الرئيسيةأخبارالبدايات الأولى لفاطمة الركراكي كممثلة سينمائية

البدايات الأولى لفاطمة الركراكي كممثلة سينمائية

على إثر وفاة الممثلة القديرة فاطمة الركراكي في الساعات الأولى من صباح  الإثنين 2 غشت 2021، عممت وكالة المغرب العربي للأنباء ورقة حول المسار الفني للراحلة تضمنت مجموعة من المعطيات الخاطئة، التي تناقلتها مع كامل الأسف ودون تمحيص مختلف المنابر الإعلامية الوطنية وغيرها، من بين هذه المعطيات الخاطئة كون أول وقوف لها أمام كاميرا السينما كان مع الممثل الراحل حميدو بنمسعود في فيلم بعنوان “شمس”.

“شمس الربيع” وليس “شمس”:

 الواقع أن العنوان الصحيح لهذا الفيلم المغربي هو “شمس الربيع” (1969) للمخرج لطيف لحلو. ومعلوم أن الراحل حميدو شخص فيه دور البطولة المطلقة وإلى جانبه ممثلون مسرحيون محترفون في أدوار صغيرة تفاوتت قيمتها ومساحتها الزمنية من ممثل لآخر إضافة إلى ثلة من الممثلين والممثلات غير المحترفين. من بين هؤلاء الممثلين المحترفين، الذين أصبحت لهم فيما بعد مكانتهم الاعتبارية كممثلين ومخرجين ومؤلفين وغير ذلك، نذكر محمد عاطفي وبوجمعة أوجود والراحلون عائد موهوب (وليس الراحل عزيز موهوب كما هو مكتوب خطأ في جنيريك الفيلم) ومحمد الكغاط وأحمد زكي العلوي ومحمد حماد الأزرق ومصطفى التومي… أما في الجانب النسائي فقد شاركت الراحلة فاطمة الركراكي في هذا الفيلم بدور صغير لا تتجاوز مساحته الزمنية ثلاثين ثانية، حيث شخصت في ثلاث لقطات فقط من مشهد واحد داخل المنزل دور زوجة البطل أثناء الحلم وهما بصدد الاستعداد لتناول شاي وحلوى رفقة إبنهما الصغير.

 وبغض النظر عن قصر المساحة الزمنية لهذه الأدوار غير البطولية فقد أظهر هؤلاء الممثلون المحترفون علو كعبهم في التشخيص، إذ المعروف عند المتخصصين أنه ليس هناك دور كبير ودور صغير وإنما ممثل كبير أو ممثل صغير.

أول أفلامها سينمائية:

يمكن إذن اعتبار “شمس الربيع” أول فيلم سينمائي روائي طويل شاركت فيه الممثلة الراحلة فاطمة الركراكي، علما بأن الأفلام الروائية المغربية الطويلة الأولى التي أنتجها المغرب من خلال مؤسسة “المركز السينمائي المغربي” في أواخر ستينيات القرن الماضي هي تباعا: “عندما تنضج الثمار” (1968) للعربي بناني وعبد العزيز الرمضاني، “الحياة كفاح” (1968) للراحلين أحمد المسناوي ومحمد التازي بن عبد الواحد، “شمس الربيع” (1969) للطيف لحلو. لكن وقوفها لأول مرة أمام كاميرا السينما كان قبل ذلك بعشر سنوات في الفيلم المغربي القصير “من أجل لقمة عيش” (1960) من إخراج العربي بناني، وهو الفيلم الذي تقاسمت بطولته مع رائد المسرح المغربي الراحل الطيب الصديقي وشارك فيه ثلة من وجوه المسرح آنذاك كحمادي عمور (الممثل الكوميدي) وعلي الحداني (الممثل والزجال وكاتب كلمات الأغاني المعروف) وفريد بنمبارك (الممثل والأستاذ والمخرج)،  رحمهم الله، وغيرهم.

وبعد ذلك بسنوات قليلة شاركت إلى جانب الراحل محمد الكغاط في فيلم قصير آخر بعنوان “شهر عسل بالمغرب” (1963)، وهو فيلم إشهاري ذي طبيعة سياحية من انتاج فرنسي ألماني أخرجه جان ماسون، وبهذا يمكن القول أنها شاركت مع الراحل محمد الكغاط في بداياته السينمائية الأولى قبل “وشمة” (1970) في فيلمين أحدهما قصير (شهر عسل بالمغرب) والآخر طويل (شمس الربيع).

