شهدت العاصمة الروسية موسكو أجواءً احتفالية مميزة بمناسبة تنظيم حفل توزيع جائزة “تاريخ المستقبل” الأدبية الدولية، التي استضافها متحف “أتوم” التابع لمركز معارض عموم روسيا. وتُعد هذه الجائزة الأولى من نوعها في العالم المخصصة لأدب الخيال العلمي، إذ تهدف إلى تكريم الكتّاب الذين يعالجون قضايا التقدم التكنولوجي برؤية إنسانية متفائلة.
وأكد القائمون على الحدث أن الجائزة ستصبح تقليداً سنوياً بعد النجاح اللافت الذي حققته دورتها الأولى، حيث استقطبت أكثر من 2400 مشاركة من مختلف أنحاء العالم، من بينها روسيا، إفريقيا، آسيا، أمريكا الجنوبية، أوروبا، والصين، فيما بلغت القيمة الإجمالية للجوائز 5 ملايين روبل.
وفي كلمته الافتتاحية، أوضح مدير الاتصالات في شركة “روساتوم”، أندري تيمونوف، أن الجائزة تمثل منصة تجمع بين العلم والثقافة، مشدداً على أن الهدف منها لا يقتصر على مكافأة الكتّاب، بل يتعداه إلى دعم الأفكار القادرة على رسم ملامح المستقبل. وأضاف:
“الخيال العلمي هو ميدان لاختبار العقل حيث تولد الفرضيات الجريئة. لقد قررنا أن تكون هناك جائزة أدبية دولية ثانية في هذا المجال.”
وتجسّد هذه المبادرة التزام مؤسسيها بتشجيع الأدب الذي يتعامل مع التحديات المستقبلية بتفاؤل تكنولوجي.
وخلال الحفل، تم عرض دراسة مبتكرة أجراها مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام، وهو شريك الجائزة، استخدمت فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل أعمال المشاركين. وكشف الرئيس التنفيذي للمركز كونستانتين أبراموف أن معظم الكتّاب رغم اختلاف خلفياتهم الثقافية، يتقاسمون رؤية مشتركة تسعى إلى تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والإنسانية، مشيراً إلى أن الخيال العلمي المعاصر أصبح يهتم أكثر بالقضايا الأخلاقية وعلاقة الإنسان بالتكنولوجيا.
من جهته، اعتبر الكاتب الروسي أندري غيلاسيموف، رئيس لجنة التحكيم، أن هذه الجائزة تشكل جسراً بين أجيال الكتّاب القدامى والمحدثين في مجال الخيال العلمي، قائلاً:
“الخيال العلمي لا يكتفي بتصوير المستقبل، بل يشارك في صياغته، وهذه هي قيمته الكبرى في الأدب والحياة.”
وفي فئة الجوائز، فاز الكاتب الكولومبي ليونيد أليريو مارينو موريلو بالمركز الأول عن قصته “مفارقة المشتري”، بينما فاز الروسي راجيم جعفروف بجائزة أفضل قصة قصيرة باللغة الروسية عن “سيباتريرك”. أما جائزة أدب الأطفال والشباب فكانت من نصيب مارينا أنيتسكايا عن قصتها “ضيف من الأرض”.
كما تم منح جوائز خاصة لشركاء الجائزة، بينها جائزة “أثر رسالة في العصر الرقمي” لموقع GodLiteratury.RF التي فاز بها نيكولاي برونيف، وجائزة دار إكسمو التي نالتها يوليا دومنا عن قصتها “عصر الجنادب”.
وفي ختام الحفل، عبّرت إيلينا ميرونينكو، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “أتوم”، عن فخرها بتنظيم الحدث في المتحف الذي يحتفل بعامه الثاني، مؤكدة أن الخيال العلمي لم يعد ترفاً أدبياً بل أصبح ضرورة ثقافية لتخيّل مستقبل أفضل، قائلة:
“من الطبيعي أن نحتفل بالمستقبل في مكان يجمع بين العلم والثقافة، فالمؤلفون هم تجسيد لروح الإبداع التي تقود التقدم البشري.”
تُقام الجائزة بشراكة بين مؤسسة “أتوم” وشركة “روساتوم”، وبدعم من وزارة التعليم والعلوم الروسية وعدد من دور النشر الكبرى مثل إكسمو وAST وألبينا بروزا. وتهدف إلى إزالة الحواجز بين الفكر العلمي والإبداع الأدبي، وإبراز أدب المستقبل الذي يمزج بين التكنولوجيا والقيم الإنسانية.
واختُتمت الأمسية بتأكيد أن الخيال العلمي لم يعد مجرد نوع أدبي، بل أداة فكرية لبناء رؤى مستقبلية واقعية وإنسانية، يجسدها كتّاب يحلمون بعالم يخدم فيه العلم الإنسان لا العكس.
طنجة الأدبية

