تمكّن فريق من الباحثين والعاملين في قسم الترميم بمراقبة الآثار في مدينة شحات شمال شرق ليبيا، من اكتشاف موقع أثري جديد يقع تحت سطح الأرض داخل نطاق المدينة القديمة المعروفة تاريخياً باسم قورينا أو سيريني.
وأوضح أنيس حامد بوعجايب، مدير مراقبة الآثار المكلف في شحات، أن الموقع يقع ضمن السياج المحيط بالمنطقة الأثرية وتبلغ مساحته نحو عشرة أمتار مربعة، مشيراً إلى أنه اكتشاف غير مسبوق يضيف بعداً جديداً لتاريخ المدينة العريق.
ويضم الموقع مساحة دائرية تتخللها دهاليز شبه دائرية تؤدي إلى الداخل ثم تعود إلى نفس المساحة، كما عُثر بداخله على قاعدتين مثبّت عليهما قدما تمثالين يرتديان صنادل يونانية الطراز، إضافة إلى قطع فخارية وعدد من الجرار القديمة. ونشرت مراقبة شحات صوراً للموقع على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك تُظهر فريق الباحثين أثناء معاينتهم للموقع الجديد.
وقال بوعجايب إن طبيعة الموقع لا تزال قيد الدراسة، إذ لم يُعرف بعد ما إذا كان خزاناً أو مقبرة أو مخبأ، إلا أن المعثورات الأثرية المكتشفة تشير إلى أنه يعود على الأرجح إلى الفترة الهلنستية أو الرومانية المبكرة. كما أعلن أن المراقبة ستشكل فريقاً متخصصاً لمواصلة أعمال الحفر والتوثيق العلمي.
وأشار إلى أن الاكتشاف جاء بعد بلاغ من أحد أساتذة جامعة عمر المختار، الذي صادف أثناء تجوله في المنطقة فجوة صغيرة تؤدي إلى مساحة كبيرة تحت الأرض. واعتبر بوعجايب هذا الاكتشاف “فريداً من نوعه” و”بكراً تماماً”، حيث لم تشهد المنطقة أي عمليات تنقيب سابقة، موضحاً أن استكمال الحفريات يتطلب إمكانيات تقنية ولوجستية غير متاحة حالياً.
ويُعد موقع قورينا الأثري المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو من أبرز المعالم الليبية القديمة، إذ تعود جذوره إلى القرن السابع قبل الميلاد حين كانت مستعمرة يونانية، قبل أن تتحول لاحقاً إلى مدينة رومانية مزدهرة. تقع المدينة على سفوح الجبل الأخضر بعيداً عن الساحل، وكانت عبر التاريخ ملتقى للحضارات والتجارة بين أوروبا وشمال إفريقيا، وما تزال آثارها المهيبة شاهدة على هذا الإرث المتعدد الثقافات.
كما أوضح بوعجايب أن إعصار “دانيال” الذي ضرب درنة وعدداً من مناطق الجبل الأخضر عام 2023 أسفر عن اكتشافات أثرية إضافية، من بينها قنوات قديمة في شارع الوادي بدرنة ومبنى يُعتقد أنه مذبح قرب معبد ديمترا في شحات.
وتضم ليبيا خمسة مواقع مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهي: موقع شحات الأثري، لبدة الكبرى، صبراتة، تادرارت أكاكوس، ومدينة غدامس القديمة، ما يؤكد غناها التاريخي والحضاري رغم التحديات التي تواجهها البلاد منذ سنوات.
طنجة الأدبية

