شابت ذوائب الإنسانِ
ودنتْ قوارب الرحيل المزعجهْ
وسافرتُ بين الأزقة حائرًا
ما بال تلك الدار صارت صامتهْ
كان صراخها يأتي ولا يأتي
واليوم أضحت بالخراب مبعثرهْ
نامت أعين القومِ
لا أدري بمن حل الجفاءُ ولا أثقْ
كأن الجوع يناديني أفقْ
وانثر ظلال الخبز لا تعبثْ بهَا
وارشُفْ من كوثر النيل رشفهْ
فالناس للناس غوث مستنيرْ
واقبضْ على جمرة النار مَرَّهْ
تضيء في الدنيا لواعج من يسيرْ
وكنْ كشمعةٍ براقة في الأفقْ
وسل عن دار إنسانٍ
صارت فرائسه تخبئ ما يحسْ
ينام بلا غطاءٍ وجها للسماءْ
ينظر للحياة بمنظار ممزقْ
يكتب التاريخ لا يبالي بالرحيلْ
يعيش بلا أملْ
يشرَبُ من كؤوس الردى
يبلل جسمه بأمواج العواصفْ
أوراق الخريف تنخُر سمعهُ
أمطار الشتاء تُسْقِط ظلهُ
والناس من حوله ذباب منتشرْ
أشعة الشمس الحارقهْ
تنساب فوق جبينهِ
كأنها جمرٌ يعبرُ قنطرهْ
وأوراق الربيع وارفة الظلالْ
تسير بأقدام يحركها الخجلْ
تمضي بسرعة كساعات الغروبْ
وأيامُ المصيف تراقب في انتظارْ
لعل دارَ إنسانٍ ترحبْ
غادر إنسانها هذي الفصولْ
مترجلا عن صهوة الحياهْ

محمد مجد – شاعر مغربي

