عرفت قاعة دار الثقافة بالقصر الكبير يوم 4 غشت 2018 الكبير حضور جد متميز لمناقشة ندوة : ” معركة القصر الكبير من الصدام العسكري إلى اللقاء الحضاري” والمنظمة من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، وفرع الجامعة للجميع للتعلم مدى الحياة بالقصر الكبير ، والمجلس الترابي لنفس المدينة ، حضره سفير دولة تركيا وممثلة سفيرة البرتغال المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير وممثلين السلطة الاقليمية والمحلية برلمانيون الجهة والإقليم وثلة من مثقفين المدينة .
الندوة العلمية ترأسها الأستاذ إدريس حيدر وأطرها بتصور عام يعتبر تخليد ذكرى المعركة محاولة هامة لقراءة التاريخ المحلي قراءة جادة، تيسر سبل الانفتاح على الموروث الإنساني التاريخي الاجتماعي الثقافي … عن طريق حفريات في الذاكرة المشتركة بين البلدين: المغرب والبرتغال.
الأستاذ رشيد الجلولي منسق الجامعة للجميع للتعلم مدى الحياة فرع القصر الكبير تطرق في مستهل كلمته عن هدف تنظيم مهرجان معركة القصر الكبير ورسم خرائط معرفية جديدة حماية للتراث وجعله بوابة نحو مبادرات جادة باستقبال فرق عالمية في إطار منتدى سبع شموس سبعة أقمار …وتنشيط خطوط الديبلوماسية بزيارة سفيرة البرتغال للمدينة، كل ذلك في إطار عمل استراتيجي يتوخى مأسسة العمل مستقبلا ضمن بعد معرفي يشتغل على تنشيط الذاكرة المشتركة.
السيد مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير فقد رأى في عقد ندوة من الصدام العسكري الى اللقاء الحضاري موضوعا يكتسي صبغة الجدة والشمول والعمق، معتبرا حدث المعركة حدثا مفصليا ونوعيا يستحق مقاربة جديدة في كتابة التاريخ تنتقل من الصدام العسكري إلى آفاق أرحب ضمن تداول معرفي يشرك كافة الأطراف فالواقع لا يحتمل القراءات الأحادية، فالبحث التاريخي المشترك رافد متين من روافد العلاقات المغربية البرتغالية ليختم بأن المغاربة لم يكونوا طلاب حرب، وإنما أجبروا على خوضها.
كما تناول الكلمة كل من رئيس الجماعة الترابية للقصر الكبير ورئيس المجلس الإقليمي بعدها اسندت الكلمات بالتوالي الى الاساتذة المحاضرون
_ الدكتور عثمان المنصوري الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق ، تقدم بورقة عمل حول التاريخ والتنمية ، القصر الكبير والمنطقة نموذجا، والدور الذي يمكن أن يلعبه التاريخ كإطار للتنمية الوطنية عموما والمحلية خصوصا. بعيدا عن استحضار تاريخ معركة وادي المخازن كمحطة للانتصار أو الانكسار، بل يجب استثمار الحدث لتنمية المدينة، فأي دور للتاريخ في ذلك؟ ولأجله دعا الدكتور عثمان المنصوري إلى قراءة التاريخ قراءة تعرف المواطن العادي لتاريخه، هذا التاريخ الذي هو جزء من تاريخ جيراننا البرتغاليين أيضا.
كما دعا الدكتور المنصوري إلى التخلص من النظرة الأحادية لتاريخ المعركة، وتعميق البحث حولها، والحفاظ على ما تبقى من المعالم التاريخية حتى يتحول التاريخ إلى قطار للتنمية لأن الهدف الأسمى من وراء كل الخطوات خلق دينامية تستفيد من الموروث الثقافي بخلق قطب أو مسار سياحي، يتم التعريف بالمنطقة وتشجيع السياحة التي من مرتكزاتها تحسين الخدمات من طرق ومسالك وفنادق …..
