تعتبر إعادة 26 قطعة أثرية من المتاحف الفرنسية إلى دولة بنين، والتي من المقرر إجراؤها في 9 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تعتبر لفتة سياسية من قبل فرنسا. لكنها أيضاً اعتراف بعمل المؤرخين في العقود الاستعمارية ممن أسسوا للعديد من الحقائق المؤلمة عن مرحلة الإستعمار.
لأول مرة في تاريخ المتاحف الفرنسية، من المتوقع أن يصبح 26 عملاً يحتفظ بها متحف “كاي برانلي” في باريس ملكاً لبنين.
وتم الإستيلاء على هذه التماثيل والعروش في العام 1892 من القصور الملكية في أبومي، أثناء غزو قوات الجمهورية الثالثة للمملكة. هكذا تعود غنائم الحرب أخيراً إلى بلدها الأصلي.
وتطلب الأمر إصرار رئيس بنين باتريس تالون وخطاب إيمانويل ماكرون الإيجابي في واغادوغو في عام 2017، من أجل إعادة هذا الإرث إلى أفريقيا.
وتبع هذا الخطاب تقرير سافوي سار، الذي قُدِّم إلى قصر الإليزيه في العام 2018، واقترح 3 مراحل لعمليات النقل السري للأعمال.
لا يزال الأمر يتطلب قانوناً تم تمريره في كانون الأول/ديسمبر 2020 للسماح بنقل المصنفات من دولة إلى أخرى، ضد المبدأ القائل بأن المجموعات الوطنية غير قابلة للتصرف ولا يمكن إزالة أي شيء.
إن إعادة أعمال بنين هي جزء من الإرادة السياسية لفرنسا لتحسين صورتها في أفريقيا، حيث تواجه باريس تحديات كثيرة، ومنافسات جيوسياسية متعددة، والإنتهاء من الحقبة غير الصحية للإستعمار.
بهذه الطريقة، يتم التعرف على المؤرخين من جميع الجنسيات الذين عملوا لفترة طويلة في العقود الاستعمارية وأسسوا العديد من الحقائق المؤلمة، مخاطرين بمواجهتهم بالغضب والإستياء. هذه النقطة مهمة للغاية حيث يستمر الجدل حول دراسات ما بعد الاستعمار في الازدياد اليوم. ومع ذلك، فإن الأمر يتعلق فقط بقول ما حدث: في بنين، حملة عسكرية ونهب منتظم.
إضافة إلى بنين هناك حالات أخرى من المستويات نفسها، مثل حالة منحوتة “الطبال” لشعب إيبريه، الذي يعيش في منطقة أبيدجان، والذي صادرته السلطة الاستعمارية عام 1916، وطلبت ساحل العاج إعادتها في العام 2018، وهو ما أعلنه إيمانويل ماكرون في 8 تشرين الأول/أكتوبر الجاري خلال القمة الأفريقية الفرنسية في مونبلييه.
عملية إعادة الآثار الأفريقية من قبل فرنسا ما زالت في مهدها. إنها جزء من حركة أكثر عمومية: أصبحت إعادة فحص أصول المجموعات وشروط الإحتفاظ بها خلال عقد من الزمن مطلباً في متاحف القوى الاستعمارية السابقة.
في نيسان/أبريل الماضي أعلنت ألمانيا أنها تشرع في عملية إعادة العملات المعدنية التي في حوزتها إلى نيجيريا التي بدأت في بناء متحف يجب أن يكتمل في العام 2024 لاستيعابها. فهل يمكن أن تكون هذه العملية الشرعية والدولية مستمرة ولا رجعة عنها؟
لا أحد يعرف كيف ستتطور القضية، وما إذا كان الأمر سيقتصر عل خطوات رمزية أم أنها ستندرج في إطار مشروع متكامل لإعادة الحقوق الأثرية والحضارية إلى أصحابها الأصليين.