قال المخرج الفلسطيني طرزان ناصر إن فيلم «كان يا مكان في غزة» لا يأتي كعمل منفصل، بل كجزء من مشروع سينمائي يسعى من خلاله مع شقيقه عرب ناصر إلى تقديم صورة واقعية عن الحياة في غزة بعيداً عن القوالب الجاهزة. وأوضح في تصريحاته أن العالم لا يرى من غزة سوى ما تبثه نشرات الأخبار، بينما يغيب الإنسان وتختفي تفاصيل يومه وصراعاته الصغيرة. وأضاف أن الهدف من الفيلم هو إعادة الغزي إلى واجهة الصورة، كفرد يعيش ويضحك ويتألم، لا مجرد رقم في تقرير صحفي.
وأشار ناصر إلى أن الجانب الكوميدي الذي يظهر في الفيلم ليس تجميلياً، بل يمثل أحد أبرز ملامح الشخصية الغزية التي اعتادت تحويل القسوة إلى مادة للسخرية. وأكد أن سكان غزة مرّوا بثمانية حروب، ويواجهون اليوم حرباً أشد قسوة، ورغم ذلك ما تزال خفة ظلهم حاضرة حتى في اللحظات القاتمة، وهو ما حرص الفيلم على نقله بصدق ودون مبالغة.
ودعا ناصر الجمهور العربي إلى مشاهدة الفيلم لاكتشاف غزة من الداخل، بعيداً عن الصورة المختزلة المرتبطة بالحرب. واعتبر أن التجربة الإنسانية التي يقدمها الفيلم تصلح لفهم الكثير مما يجري في العالم، لأن رؤية الإنسان في تفاصيل يومه أصدق بكثير من عرض الدمار فقط.
وعبّر عن سعادته الكبيرة بعرض الفيلم ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واصفاً هذا العرض بأنه من أقوى العروض التي شهدها العمل منذ إطلاقه. ورغم مشاركته سابقاً في المهرجان، فإن حضوره في هذه الدورة جعله يقترب أكثر من الجمهور المصري الذي وصفه بكونه جمهوراً يمتلك وعياً سينمائياً عميقاً ويتفاعل بذكاء مع الفن والدراما.
وتحدث ناصر عن الشخصيات الرئيسية في الفيلم، موضحاً أن “يحيى” و”أسامة” لا يمثلان بطلاً نموذجياً ولا شريراً مطلقاً، بل شخصيتين تنتميان لواقع شديد التعقيد، تتحكم فيه الحرب والحصار وقلة الخيارات. ورغم صعوبة الظروف، يحاول كل منهما فتح نافذة صغيرة للحياة، وهو ما يجعل الفيلم أقرب إلى الإنسان منه إلى السياسة.
ويروي الفيلم، الذي شارك في كتابته طرزان وعرب ناصر مع عامر ناصر وماري ليجراند، قصة طالب يصادق صاحب مطعم قبل أن ينجرّا معاً إلى تجارة المخدرات أثناء توصيل الوجبات، لينتهيا في مواجهة شرطي فاسد. وقد ظهر الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي، حيث حصد جائزة أفضل مخرج في مسابقة «نظرة ما».
أما مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام فيعرض مجموعة كبيرة من الإنتاجات العالمية والعربية، إذ تضم مسابقته الدولية 14 فيلماً، بينما يقدم 15 فيلماً في القسم الرسمي خارج المسابقة، و8 في أسبوع النقاد، و9 في مسابقة آفاق السينما العربية، و24 فيلماً قصيراً. وتشمل برامجه أيضاً عروضاً خاصة، وبانوراما دولية، وعروض منتصف الليل، إضافة إلى كلاسيكيات القاهرة والأفلام المصرية المرممة والبانوراما المحلية.
طنجة الأدبية
