عادت قطعة رخامية صغيرة إلى اليونان بعد رحلة استمرت أكثر من تسعين عاماً، إذ كانت قد أخذت من هضبة الأكروبوليس في أثينا عام 1930 على يد غايتانو توستي-كروتشي، مهندس الغواصات الإيطالي ووالد إنريكو. التقط غايتانو قطعة من الرخام محفور عليها جزء من زهرة اللوتس من محيط قاعدة البارثينون، واحتفظ بها خلال انتقال عائلته لاحقاً إلى فينيا دل مار بتشيلي بعد الحرب العالمية الثانية.
تزن القطعة أكثر من كيلوغرام، ويبلغ ارتفاعها ثلاثة إنشات تقريباً وعرضها أربعة إنشات ونصف، وظلت جزءاً من مقتنيات العائلة لسنوات طويلة، حتى ورثها إنريكو بعد وفاة والديه عام 1994 ونقلها إلى منزله في فياريكا. ظلّ يروي لزوّاره أنها من البارثينون قائلاً: “بعضهم صدّقني، وبعضهم لا”.
لاحقاً، أظهرت تحليلات دائرة الآثار اليونانية أن القطعة ربما كانت جزءاً من قناة تصريف أو مزراب في معبد “هيكاتومبيدون”، أقدم المعبد الضخم في الأكروبوليس، الذي شُيد نحو عام 570 قبل الميلاد خلال الفترة الأركائية. عندها صرح إنريكو: “تبيّن أن القطعة ليست من البارثينون، بل من معبد أقدم منه”.
تجلى وعي إنريكو بأهمية القطعة عندما استمع إلى تقارير حول جهود اليونان لاستعادة منحوتات الأكروبوليس، فتواصل مع السفارة اليونانية في تشيلي في يناير، وأرسل صور القطعة ومعلومات عنها، قبل أن يسلمها شخصياً إلى السفارة في سانتياغو في مارس الماضي.
عند تسليم القطعة إلى دائرة آثار أثينا، أعرب إنريكو عن شعوره بالرضا: “لقد شعرت أنني قمت بشيء جيد”، فيما صرح نائب رئيس البعثة اليونانية ثيودوسيوس ثيوس أن هذه المبادرة قد تكون “مثالاً للشرف والشجاعة للآخرين في تشيلي وخارجها للقيام بالمثل”.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة اليونانية المستمرة منذ الثمانينيات لاستعادة مجموعة متحف البريطاني من منحوتات الأكروبوليس، المعروفة باسم “رخاميات البارثينون” أو “رخاميات إلغين”. تضم المجموعة نقوشاً وتماثيل وقطع إفريز تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وقد نُقلت إلى المملكة المتحدة أوائل القرن التاسع عشر على يد اللورد إلغين، سفير بريطانيا لدى الإمبراطورية العثمانية، في وقت كانت أثينا تحت الحكم العثماني.
وكانت وزيرة الثقافة اليونانية لينا مندوني قد وصفت هذا الاستيلاء في بيان عام 2022 بأنه تم عبر “وسائل غير قانونية وغير عادلة”، معتبرة نقل منحوتات البارثينون “سرقة” واضحة من دون أي إذن قانوني.
طنجة الأدبية

