في كل الفترات، نجد المرأة القصرية، تتبوأ الصدارة في الأعمال الراقية، سواء في العلم أم التصوف أم في الفن. واليوم نلتقي مع نموذج من المرأة المتفوقة في ميدان جديد، هو ميدان الإعلام، ألا وهي الإعلامية النشيطة المثابرة أسماء التمالح، التي بقدر ما هي متشبعة بالمشاعر الانسانية وحب الخير والعمل الجاد الهادف، بقدر ما تعشق أيضا الاستكشاف والتنقيب عن الخبر، المتنوع بين الأدب والفن والفكر والاجتماع والدين.
إن أسماء التمالح من مواليد القصر الكبير. وقد تابعت دراستها الابتدائية بمدرسة العهد الجديد للبنات، وحصلت على شهادة الباكالوريا في الشعبة الادبية، بثانوية وادي المخازن. ثم انتقلت إلى مدينة طنجة، من أجل متابعة دراستها الجامعية، بشعبة القانون الخاص، في كلية الحقوق والعلوم، حتى سنة 2002.
وعلى اثر تكوين في مجال الإعلاميات، انخرطت أسماء التمالح في هذا العالم الجديد، حيث كانت سنة 2005 منطلقا لتجربتها مع وسائل التكنولوجيا، إذ شاركت في مجموعة من المواقع الإلكترونية والمنتديات المغربية والعربية. كما أسندت لها مهمة تسيير بعض المواقع إداريا، علما بأنها كان لها المام بالعمل الجمعوي، الى جانب العمل التواصلي الإعلامي، فكانت عضوا في عدد منها مثل:
_نادي صناع الحياة التابع لجمعية الأفق 2008
_ جمعية المدونين المغاربة 2009
_جمعية القصر نت للإعلام الالكتروني 2011
_الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية 2013.
ثم تقدمت اسماء التمالح في ميدان الإعلام أكثر، حيث اشتهرت “بمدونة القلم البريئ” الخاصة بالمقالات الاجتماعية. لكنها تحولت إلى الاسم المعروف بها الآن “مدونة أسماء التمالح “، منفتحة على مجالات وعوالم اخرى متعددة، صارت بمثابة مرجع لبعض الطلبة الباحثين. غير أن اسماء التمالح أيضا، تعتبر منذ سنة 2011 الى الأن، كاتبة صحفية، بموقع وكالة أخبار المرأة العربي، الذي يهتم بقضايا المراة العربية عموما.
ومعلوم أنه قد صدر للإعلامية البارزة أسماء التمالح، كتاب فريد في بابه، بعنوان (مكاشفات في الأدب والفن والإعلام)، عن المطبعة السريعة بالقنيطرة 2017، علما أن لها اصدارا جديدا ثانيا في نفس السياق، سيرى النور قريبا.
ولا ننسى أن نشير إلى انها قد شاركت في العديد من الندوات والملتقيات المحلية والوطنية، وأنجزت مجموعة من الحوارات، وقامت بتغطية العديد من الأنشطة التقافية، ومتابعة كثير من الإصدارات، والإعلان عنها، والتعريف بها. ولعل جهودها ومثابرتها هذه، هي ما وقف وراء تكريمها من طرف المركز الثقافي بالقصر الكبير.
ولما كانت أسماء التمالح، تعتبر من أهم المدونات، ليس في القصر الكبير وحده، بل في المغرب كله، فقد قال عنها الأستاذ الدكتور مصطفى يعلى قي تقديمه لإصدارها “مكاشفات في الأدب والفن والإعلام “:
((إن أسماء التمالح إعلامية عصامية، تدمن القراءة، وتتعلم من كل شيء، وتكتب باستمرار، راصدة أومرشدة أو منتقدة.)) (ص. 3).
ويضيف قائلا:
((وها هي هنا بإصدار هذا الكتاب النوعي (مكاشفات في الأدب والفن والإعلام)، تسجل علامة فارقة في مسارها الإعلامي التفاعلي، فتقيم الدليل على مدى جديتها، وبلورة تجربتها الإعلامية، وتطوير نشاطها الثقافي، حيث سعت إلى محاولة الجمع بين ما هو الكتروني وما هو ورقي. على أنه يمكن موضعة كتابها هذا ضمن موجة محتشمة من الإصدارات الحوارية المماثلة، التي برزت بالمغرب في الآونة الأخيرة.
لقد تمكنت التمالح من خلال هذه المكاشفات، بما طرحته من اسئلة استبطانية ذكية رغم موضوعيتها، أن تستدرج المحاوَرين إلى البوح بما لذواتهم من صلة بإبداعهم وكتاباتهم، وتسليط الضوء على كثير من تفاصيل تجاربهم، واستجلاء أذواقهم ومفاهيمهم ومواقفهم، وهو ما يزيد في توضيح إنتاجهم وكشف أبعاده وأسراره أمام المتلقي.))
وليسمح لنا القارئ الكريم، أن نستأنس بنمودج من حوارات هذا الكتاب، وقد اخترناه من حوار أسماء مع رشيد الجلولي:
(( س : استنادا لماضيك الطفولي المدرسي، هل هناك فوارق بين الدخول المدرسي في الماضي والدخول المدرسي الراهن؟ أين تتجلى هذه الفوارق ؟
ج: لن يخلو جوابي من اسقاطات ذاتية طبعا، أنا أعترف بذلك منذ الآن . ففي طفولة جيلنا، كانت للمدرسة مكانة مقدسة سواء من وجهة نظر المدرس، أو التلميذ، أو أولياء الأمور ، وكانت تلك القداسة تتناسب مع المرتبة المجيدة التي يحتلها فعل القراءة في القرآن من خلال أول آية نزلت على النبي الكريم . هذه المكانة العليا انخفضت اليوم لصالح أشياء أخرى في مقدمتها ” المال “. ونحن نرى يوميا الاستغلال الفادح الذي يتعرض له التلاميذ الفقراء من خلال الساعات الاضافية، والكارثة أن رجال التعليم أنفسهم هم الذين يشرفون على تصميم هذه الكارثة، التي حطت من قيمة المعرفة لصالح قيم الجشع والانتهازية، ومع ذلك فالنفق لايخلو من بصيص ضوء، خاصة في تعميم فوائد الازدهار التقني والتكنولوجي على الجميع)) (ص : 33).
وتبقى اسماء التمالح زهرة من زهرات الارض المعطاء، والتربة الخصبة التي تنوعت ألوانها بالقصر الكبير، تنضاف إلى الباقة القصرية ذات الإشعاع الثقافي المتنوع.
أمينة بنونة
3 تعليقات