افتتحت الفنانة التشكيلية فريدة عمرو مساء اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024، برواق النادرة بالعاصمة الرباط، معرضها الفردي الجديد، وذلك وسط حشد من المدعوين، الذين اكتشفوا بمتعة بصرية لطيفة، عوالم جديدة وساحرة لهذه الفنانة المبدعة.
المعرض التشكيلي الذي حمل شعار “تراثنا بين الموروث والمعاصر”، قدم للجمهور، فيضا من المواضيع والقضايا، التي أبدعت الفنانة في إيجادها بطريقة غاية في التنميق والتطريز اللوني المبهج، والذي حول اللوحات إلى قصص ضوئية، تحكي ألف اشراقة، تضيء بالهادئ البنفسجي الشفيق.
استهلت الفنانة فريدة، أولى لوحاتها، بالتوكل على الله،”يا فتاح”، ثم أضاء فيض إبداعاتها بلوحة للخريطة المغربية، ترسيخا لروح الهوية الوطنية، التي تسري في الدم والعروق، لتسافر بعدها بالجمهور إلى عوالم تشكيلية خصبة، تغرف من ثنايا الطبيعة، والتراث الوطني المادي وغير المادي، في ملمح إبداعي بديع، يدع المشاهد يتأمل باندهاش، ويطرح سؤال الجمال والفلسفة والخيال.
لوحات الفنانة فريدة في هذا السياق، رحلة بين ثنايا سحر وتجريد، يحيل اللوحة التشكيلية إلى قصائد شعرية بمعاني غزيرة، لها لون الربيع المزهر في عيون الحالمين والعشاق، انها رحلة هادئة في عمق ألوان زاهية، دافئة، ممتعة، تريح العين والخاطر والفؤاد.
ان لوحات فريدة في معرضها الجديدة، غدير يسقسق بالطيب والأريج، وعبق أزهار ونخيل واشجار مورقة، وشلالات لونية، تتفتح بالصهيل، كلما غفت الشمس في أفق التمني، انها تلوينات سوريالية وتجريدية، متقنة بشكل يجعل من فريدة إحدى فنانات المستقبل، لها بصمتها وأثرها.
ففريدة الحالمة، لا ترسم لذاتها، بل ترسم للذي يحرك فيها عمق الأشياء والموجودات، انها توثق اللحظة الهاربة مع ذات زمان ومكان وذكريات، مهما طالت مدة انجاز اللوحة، التي تتقن زواياها وتفاصيلها بشكل بديع للغاية.
فهي تحتفي بالتراث الوطني، بطريقة جذابة، من خلال أشكال موسيقية تراثية، وانساق حرفية زاهية، ومجامر ومباخر وإكسسوارات، تذكرنا بمواسم الخيل، ونخوة المواسم، وشرف الأضرحة والاولياء، إنها نافورات فاسية وزليج بلدي وأقواس وتسابيح، ولجين ورقصات فولكلورية في ظلال القصبات، وزهو التاريخ.. انها أحواء رومانسية وصوفية وعوالم تصهل فيها الخيول، بلا لجام، فلوحاتها شموع لا تذوب، وطيور وفراشات أسطورية تحلق باتجاه اللادرياء.
هكذا استطاعت الفنانة فريدة عمرو، بتلقائيتها وذكائها الفني والمتقد، وتقنيتها العالية، ان تحتفي في معرضها بالكثير من القيم والقضايا، ذات الصلة بالهوية والتاريخ والحضارة، في قالب معاصر، ومتحضر، ما جعل الكثير من لوحاتها تسافر بالمتلقي الى آفاق خيالية رائقة الجمال.
فريدة الى جانب الهوية الوطنية، كرمت في إعمالها، روح القضية الفلسطينية والقدس الشريف وحمام السلام، مع حضور للبعد الإفريقي، ما يبرز بكل مصداقية التزام فنها بكل ما هو وطني وعربي وإفريقي وكوني وأنساني.
تلك إذن هي بعض من اشراقات فريدة عمرو، التي كرست تجربتها الجديدة، للتراث بين الموروث والمعاصر، بطريقة غاية في الإمتاع، فضلا عن ملامسة قضايا كونية وإنسانية، ما يجعل من معرضها الجديدة الذي يستمر حتى السبت المقبل 15 يونيو 2024، أفقا منفتحا على إبداع نسائي مشرق ومتجدد، يسعد الخاطر، وينعش العين، ويترك أثرا جميلا في النفوس، انه باختصار حديقة فواحة بعطر الياسمين، وعبق أصالة تتلألأ من وهج التاريخ، والتزام شامخ بقيم الهوية الوطنية، والقضايا العربية والإفريقية والكونية والإنسانية.
طنجة الأدبية