رحلت عن عالم الترجمة والأدب ناتاليا راخمانوفا، المترجمة السوفيتية والروسية البارزة للغة الإنجليزية، وصاحبة أول ترجمة روسية لرواية جون آر. آر. تولكين الشهيرة «الهوبيت… ذهابًا وإيابًا»، عن عمر ناهز 95 عامًا. وأعلن خبر وفاتها نجلها أليكسي غوردين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موضحًا أنها توفيت في 21 دجنبر.
وُلدت راخمانوفا في مدينة لينينغراد عام 1930، ودرست اللغة الإنجليزية في كلية فقه اللغة بجامعة لينينغراد الحكومية، قبل أن تبدأ مسيرتها المهنية في الترجمة الأدبية أواخر خمسينات القرن الماضي. وكان أول أعمالها المنشورة ترجمة قصة للكاتب الأميركي كليفورد سايماك بعنوان «ذات مرة على عطارد» عام 1957، لتفتح بذلك مسارًا مهنيًا امتد لعقود وأسهم في تعريف القارئ الروسي بأدب الخيال العلمي والفانتازيا العالمي.
وبرز اسم راخمانوفا على نطاق واسع مع صدور ترجمتها لرواية «الهوبيت» عام 1976، وهي الترجمة التي حظيت بتقدير كبير بسبب حرصها على الحفاظ على روح النص الأصلي وأسلوبه، مع تجنب الإضافات أو التأويلات الزائدة التي قد تغيّر من نبرة العمل. وقد اعتُبرت هذه الترجمة مدخلًا أساسيًا لتعريف أجيال من القراء الروس بعالم تولكين الأدبي.
وفي مقابلة أجرتها عام 2022 مع مجلة طلابية، تحدثت راخمانوفا عن تجربتها مع أعمال تولكين، مؤكدة أن بساطة النص الظاهرية تخفي تعقيدًا لغويًا وإيقاعيًا يتطلب حسًا دقيقًا من المترجم. وأشارت إلى أن التحدي الأكبر يكمن في التقاط المزاج العام للنص والحفاظ على نبرته، محذرة من أن أي إخلال بذلك قد يحوّل العمل إلى نص سطحي يفتقد عمقه الأصلي.
وأوضحت راخمانوفا أن الجانب الأخلاقي في «الهوبيت» كان الأكثر قربًا منها، إذ رأت في طرح تولكين تأكيدًا على أن القيم الإنسانية البسيطة، مثل حب المنزل والسكينة، قد تتفوق على البطولة العسكرية في أزمنة الأزمات. واعتبرت أن هذه الرؤية تتقاطع مع تقاليد الأدب الروسي الكلاسيكي التي تحتفي بـ«الإنسان الصغير»، وهو ما منح الكتاب صدى خاصًا لدى القراء، وجعله عملًا يجمع بين العمق والمتعة في آن واحد.
طنجة الأدبية

