الرئيسيةأخبارفي احتفالية شعرية نظمتها دار الشعر بمراكش الشعراء والمشاركون في ملتقى “سحر القوافي” بالعيون يطلقون “نداء العيون الشعري”

في احتفالية شعرية نظمتها دار الشعر بمراكش الشعراء والمشاركون في ملتقى “سحر القوافي” بالعيون يطلقون “نداء العيون الشعري”

اعتلت الطفلة الصغيرة “مللة” خشبة دار الثقافة أم السعد، في اختتام ملتقى “سحر القوافي” بالعيون ليلة السبت 23 مارس، قرأت مقطعا شعريا قصيرا، تعبر فيه عن شغفها بالشعر ومحبتها لوالديها. قبلها بلحظة قرأ الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، نداء العيون الشعري، والذي أطلقه الشعراء والمشاركون بملتقى “سحر القوافي”. الملتقى الذي التقت حساسيات شعرية من أجيال مختلفة، ومن أنماط شعرية متنوعة (فصيح، وحساني وزجلي..)، كي يحتفون بالقصيدة في أرقى تجلياتها.

احتفاء باليوم العالمي للشعر بالعيون
تحت إشراف وزارة الثقافة والاتصال، احتضنت مدينة العيون تظاهرة شعرية كبرى، موسومة ب”سحر القوافي”، نظمها دار الشعر بمراكش يومي الجمعة والسبت، 22 و23 مارس 2019، احتفاء باليوم العالمي للشعر. هذه الفقرة الشعرية التي تسعى من خلالها الدار، الانفتاح على بلاغات القصيدة، وهذه المرة في تمازج خلاق مع الشعر الحساني. وتوزع هذا اللقاء الشعري على فقرات شعرية تحاور من خلالها القصيدة العمودية أنماط الشعر وألسنه، في اقتراب من بلاغات النص الشعري الحساني (لغنا) وبحضور أصوات شعرية احتفت بأنماط القصيدة ورؤاها، كما نظمتفقرة ماستر كلاس لاستقصاء شعر “التبراع” من خلال مداخلة أطرتها الشاعرة والباحثة أم الفضل ماء العينين.
وشهدت هذه الاحتفالية الشعرية مشاركة شعراء وشاعرات، ينتمون للنسيج الشعري والثقافي الحساني. فبعد احتفالية “سحر لغنا” بالداخلة، والتي نظمتها دار الشعر بمراكش، ضمن فقرة خيمة الشعر الحساني وشارك فيها رواد هذا النمط الشعري المغربي، سعت الدار، وضمن استراتيجية الانفتاح على باقي مدن وجهات الجنوب، الى خلق حوار شعري بين مختلف التجارب والحساسيات الشعرية، وبكافة أنماط الكتابة الشعرية التي يشهدها هذا المنجز (فصيحا، أمازيغية وحسانيا وزجلا). احتفالية العيون الشعرية، والتي نظمتبتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال- قطاع الثقافة العيون الساقية الحمراء، شهدت مشاركة الشعراء: مصباح النعمة – محمد الإمام ماء العينين – حمزة العمري – محمد النعمة بيروكـ – أم الفضل ماء العينين–أبو فراس بروك–محمد البيهي– الى جانب مشاركة الاستاذة فاطمة الزهراء وامو في التأطير، وفي الفقرة الفنية كل من فرقة “رؤية الجنوب”، وفرقة جمعية نجوم الفن للموسيقى الحسانية بالعيون.

نداء العيون الشعري:
سجل المشاركون، في ملتقى العيون الشعري “سحر القوافي”، والذي نظمته دار الشعر بمراكش يومي 22 و23 مارس بدار الثقافة أم السعد بالعيون، هذا الانفتاح “البليغ لدار الشعر بمراكش على باقي جهات ومدن المملكة بالجنوب المغربي”، واعتبروه فضاء للحوار الشعري الخلاق بين مختلف أنماط الكتابة الشعرية المغربية واحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي وتعدده. كما باركوا خطوات التعاون الثقافي المشترك بين وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بالشارقة الامارات العربية المتحدة، واعتبروه تجسيدا لإرادة يكون فيها الشعر لحمة الشعبين الشقيقين. كما أكدوا على ضرورة جعل الشعر الحساني ضمن مجالات الاهتمام بالمشهد الثقافي المغربي، لأنه رافد من روافد هوية المغرب المتعددة والمفتوحة. واعتبروا أن الاحتفاء باليوم العالمي للشعر فرصة لإعادة التأكيد على التمسك بقيم الشعر الداعية الى المحبة والتعايش والتقارب وتجسير الهوة بين الثقافات، كما اعتبروا الشعراء خير سفراء للكلمة الصادقة التي تحتفي بإنسانية الإنسان، ودعوا، في النهاية، الى أن يشكل نداء العيون الشعري ، فاتحة لمزيد من الاهتمام بالشعر في أقاليم الجنوب المغربي، وإعطائه المكانة الاجتماعية والثقافية داخل النسيج المجتمعي المغربي.

