هذا النمط المتكرر ونتحدث بصراحة: هل الاحتفاء بالمرأة يعني التغاضي عن مسؤولياتها في بناء المجتمع؟
يقولون إن المرأة نصف المجتمع، لكن الحقيقة أعمق من ذلك: المرأة هي المجتمع كله، فهي من تربي النصف الآخر وتصنع رجال الغد. فإن كانت على قدر هذه المهمة، خرجت أجيال تحمل القيم والمبادئ، وإن هي تخلت عن دورها، تفككت الأسر وانهارت الأخلاق، وعم الفساد.
فاليوم، نعيش في عالم تحولت فيه بعض الشعارات التحررية إلى معاول هدم للأسرة والمجتمع. لم يعد الحديث عن القيم والحياء والالتزام مقبولا، بل صار ينظر إليها على أنها قيود يجب كسرها. لكن، هل يمكن لمجتمع أن ينهض بغير الأخلاق؟ وهل يمكن للمرأة أن تحقق ذاتها على أنقاض مسؤولياتها الفطرية؟
إن تكريم المرأة لا يكون بترديد العبارات الجوفاء، بل بإعادتها إلى مكانها الحقيقي: قائدة في بيتها، وصانعة للقيم، وسيدة في مجتمعها. لا يعني هذا أبدا تقييدها أو حرمانها من حقوقها، بل إعادة التوازن الذي ضاع وسط صخب الشعارات الفارغة.
إن احتفلنا بالمرأة، فلنحتفل بها كأمٍ تربي، وكزوجة تبني، وكأخت تحافظ على شرف عائلتها، وكابنة تكون مصدر فخر لوالديها. ولندرك أن انهيار المرأة أخلاقيا يعني انهيار الأمة بأكملها.
لا يعد عيد المرأة يوماً للمطالبة بالحقوق فقط، بل يجب أن يكون يوما للمحاسبة: ماذا قدمت المرأة لمجتمعها؟ هل كانت سببا في بنائه أم في هدمه؟ إذا أردنا التغيير الحقيقي، فلنعد للمرأة هيبتها، لا عبر شعارات زائفة، بل عبر تمكينها من أعظم قوة يمكن أن تمتلكها: الأخلاق والقيم.

هشام فرجي