أصدرت أكاديمية المملكة المغربية كتاباً جديداً باللغة الفرنسية يحمل عنوان “المغرب في رفة جناح”، يشكل رحلة بصرية ومعرفية إلى عالم الطيور التي تزخر بها مختلف جهات المملكة. ويقدّم هذا الإصدار ما يقارب 300 صورة أصلية، مرفقة بنصوص علمية دقيقة وسلسة، تبرز جمال هذا التراث الطبيعي وتنوعه الفريد.
وفي تقديمه للكتاب، يؤكد عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم للأكاديمية، المكانة الإيكولوجية الرفيعة للمغرب، مشيراً إلى غناه الطبيعي وتعدّد أنظمته البيئية. ويعتبر أن هذا العمل يشكل إضافة نوعية في الجهود الرامية إلى تعريف الجمهور الواسع بجمال الطيور المغربية والتحسيس بأهمية حماية هذا الإرث الحيوي، الذي يُعد أحد أثمن كنوز المنطقة المتوسطية.
كما يشيد ميشيل تيفنو في مقدمته بجودة المجهود المبذول في إعداد الكتاب، معتبراً إياه عملاً فريداً يجمع في مجلد واحد مجموعة تصويرية غير مسبوقة حول الطيور المنتشرة في المغرب.
ويعود الفضل في تحرير هذا العمل إلى حليمة بوصديق وعبد الجبار قنينبة وسعيد لحرّوز وباتريك بيرجيي، الذين جمعوا بين الرؤية العلمية والدقة التصويرية لإبراز أكثر من 200 نوع من الطيور الأكثر تمثيلاً في البلاد، مما يجعل الكتاب مرجعاً مفيداً للمتخصصين والمهتمين على حدّ سواء.
ويعكس هذا المؤلَّف ثراء الموقع الجغرافي للمغرب، الواقع بين أوروبا وإفريقيا، وما يقدمه من فضاءات طبيعية متنوعة تمتد من غابات الشمال الرطبة إلى الصحاري الجنوبية الشاسعة. ويتناول الكتاب أهم المناطق الطبيعية في المملكة، من طنجة والريف والمجال الأطلسي شمالاً ووسطاً، إلى الأطلسين المتوسط والكبير، والمغرب الشرقي، وسوس، والأطلس الصغير وصاغرو، والصحراء الشرقية، ودرعة السفلى، والساقية الحمراء، ووادي الذهب، مرفقة بصور التقطت في موائلها الأصلية.
وتضم هذه البيئات مجموعة واسعة من الطيور، تشمل الجوارح والطيور الشاطئية المهاجرة وطيور البحر والأنواع المستوطنة وشبه المستوطنة والعصافير الصغيرة، وصولاً إلى طيور الصحراء القادرة على التكيف مع أقسى الظروف المناخية. وقد سُجل في المغرب إلى اليوم وجود 582 نوعاً من الطيور، منها 503 أنواع برية، وتتميز المملكة بكونها واحدة من أبرز محطات عبور الطيور المهاجرة عبر المسار الشرقي–الأطلسي، حيث تعبرها ملايين الطيور سنوياً في اتجاه أوروبا أو إفريقيا.
ويقدّم الكتاب تحليلاً علمياً شاملاً يشمل الحركات الكبرى للهجرة، ودورات التكاثر في مختلف المناطق البيئية، والأنواع المهددة أو التي عادت للظهور، إلى جانب تتبع ظواهر الاستيطان والتطور التي تميّز الطيور المغربية، واستعراض تاريخ البحث العلمي المتعلق بعلم الطيور في المغرب الكبير.
ولا يغفل المؤلف التحديات المتزايدة التي تواجه الأنظمة البيئية، مثل التوسع العمراني، وإزالة الغابات، والرعي الجائر، والتلوث، وتجزئة المواطن الطبيعية، وتراجع المناطق الرطبة، وتأثيرات التغيرات المناخية، داعياً إلى مزيد من الوعي بأهمية حماية الطيور وموائلها.
ويطمح هذا الكتاب إلى أن يكون مرجعاً أساسياً لكل من يسعى إلى اكتشاف غنى التنوع البيولوجي المغربي أو الإسهام في صونه. ويباع بسعر 120 درهماً.

