الرئيسيةالأولىفي مثل هذا اليوم: ميلاد السياسي والأديب المغربي علال الفاسي

في مثل هذا اليوم: ميلاد السياسي والأديب المغربي علال الفاسي

علال بن عبد الواحد بن عبد السلام بن علال، الفاسي الفهري (مواليد 8 محرم 1328 هـ / 20 يناير 1910م، فاس – توفي في 20 ربيع الثاني 1394 هـ / 13 ماي 1974م، بوخارست) سياسي وأديب مغربي، مؤسس حزب الاستقلال وزعيم الحركة الوطنية المغربية، وأحد أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين، التي دعت إلى نوع من السلفية التجديدية، رفقة محمد عبده ورشيد رضا ومحمد الطاهر بن عاشور وغيرهم.
المولد والنشأة
ولد علال الفاسي في مدينة فاس المغربية، ونشأ في بيت علم ودين، فأبوه عبد الواحد كان يشتغل بالتدريس في جامعة القرويين، وعمل بالقضاء لعدة سنوات. وينتمى لأسرة عربية عريقة هاجرت من الأندلس إلى المغرب واستوطنت بمدينة فاس تحت اسم بني الجد واشتهرت بآل الفاسي الفهري، ومن هذه الأسرة السيدة فاطمة بنت محمد الفهري التي بنت بمالها جامع القرويين الشهير، عام 245 هجرية. التحق علال الفاسي وهو دون السادسة من عمره بالكُتّاب، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بعد ذلك بإحدى المدارس الابتدائية الحرة التي أنشأها زعماء الحركة الوطنية في فاس، وكانت المملكة المغربية آنذاك قد خضعت لما يسمى الحماية الفرنسية سنة ( 1330هـ = 1912م) ووقعت في براثن الاحتلال. ثم انتقل بعد ذلك إلى جامعة القرويين، وهي واحدة من أهم جامعات العالم الإسلامي، تخرج فيها كل زعماء الحركة الوطنية المغربية، وحفظت لبلاد المغرب لسانها العربي وثقافتها الإسلامية وبرزت شخصية علال في هذه الفترة وهو لا يزال طالبا، ولفت الأنظار إليه بفصاحته وعذوبة لسانه وقدرته على التأثير في مستمعيه، وجرأته في قول الحق غير هياب ولا وجل، فشارك في الدفاع عن قضية تزويد مدينة فاس بالماء، وكانت سلطات الاحتلال الفرنسي تحاول حرمان السكان منها، وساعد عبد الكريم الخطابي في جهاده ضد الاحتلال الفرنسي، ودفعته همته إلى تأليف جمعية أطلق عليها “جمعية القرويين لمقاومة المحتلين” جمع إليها زملاءه من الطلاب، وظل علال الفاسي على نشاطه الدائب حتى نال شهادة العالمية من جامعة القرويين سنة (1351هـ=1932م) ولم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره.

مسيرته العلمية
عمل مدرساً بالمدرسة الناصرية، وذلك أثناء دراسته بالقرويين. وبعد تخرجه وحصوله على إجازة من والده، ومن عمه الفقيه عبد الله الفاسي، ومن شيخيه العلامتين أبي شعيب الدكالي ومحمد بن جعفر الكتاني، وصار يدرّس بجامع القرويين حول التاريخ الإسلامي.

وعمل أستاذاً محاضراً بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين بفاس، كما عمل محاضراً بكليتي الحقوق والآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومحاضراً بدار الحديث الحسنية بالرباط. وهو صاحب فكرة إنشاء وزارة للشؤون الإسلامية بالمغرب. وكان له فضل حث الملك الحسن الثانى سنة 1964م على إنشاء دار الحديث الحسنية. كما كان له دور بارز في تطوير جامعة القرويين واستحداث كلية الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية. وكان عضواً ومقرراً عاماً في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي شُكلت في فجر الاستقلال المغربي. كما أن له باعاً طويلاً وقدماً راسخة في الفقه الإسلامي وخاصة الفقه المالكي والفقه المقارن، وله اجتهادات فقهية يحتج بها علماء المغرب والجزائر وتونس. وانتخب عضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية بدمشق وبمجمع اللغة العربية بالقاهرة.

مسيرته السياسية
انخرط علال الفاسي في العمل الوطني المغربي ومقاومة المحتل الفرنسي، وتنقسم مسيرته الجهادية بعدة مراحل. في بداية نشاطته تأسيس جمعية من زملائه الطلبة في القرويين أطلق عليها “جمعية القرويين لمقاومة المحتلين” لدعم المجاهد المغربيّ عبد الكريم الخطابي. وأيد موقف شيوخه الدكالي والعلوي بمعارضة الظهير البربري، فألقى عدة خطب في التحذير منه، وبسبب فصاحته وخطاباته المؤثرة كانت تستجيب له الجماهير فتخرج المظاهرات الحاشدة تندد بهذه السياسة، ولذلك اعتقلته السلطات الفرنسية وهو طالبٌ بالعالمية، ونفته إلى بلدة تازة، ثم عاد بعد الإفراج عنه إلى فاس سنة 1931م، فمنعته من التدريس، فانصرف إلى جامع القرويين يلقي الدروس العلمية الليلية عن تاريخ الإسلام، وعن سيرة نبي الإسلام، مقارنا بين حالة المسلمين الأوائل وواقع إخوانهم المعاصر، وقد جذبت هذه الدروس اهتمام المغاربة من الرجال والنساء، ولم يكتف بهذا، فاختار نخبة من زملائه وأوفدهم إلى شتى القرى للتوعية وتأجيج الشعور الوطني.

,في عام 1933م حاولت الإدارة الفرنسية اعتقاله مجدداً فسافر إلى إسبانيا و سويسرا، واتصل بالأمير شكيب أرسلان وجماعته. وعاد إلى المغرب عام 1934م فشارك في تأسيس كتلة العمل الوطني، وكما أسس أول نقابة للعمال سنة 1936م. وبعد تقديم وثيقة مطالب الشعب المغربي سنة 1937م للسلطات الحماية، أبعدته السلطات إلى الغابون منفياً إلى سنة 1941م، ثم إلى الكونغو حتى سنة 1946م، حبيساً في زنزانةٍ، ولم يسمحوا له بمصحفٍ إلا بعد عامٍ ونصف. بعد إطلاق سراحه، وانشقاق محمد الحسن الوزان عن الكتلة الوطنية، أنشأ مع رفاقه حزب الاستقلال ثم سافر متنقلاً بين البلاد العربية والأوروبية يدعو لاستقلال المغرب عن فرنسا، وقد استطاع في هذه الجولات أن يتصل بكثيرين من القادة والزعماء والمجاهدين في العالم الإسلامي.

عاد إلى المغرب سنة 1949م فمنعه الفرنسيون من الدخول، فأقام بمدينة طنجة، وكانت يومئذ منطقة دولية.وفي سنة 1953م قام الاستعمار الفرنسي، بنفي الملك المغربي محمد الخامس بن يوسف خارج البلاد، فدعا علال الفاسي الشعب المغربي للثورة ضد فرنسا، وكان قائد الثورة حتى عودة الملك، واستقرار أمر البلاد.

بعد نيل المغرب استقلاله سنة 1375هـ/1955م ورجوع الملك محمد الخامس إلى عرشه عاد علال الفاسي إلى المغرب بعد غياب عشر سنوات قضاها في القاهرة، وعاود نشاطه القديم فتولى رئاسة حزب الاستقلال الذي أنشئ من قبل، واختير عضوا رئيسيا في مجلس الدستور لوضع دستور البلاد، ثم انتخب رئيسا له، وقدم مشروع القانون الأساسي، وشارك في وضع الأسس الأولى لدستور سنة 1962م، ودخل الانتخابات التي أجريت سنة 1383هـ/ 1963م ودخل الوزارة، وإليه يرجع الفضل في إنشاء مشروع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.

بعد وفاة الملك محمد الخامس، تولى وزارة الدولة للشؤون الإسلامية عام 1961م، ثم استقال عام 1963م، وانضمّ بحزبه حزب الاستقلال إلى صفوف المعارضة.

وفاته
ألقى أحد الدروس الحسنية في شهر أكتوبر 1973م، وكان الدرس الوحيد الذي تفرغ له وكتبه تحريرا. ووافته المنية في يوم الاثنين 20 ربيع الآخر 1394هـ – 13 ماي 1974م، وكان موجودا في بوخارست عاصمة رومانيا، في زيارة لشرح وبيان قضية المغرب و الصحراء الغربية، والقضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *