– ماهو المشترك، إن كان هنالك، بين فيلمك الأول “الوتر الخامس” وفيلمك الجديد “أنديكو”، وهل هناك رؤية واضحة تُؤثّث فيلميك هذين لتُكوِّن خيطا رابطا بينهما؟
– أحب الاشتغال على الرُّوحانيات والإلهام، وفي الفيلمين توجد هاتان التيمتان، “مالك” في “الوتر الخامس” موسيقي شاب يبحث عن الإبداع والإلهام من خلال الموسيقى ويستطيع الوصول للوتر الخامس الذي يمثل الروح بفضل هاته الموسيقى، ونورا في “أنديكو” طفلة تبحث عن ذاتها وتذهب بحثا عنها بفضل هِبَة عبارة عن حدس يُمكِّنها من معرفة مايقع.
– لماذا اختيارك الاشتغالك على ماهو روحي في فيلميك “الوتر الخامس” و”أنديكو”؟
– ضروري أن هناك شيئا مني في الفيلمين، وأنا منجذبة نحو كل ماهو روحاني وأظن أنه شيء مهم جدا ونحن الآن في أمس الحاجة إليه، نظرا لأننا نتواجد في مجتمعات فقدت أوكادت قيمها الإنسانية وابتعدت عنها واقترب كثيرا من قيم الاستهلاك بل الاستهلاك المفرط والزائد عن الحاجة والمظاهر الخادعة والأنانية وحب الذات المُفرط والمَرضِي، بحيث أصبحنا نتناسى أننا بشر يجب علينا أن نتبادل الأجمل والنقي فينا، والذي سيمكننا من ذلك هو روحنا وضميرنا، وبالنسبة لي أمر جِدُّ مهم أن أمرر هذا في أفلامي وذلك كمثل زجاجة أرميها في البحر تضم في طياتها رسالة بهذا المعنى.
– كيف كان اشتغالك مع الطفل والطفلة في الفيلم وكيف أدرتِهما، وهل وجدت خلال هذه التجربة، كما يذهب إلى ذلك الكثيرون، أن إدارة الأطفال أمر صعب؟
– في البداية كنت جد خائفة، لأني كنت أظن أنني لن أستطيع التعامل معهما، لكن في نهاية الأمر وجدتُ أن الاشتغال معهما كان سَلِسا ومَرَّ في غاية السعادة لكلينا، وقد خلقنا لهما فضاء في البلاطو كي يتحركا فيه على سجيتهما، الطفل أبدى رغبته في أن يصير مخرجا فَقَرَّبتُه مِنِّي وبدأت أشرح له كيفية اشتغالنا، والطفلة قالت أنها تطمح أن تصبح نجمة سينمائية، وهكذا شرحت لها أنه لكي تكون كذلك عليها أن تُعبِّر عن أحاسيسها وساعدتها في فعل ذلك فاطمأنت إلي وأنا كذلك اطمأنت لها وانسجمت معها، وهكذا استطعنا العمل معا واستخراج أفضل ما فينا، لقد كانت مغامرة جميلة، وفي الأخير استخلصت أنني كنت جد سعيدة وأنا أصور هذا الفيلم.
– هل لديك مرجعيات سينمائية حاولتِ استغلالها في فيلمك “أنديكو” ؟
– تأثرت طبعا بمخرجين كبار لكن ليس واحدا بالتحديد فأنا أتَهرَّب من عمل “تكريمات” أو إبداء مرجع سينمائي ما في في فيلمي. تاركوفسكي يُكَلِّمُني في كل مشروعه السينمائي بالعلاقة مع الزمن والذاكرة ، وأحب كذلك أعمال بيرغمان خصوصا في اشتغاله على دواخل الشخوص ونفسياتها المعقدة وكل هذا العمل الجيد الذي يظهر في نظرات الشخصيات والذي يعبر على كونها وحيدة، أحب أيضا أفلام أورسون ويلز خصوصا “المواطن كاين”، في ذلك البحث المضني عن شيء لانجده ولا نصل إليه مع الشخصية إلا في النهاية، كل هذه الأمور أثَّرَت فيَّ وربما تَجدها بشكل من الأشكال في فيلمي.
– أخذتِ وقتك وانتظرت سبع سنوات قبل أن تُخرجي فيلمك الثاني ، هل هي مسألة إمكانيات مادية أم أنت من تتعمَّدين ألا تُسرعي في إنجاز أفلامك، ثم كم من الوقت أخذت في كتابة السيناريو قبل المرور لمرحلة التصوير؟
– كتبت السيناريو في وقت قصير لكنني كنت أشتغل عليه في في ذهني قبل ذلك بمرحلة طويلة، أنا أشتغل دائما هكذا ونفس الشيء حدث معي في فيلم “الوتر الخامس”، وبخصوص سيناريو “أنديكو” انزويت في بيت معزول حيث لا ألتقي بالبشر وأخذت في الكتابة المسترسلة حتى انتهيت منه.
حاورها في خريبكة: عبد الكريم واكريم