_ الدكتور محمد اللمراني الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مولاي اسماعيل مكناس ، تحدث عن الذاكرة المشتركة للدولتين المغرب والبرتغال والتي انطلقت منذ التواجد المرابطي و الموحدي بهذه الأخيرة إلى الآن ،كما اقترح المحاضر إنشاء متحف يوثق لذلك من ملابس عسكرية ، وأسلحة، وعقد الندوات، وتشجيع التأليف، ودراسة المعمار العسكري دراسات مختصة.كما ابرز الدور الذي لعبه أبو الحسن علي بن خلف بن غالب الأنصاري أو ما يسمى عند العامة مولاي علي بوغالب صلة وصل بين البرتغال والمغرب. بحيث أعطى نبذة عن هذه الشخصية المؤثرة منذ ولادته بشلب، وانتقاله لقرطبة، ثم لفاس 1145 م وأخيراً الاستقرار بمدينة القصر الكبير، والذي ذكره ابن العارف في أكثر من عشرين رسالة
_ الأستاذ محمد أخريف تناولت مداخلته أوجه التسامح التي طبعت المغاربة والبرتغاليين قبل معركة القصر الكبير وبعدها ، وعددها من خلال وثائق مصورة تبرز الدور الذي لعبه المغاربة عامة وسكان القصر الكبير وأحوازه خاصة .وتحدث الأستاذ أخريف عن الرسالة التي بعثها عبد المالك السعدي لملك البرتغال في محاولة لثنيه عن المواجهة ، وهو ما يعتبر نبذا للحروب ومخلفاتها.
كما أشار للمعاملة المغاربة الطيبة لأسرى الحرب البرتغاليين. وتطرق الأستاذ الباحث لمحضر تسليم جثة سيبستيان لخاله في سبته، واعتبر ذلك سلوكا حضاريا استجاب لرغبة حكام البرتغال ورغبة الأسرى الذين عينوا من ينوب عنهم لتحقيق هذا المطلب والمشاركة في نقل الجثمان.
التسامح والصفح كان متبادلا بين الطرفين. يضيف الباحث محمد أخريف ان مظاهر التسامح تجلى على مستويين : مستوى السلطات سواء كانت مركزية أو محلية بالقصر الكبير ، ومستوى شعبي ، و الكل كان مؤمنا بهذه القيمة الحضارية .
_مداخلة الدكتور دوراي كربك نائب رئيس معهد تاريخ تركيا في موضوع ” العامل الجغرافي ونوعية الإنسان ‘ وقد ابرز في مداخلته مجمعة خرائط تاريخية توضح امتداد الدولة المغربية قبيل معركة وادي المخازن وأثناءها ، كما اكدانه كان تواجود تحالف إسلامي في مواجهة الآخر الصليبي ، وقد ترجم ذلك قبل المعركة بسنوات ، وأثناءها بوجود فرسان وأسلحة تركية.كما وصف العلاقات السعدية العثمانية بالجيدة وصلت لحد تبادل الهدايا بين الدولتين ، وتواجد الأسطول البحري العثماني بالمتوسط بمعبر جبل طارق . الدكتور القدوري قدم للحاضرين قراءات لحدث المعركة قد تكون مختلفة ( الفشتالي يتحدث عن معركة المخازي، قراءة الناصري تختلف، علال الفاسي انطلاقا من وضعية خاصة).
واعتبر الاحتفاء بحدث المعركة له رمزية تحيي الحدث وتقوي أبعاده، فالذكرى بحسب القدوري تخاطب الوعي التاريخي من أجل بناء المواطنة ولن يتحقق ذلك إلا بمشروع يمأسس مخيال المجتمع ليهتم
بالتاريخ وينفتح على المؤرخين المحترفين، فالهواة منهم عادة ما يسيئون للكتابة.
وهكذا انطلق من الاحتفاء بالمعركة مع علال الفاسي مباشرة بعد الاستقلال من منطلقات سياسية …. معتبرا دور المؤرخ حاسما وفاعلا في ذلك لا للعيش في الماضي ولكن لبناء مستقبل أفضل.
الخبير فريدريكو المهندس المعماري تطرق في محاضرته لاعتماد مدينة “لاغوس” البرتغالية على سياسة ثقافية لحل مشاكل اقتصادية واجتماعية، باستثمار التراث المعماري وغيره في مدينة لا يتعدى سكانها 38000 نسمة لكنها تستأثر بثلث سياح البرتغال والذين يقبلون على زيارة المعالم التاريخية واقتناء منتوجات الصناعة التقليدية والمنتوجات الفلاحية.
ودعا فريديريكو إلى استفادة مدينة القصر الكبير من تجربة مدينة لاغوس في إطار التوأمة التي تربط المدينتين بتقوية السوق السياحي عبر برنامج متكامل…
وفي نهاية الندوة تم توقيع اتفاقية إطار بين فرع الجامعة للجميع بالقصر الكبير وجمعية أبناء المقاومين بالمدينة.
كما تلا السيد حسن الحسناوي النائب الأول لرئيس المجلس البلدي برقية ولاء واخلاص مرفوعة لصاحب الجلالة نصره الله.
وبعد الندوة مباشرة قامت فرقة من ” الخيالة ” بجولة عبر اهم شوارع المدينة تابعها السكان وضيوف المهرجان بشغف كبير.
أمينة بنونة-الفصر الكبير