تسجّل السينما العربية حضورًا استثنائيًا في سباق جوائز الأوسكار بدورته الثامنة والتسعين، بعدما نجحت أربعة أفلام من تونس والعراق وفلسطين والأردن في بلوغ المرحلة المتقدمة من المنافسة على جائزة أفضل فيلم دولي، في خطوة تعكس اتساع مساحة الاعتراف العالمي بالسرديات العربية وقدرتها على الوصول إلى جمهور دولي واسع.
وتتميّز هذه الأعمال بتنوّعها الفني والموضوعي، إذ تجمع بين التوثيق الإنساني، والدراما التاريخية، والسرد العائلي، والرمزية السياسية، مع حضور لافت لصوت المرأة العربية خلف الكاميرا، وتناول عميق للقضية الفلسطينية من زوايا مختلفة، بعيدًا عن القوالب التقليدية.
ويمثل تونس فيلم «صوت هند رجب» للمخرجة كوثر بن هنية، الذي يستند إلى واقعة حقيقية مؤلمة، مستعيدًا اللحظات الأخيرة لطفلة فلسطينية علقت داخل سيارة في غزة. ويعتمد الفيلم على تسجيلات صوتية حقيقية لمكالمات الطوارئ، في معالجة سينمائية تمزج بين الوثائقي والدرامي، ما منح العمل تأثيرًا إنسانيًا قويًا منذ عرضه الأول في مهرجان البندقية، حيث حصد الجائزة الكبرى للجنة التحكيم، قبل اختياره لتمثيل تونس رسميًا في سباق الأوسكار، بدعم إنتاجي من أسماء بارزة في السينما العالمية.
أما فلسطين، فتخوض المنافسة بفيلم «فلسطين 36» للمخرجة آن ماري جاسر، وهو عمل تاريخي يعود إلى فترة الثورة الفلسطينية الكبرى خلال الانتداب البريطاني. ويركز الفيلم على التحولات السياسية والاجتماعية في القدس، من خلال قصة شاب فلسطيني تتجاذبه جذوره الريفية وتصاعد روح المقاومة، في ملحمة جماعية شارك في بطولتها ممثلون عرب وعالميون، وعُرضت لأول مرة ضمن فعاليات مهرجان تورونتو السينمائي الدولي.
ومن الأردن، يشارك فيلم «كل ما تبقى منك» للمخرجة شيرين دعيبس، الذي يرصد سيرة عائلة فلسطينية عبر أجيال متعاقبة، منذ فقدان الأرض عام 1948 وحتى تشكّل الهوية في المنفى. ويقدم الفيلم سردًا حميميًا عن الذاكرة والصمود، وقد عُرض لأول مرة في مهرجان صاندانس 2025، واختير لتمثيل الأردن رسميًا، مع مشاركة دعيبس في البطولة إلى جانب عدد من أفراد عائلة بكري الفنية.
في المقابل، يأتي الحضور العراقي من خلال فيلم «كعكة الرئيس» للمخرج حسن هادي، في أولى تجاربه الإخراجية. تدور أحداث الفيلم في بغداد خلال تسعينيات القرن الماضي، حيث تُكلّف طفلة صغيرة بمهمة إعداد كعكة عيد ميلاد للرئيس، لتتحول الرحلة إلى اختبار قاسٍ للبقاء. ويجمع العمل بين الخيال والواقعية السياسية، وقد نال جائزة الكاميرا الذهبية وجائزة الجمهور ضمن أسبوع المخرجين في مهرجان كان.
وكانت الأكاديمية قد أعلنت في ديسمبر 2025 القائمة القصيرة لجائزة أفضل فيلم دولي، والتي ضمّت 15 فيلمًا من مختلف أنحاء العالم، من بينها الأفلام العربية الأربعة، لتدخل مرحلة التنافس النهائي على خمسة ترشيحات رسمية سيتم الإعلان عنها في 22 يناير 2026، قبل أن يُكشف عن الفيلم الفائز خلال حفل توزيع الجوائز المقرر في مارس من العام نفسه.
طنجة الأدبية