سحر القوافي: احتفاء بالقصيد وبشعر التبراع
تعددت القراءات الشعرية ضمن فقرة “سحر القوافي”، والتقت القصيدة العمودية مع الشعر الحساني مع قصيدة النثر، في أماسي شعرية احتفت بالقصيدة. وافتتح مدير الشعر بمراكش، الشاعر عبدالحق ميفراني، الملتقى بتأكيده على إرادة المجلس الاداري لدار الشعر بضرورة الانفتاح على جهات ومدن المغرب، واستراتيجية الدار بالاحتفاء ببلاغات القصيدة المغربية وبأجيالها وحساسياتها المختلفة. قرأ الشاعر مصباح النعمة، “مداح الرسول”، نصوصه من “شعر لغنا”، بنفحات روحية تتلمس بعض من قبسات سيد الأنبياء والرسل. واتجه الشاعر محمد الإمام ماء العينين، أحد أهم الحساسيات الجديدة في الصحراء، الى اختياره قصيدة النثر معبرا لأحاسيس شاعر اختار أن يضيء شموس منصة دار الثقافة أم السعد وأطلق بخور الورد، ليقرأ نصوصا شفافة أضاءت أرواح الجمهور. واختتم الشاعر الحساني حمزة العومري، أمسية سحر القوافي الأولى والتي أطرها الشاعر محمد النعمة بيروكـ، بقراءة نصوص تستدعي مواضيع الغزل، يقول الشاعر العومري:
“مَاكًط الحَد أعطَيت .. عَهد ؤعنّو ولَّيت
صَابَر كًد ألِّي رَيت .. مَن شِي فِيه أتفَرصِي
وأعلَ حَاشيت أرخَيت.. لَهنَ عَنَّتْ فَرصي
وافَمرُوتي مَانَرتَاز .. فِيها كَامَل حَرصِي
و نَعرِي عَند التَّغْزَاز .. الحَد أوخرضَرصِي”
قدمت الشاعرة الأستاذة أم الفضل ماء العينين، مداخلة ماستر كلاس، لشباب وطلبة، حاولت من خلالها التأكيد على خصوصية هذا الشعر النسائي، الذي يميز ثقافة “البيضان”. شعر التبراع، الذي تختص به النساء والذي يتميز بالتكثيف وبالمنحى الشذري ويقترب من مواضيع الشعر المعروفة كالغزل وبعض المواضيع الاجتماعية. وأكدت الأستاذة أم الفضل، على ضرورة تدوين هذا المنجز الشعري خوفا عليها من الانمحاء والضياع، ولينتقل الى الأجيال الجديدة. ولعل جزء من الاهتمام بشعر التبراع، كفيل بالحفاظ على هذا التراث الشعري الضارب في عمق ثقافة آهل البيضان بالصحراء. واختارت المحاضرة في نهاية مداخلتها، أن تقرأ بعض المختارات الشعرية من هذا الشعر النسائي، والذي يمتاز ببلاغته الدالة، فيما انفتح النقاش على ضرورة توثيق الشعر والثقافة الحسانية بمختلف تجلياتها.
الأمسية الشعرية الثانية من “سحر القوافي” والتي أطرتها الأستاذة فاطمة الزهراء وامو، شهدت مشاركة أصوات جديدة في القصيدة العمودية، وهكذا قرأ محمد البيهيبعضا من قصائده، والتي تكشف عن صوت شعري يصبغ نصوصه بالحس الصوفي..
“فأظل كسيرا كي أنسى… وأبيت أسيرا من ذكراه
وأعد نجوما لا تحصى ….. وأمد هموما من بلواه
واسيلي الروح بمزمار … فيغني القلب على ليلاه
وبراقي يعرج في العلياء .. وحنين القلب الى لقياه
سبحان الحب إذا أسرى … بالعبد يطير الى مولاه”
واختار أبو فراس بروك، أن يلتقط بحس الشاعر ،المتمكن من تفاصيل البيئة الصحراوية، بعضا من صور كي يلبس نصه الشعري آفاق وأقاصي يروض من خلالها اللغة على غزل المعنى..
“أمامك الآن
سرب راحل
لبثت عصفورة خلفه تبكي على العش
وخلفك الآن
ماض لو أصخت له
لقال : كف أيا مسكين عن نبشي
أنت المسافر في الصحراء
مستندا بالأمنيات على تاريخك الهش
ما زال يحكمك الموتى
وقد رحلوا
لكن طيفهم للآن لم يمشِ”
وأبحرت الشاعرة أم الفضل ماء العينين، في منجزها الشعري، إذ قرأت قصائد تعود الى سنوات متفرقة، منها ما يستعير اللحظة الراهنة، وأخرى سافرت في ذاتها ومفارقات الواقع، وختمت بقصائد تحتفي بقيمة إنسانية نبيلة، إذ تقول:
“وعني بلغ بأني..
أرفض الشمس لو مدت لي يديها ذهبا..
فانا لا أرى للحياة غير الحب معنى ولا سببا..
كنوز الأرض أرفضها ..لو جاءتني
تطلب مني التقربا..
فما جدوى ان اعيش متوجة
وقلبي من الحرمان…قد تعبا
هو الحب ..نعمة الله في الأرض
فرضه الذي علينا قد كتبا..
يندس بين القلب والقلب..يملأ الكون ..شدوا وطربا..
يختال بين الأحبة ملكا..
وغيره على العشاق ما وجبا
فقم للحب الصادق داعيا
فما كل مايلمع ذهبا..”
على صوت الطفلة “مللة”، ونداء العيون الشعري، اختتمت فعاليات ملتقى “سحر القوافي”، في دورة أخرى من دورات لقاءات دار الشعر بمراكش، في مزيد من الانفتاح على جهات ومدن الجنوب المغربي.

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *