تعتبر الثقة بالنفس من أهم الخصال، التي تميّز الشخصية القوية، المتقبلة لكل السلبيات والإيجابيات الجسدية والشخصية والفكرية، والمتعايشة معها، بل والافتخار بها. وتُعرّف الثقة بالنفس، على أنها ثقة الفرد في قدراته وإمكانياته وقراراته، أو الاعتقاد بأنه قادر على مواجهة تحديات ومتطلبات الحياة اليومية بنجاح .
إن الشخصية القوية، تُعدّ جاذبةً للجميع، فلا يوجد إنسان منا يُحب الشخص الضعيف، فنحن دائمًا نستمد قوتنا من الأقوياء المحيطين بنا. لكن قوة الشخصية غير مرتبطة أبدًا بالظلم أو التسلّط، بل على العكس، فالقوة في الشخصية تدفع صاحبها إلى أن يكون عادلًا، ولا يخشى في الحق لومة لائم.
ولعل الثقة بالنفس من الصفات التي تجلب السعادة للشخص أيضًا . ذلك أنه عندما يكون واثقًا من قدراته، فإنه يكون أكثر سعادةً بسبب نجاحه، وكلما شعر بشعور أفضل حول إمكانياته وقدراته، زاد نشاطه، وحماسه لاتخاذ القرارت، والشروع في تحقيق الأهداف. أما إيجابيات الشخصية القوية، أنها يُتاح لها الكثير من الفرص، في الدراسة والعمل والحياة. فضلا عن كون مثل هذه الشخصية، تتمتع بمؤهلات عالية لاستلام المناصب الإدارية والقيادية، في أي مكان وُجِدت. كما أن الشخصية القوية أقل تأثرًا بالعوامل الخارجية، وبثرثرة المحيط. إذ أن الشخص القوي، لا يهتم بانتقادات الناس، لأن قوته نابعة من داخله، وليس بحاجة إلى قوة خارجية تدعم ثقته بنفسه، فهو قادر على الثبات، رغم التحديات. ومن هنا تكون الشخصية القوية محط أنظار الجميع، أينما حلت وارتحلت. وعليه، فإن الجاذبية والكاريزما، تعتمدان اعتمادًا أساسيًّا، على ثقة الشخص بنفسه، وقوته الداخلية.
ويستطيع صاحب الشخصية القوية، التكيّف مع مشكلات الحياة، وقبولها بطريقة مختلفة، للوصول إلى هدفه الرئيسي في حياته، بحيث لا يسمح للعثرات بالحيلولة دون تحقيق أهدافه، أو باستسلامه أمام أبسط المعضلات. ولما كان كثيرً من الناس يطمحون إلى تطوير شخصيتهم، وتحويلها إلى شخصية قوية ومؤثرة؛ كان من الواجب عليهم الاهتمام بمجموعة من أساليب القوة الذاتية، المساعدة على تقوية الشخصية عادة. من ذلك:
ـ التصالح مع الذات: وهو أمر يتمثل في تقبل سلبيات وإيجابيات الشخصية، من أجل التعرف إلى السلبيات، والعمل على علاجها، واكتساب القدرة على اتخاذ القرارات: فالقدرة على أخذ القرارات، وثبات نجاحها يزيد من ثقة الإنسان بنفسه، وبقدرته على اعتماد القرارات الصائبة، كما أنها تزيد من ثقة الناس فيه وفي آرائه.
ـ الاهتمام بالشكل الظاهري: فهذا الأمر يُعطي الشخص ثقةً عاليةً بنفسه، فيهتم بأناقته وجماله وشكل جسمه، من خلال الغذاء المناسب، وممارسة الرياضة، والأمور التي تجعل مظهر الشخص لافتًا للنظر، وجميلًا في عيون من يرونه، مما يزيد من ثقته بنفسه.
ـ تصور الشخص نفسه كما يريد أن يكون: فالتصور، هو رؤية الذات بصورة يفتخر بها الشخص ذهنيًا، ففي الأوقات التي نعاني منها من انخفاض في الثقة بالنفس، غالبًا ما نحصل على تصور ضعيف لأنفسنا، وغالبًا ما يكون هذا التصور غير دقيق، ولمعالجة هذا الوضع، يجب تصور نسخة جيدة من الشخصية، للتمكن من تحقيق الأهداف.
ـ تعزيز النفس: نحن نميل إلى التصرف وفقًا لصورتنا الذاتية، والمشكلة التي تحول دون إجراء تغيُّر دائم، في طريقة الظهور أمام الآخرين، وتعزيز النفس، هو الافتقار إلى التصريحات الذاتية الإيجابية. وتكون هذه الطريقة أكثر فعاليةً، إذا قيلت بصوتٍ عالٍ مسموع. فنحن نميل إلى الإيمان بكل ما نقوله لأنفسنا باستمرار، وعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يكره شيئًا ما في مظهره، فعليه أن يقول شيئًا ما يعجبه، أو يقدره عندما ينظر إلى المرآة.
ـ فعل شيء مخيف كل يوم: فأفضل طريقة للتغلب على الخوف، هي مواجهته وجهًا لوجه، من خلال القيام بشيء يخيف النفس، مما يؤدي إلى اكتساب الثقة بعد كل تجربة.
ـ التوقف عن انتقاد الذات: فقد يتسبب هذا في الشعور الذاتي بانعدام الكفاءة، والتردد، والاستسلام، وهو ما يضرب التقة بالنفس لدى الشخصبة في المقتل.
إنها خمس نصائح، موجهة لكل من يريد أن يكون قويا. فأحيانا يحتاج إلى بعض الملاحظات السريعة، ليتذكر كيف يكون قويا.
وهنا نتساءل هل الشخصية فطرية أم مكتسبة؟
والشائع هو أن الطبع يغلب التطبع، بالنسبة لطرق تطوير شخصية الإنسان وتقويتها. والحقيقة أن علماء النفس قد اختلفوا حول هذا الموضوع، فمنهم من قال إن الشخصية مكتسبة من البيئة والتعلم، ومنهم من قال إن الطباع هي بصمات فردية، لا يمكن تغييرها، وتولد مع الإنسان. وقد أشارت الدراسات الحديثة، إلى أن الوراثة تسهم في جزء كبير من تكوّن الشخصية، إلى جانب الاكتساب من البيئة والتعلم.
وبهذا تكون الثقة بالنفس، من أهم العناصر والصفات، التي تخلق لدى الإنسان شخصية قوية، قاتدرة على إثبات الذات في كل محافل المجتمع، ومواجهة صعاب الحياة ومفاجآتها.