الفيلموغرافيا السينمائية:

من الأخطاء الواردة أيضا في ورقة وكالة المغرب العربي للأنباء الخلط بين عناوين الأفلام السينمائية وعناوين بعض الأعمال التلفزيونية المغربية والأجنبية (أفلام ومسلسلات وسلسلات) التي شاركت فيها الممثلة الراحلة فاطمة الركراكي. ولهذا نذكر ببعض عناوين الأفلام السينمائية التي تتشكل منها فيلموغرافيتها وفق التسلسل الكرونولوجي التالي:

“من أجل لقمة عيش” (1960) للعربي بناني، “شهر عسل بالمغرب” (1963) للفرنسي جان ماسون، “شمس الربيع” (1969) للطيف لحلو، “السراب” (1979) للراحل أحمد البوعناني، “غراميات” (1986) للطيف لحلو، “ما وراء الباب” (1982) للإيطالية ليليانا كافاني، “كريستيان” (1989) للدانمركي غابريال آكسيل، “يا ريت” (1994) لحسن بنجلون، “أنا الفنان” (1978- 1995) لعبد الله الزروالي، “المقاوم المجهول” (1995) للعربي بناني، “وداعا أمهات” (2007) للراحل محمد إسماعيل، “يوم العيد” (2016) لرشيد الوالي، “إيما” (2017) لهشام ركراكي…

يبدو من خلال هذه الفيلموغرافيا أن عمر التجربة السينمائية لفاطمة الركراكي قارب ستة عقود (من 1960 إلى 2017)، لم تتح لها خلالها إلا فرص قليلة لإظهار قدراتها التعبيرية أمام الكاميرا. فالمخرجون الذين منحوها في أفلامهم مساحات أطول لتفجير طاقاتها الإبداعية كممثلة كبيرة محسوبون على رؤوس الأصابع وهم تباعا: العربي بناني (من أجل لقمة عيش) وجان ماسون (شهر عسل بالمغرب) وأحمد البوعناني (السراب) ورشيد الوالي (يوم العيد) وهشام ركراكي (إيما). ولعل من أجمل وأعمق أدوارها في السينما ما شاهدناه في الفيلم الروائي الطويل اليتيم للمبدع الكبير أحمد البوعناني “السراب”، بمشاركة الممثلين الكبار محمد الحبشي ومحمد سعيد عفيفي ومحمد رزين ومصطفى منير وعبد الله العمراني، والفيلم الروائي القصير “إيما” للمبدع الشاب هشام الركراكي.

وإذا كان واقع السينما بالمغرب لم يتح لها فرصا مناسبة لتفجير طاقاتها الإبداعية الهائلة في التشخيص، فإن المسرح، على العكس من ذلك، مكنها، بعد صقل تجربتها مع الهواة وفرق المحترفين، منذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، من أن تصول وتجول على مسارح المغرب وبعض المسارح الأروبية من خلال أدوار تراجيدية وكوميدية بالعربية الفصحى والدارجة المغربية، لا يزال صداها عالقا بذاكرة من شاهدها مباشرة أو مسجلة بكاميرات التلفزيون المغربي في الستينيات والسبعينيات على وجه الخصوص.

ممثلات سينمائيات رائدات:

لم تكن الراحلة فاطمة الركراكي أول امرأة مغربية وقفت أمام كاميرا السينما كممثلة وإنما سبقتها إلى ذلك ممثلات محترفات وغير محترفات منذ المرحلة الكولونيالية، نذكر منهن ما يلي: ليلى عطونة منذ سنة 1930 في فيلمي الفرنسي جان سيفراك “وردة السوق” و”عاصفة في مراكش”، ليلى فريدة في أفلام “المجنون” (1946) للفرنسي جان باستيا و”ياسمينة” (1946) و”منتصف الليل، زنقة الساعة الحائطية” (1947) للفرنسي جان لورديي، يطو بنت لحسن في أفلام “عرس الرمال” (1948) للفرنسي أندري زوبادا و”الوردة السوداء” (1949) للأمريكي هنري هاطاوي و”طبيب بالعافية” (1955) للفرنسي هنري جاك، حبيبة المذكوري في فيلم “علي هو بابا” (1948) من إنتاج استوديوهات السويسي بالرباط، ماكدالينا زوجة أب السينما المغربية الراحل محمد عصفور (لا تزال على قيد الحياة) التي شاركت مع زوجها كممثلة ومصورة واضطلعت بمهام أخرى في أفلامه القصيرة والمتوسطة “عيسى الأطلس” (1951) و”شارلوطو” (1952) و”أموك الذي لا يقهر” (1954) و”بوخو النجار” (1957) و”اليتيم” (1957)، خديجة جمال في فيلم “البير” (1954) للفرنسي جان فليشي، أمينة رشيد في “طبيب بالعافية” (1955) للفرنسي هنري جاك، بديعة ريان في “محنة قدور” (1957) للفرنسي ريشار شوني، فاطمة عبد المالك ولطيفة كمال في “إبراهيم” (1957) أو “بداية وأمل” (التسمية العربية) للفرنسي جان فليشي…

أحمد سيجلماسي

المرفقات:

1، صورة من فيلم “شمس الربيع” تظهر فيها فاطمة الركراكي إلى جانب حميدو بنمسعود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *