رحل عن عالمنا أمس الأحد المخرج والممثل المصري عمر بيومي، أحد أبناء السينما المصرية الذين اختاروا العمل الهادئ بعيدًا عن الأضواء، وتركوا أثرهم عبر تجربة فنية تراكمت بين الإخراج والمشاركة التمثيلية والعمل الإنتاجي، في مسار مهني اتسم بالالتزام والبحث عن سينما ذات معنى.
وُلد عمر بيومي في 13 شتنبر عام 1962، وتخرّج في المعهد العالي للسينما، حيث حصل على بكالوريوس الإخراج عام 1985، ليبدأ بعدها رحلة عملية مبكرة داخل مواقع التصوير. وفي منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عمل مخرجًا مساعدًا في عدد كبير من الأفلام الروائية، بلغت نحو 15 عملًا خلال الفترة من 1984 إلى 1988، من بينها فيلم “جري الوحوش” الذي عُرض عام 1987، وشكّل إحدى المحطات المهمة في مشواره المهني.
وبعد سنوات من العمل المكثف في السينما المصرية، خاض بيومي تجربة مختلفة خارج البلاد، حيث انتقل إلى لندن وتولى منصب المدير العام لشركة “يونايتد سينماس إنترناشونال” بين عامي 1991 و1994، مكتسبًا خبرة واسعة في الجوانب الإدارية والتشغيلية لصناعة السينما. ومع عودته إلى القاهرة، واصل نشاطه داخل المجال، إذ عمل منسقًا في إحدى شركات الإنتاج خلال الفترة من 1995 إلى 1997.
ولم تقتصر تجربة عمر بيومي على السينما الروائية فقط، بل شملت أيضًا الأفلام التسجيلية القصيرة، التي عبّر من خلالها عن اهتمامه بالقضايا الإنسانية والاجتماعية، ومن أبرزها فيلم “الجسر” وفيلم “الشمس لم تشرق غدًا”، حيث قدّم طرحًا بصريًا هادئًا يعكس رؤيته الخاصة للواقع.
وفي العقد الأول من الألفية الجديدة، عاد بيومي إلى الإخراج الروائي من خلال فيلم “بلد البنات” عام 2008، الذي شارك في فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكّدًا حضوره كمخرج يراهن على الموضوع الإنساني، ويبتعد عن الحلول السهلة والصيغ التجارية الجاهزة.
وبرحيل عمر بيومي، يفقد الوسط الفني واحدًا من صناع السينما الذين تعاملوا مع الفن بوصفه مسؤولية وتجربة، وسعوا إلى تقديم أعمال تعبّر عن المجتمع وتطرح الأسئلة، تاركًا خلفه مسيرة متواضعة في حجمها، لكنها صادقة في توجهها، وتحمل احترامًا واضحًا لقيمة السينما كفن وثقافة.
طنجة الأدبية

