الرئيسيةأخبارمعرض الفنان التشكيلي المصطفى عاقل: “أعلام من دكالة”

معرض الفنان التشكيلي المصطفى عاقل: “أعلام من دكالة”

معرض المصطفى عاقل بالجديدة

“فنّ البورتريه باعتباره خطابا اجتماعيا ثقافيا”

نَظَمَّ المركز العلمي للأبحاث والرؤى الفكرية (معارِف) بشراكة مع مؤسسة عبد الواحد القادري بالجديدة جلسة علمية نقدية، تناول فيها المنجز التشكيلي في شموليته للفنان المصطفى عاقل، وخصوصا فنّ البورتريه، الذي أُقيم له معرضا فنيا بالمركب الثقافي عبد الحق القادري بالجديدة، وهو معرض يندرج ضمن أنشطة مركز “معارِف” التي انطلقت في الثاني من شهر يوليو 2025 شهر بَدءاً من: “لقاء الوفاء..بناء ثقافة مُواطِنة“. ثم لقاء: “قراءات في فنّ بورتريه أعلام دكالة” يوم 19 يوليو 2025.

لقد جاء لقاء يوم السبت 19 يوليو ضمن ما يُعرف بالوفاء والاعتراف والحُبّ في أعمال الفنان المصطفى عاقل، وتحديدا النص التشكيلي للبورتريه، باعتباره شَكلَ وفاءٍ للشخصيات التي رام الفنان المصطفى عاقل إعادة تَلَّفُظِها بَصريا ونَقلِها للمتلقي في محاولة إنسانية لتثمين الذاكرة الدكالية، وهذا شكل إيثار آخر بالفنّ وداخل الفنّ، بالصورة وداخل الصورة، وبالقراءات العلمية الفنيّة التي تقدم بها كل من الأستاذ سعيد عاهد، الأستاذ عبد الله بلعباس، الأستاذ فؤاد بنبشينة، وجاءت القراءات في أهم تمفصلاتها كالآتي:

لقد تناول الأستاذ عبد الله بلعباس التعددية الإنتاجية التشكيلية للفنان المصطفى عاقل، وأكد على التنوع الفني باعتباره شكل مغامرات “المحِبّ لما هو قريب إلى قلبه”، مغامرة فنية تتفاعل وثقافة الفنان ومحيطه دكالة، حيث التيمات التي أسست للنص التشكيلي عن الفنان هو البورتريه، حيث أكد الفنان التشكيلي عبد الله بلعباس على أن الباب الفني الأول الذي يستلزم على كل من أراد اقتحام التشكيل والرسم هو باب صناعة اللوحة البورتريه ومن ثمّة التدرّج في اقتحام جميع أشكال أبواب الحقول الفنية التشكيلية وبمختلف مدارسها، وجاء تأكيده مرتبطا بالحالة الأولى للإبداع عند أي شخص هي التي تتبلور في مراحل تعليمه الأولى وخصوصا مرحلة ما قبل التعليم الثانوي. هنا إما أن تتكلل محاولته في رسم الشخص أو الفشل، وهنا الفشل يعني الابتعاد عن الحقل التشكيلي وعدم الاقتراب من الباب كيفما كان نوعه ومدرسته وشكله الفني.

ويؤكد الأستاذ عبد الله بلعباس وهو فنان تشكيلي جاور تجربة الفنان المصطفى عاقل، على أن كل البراديغمات الفنية التشكيلية انطلقت في بدايتها من تشكيل البورتريه، أي رسم الشخص وهذا أول اختبارات الذات التي ترغب في أن تكون ذاتا فنانة تشكيلية، حيث البورتريه هو لحظة الحب الأولى التي يربطها الشخص مع من يرغب في تصويره أي نقله من الواقعي إلى البورتريه داخل اللوحة، فالبورتريه هو شكل خطاب بصري يحقق الحب بين الطرفين، الفنان والشخصية المُصوّرة.

وجاءت ورقة الأستاذ سعيد عاهد مثل “الميثاق الفنّي التأسيسي” لأعمال الفنان المصطفى عاقل، وهو تأسيس بورتريهات أعلام دكالة، يقول: أحببتُ فنّه في كُليّته قبل أن أحبه كواحد من أبناء حيّنا، إنه الفنان قبل أن يكون الجار، جاورته في كل أشكال إنتاجيته الفنيّة من تشكيل وتركيب الأشياء داخل اللوحة وطرائق إعادة تدوير المهملات بشكل فني داخل اللوحة، وكان للبورتريه شكلا فنيّا خاصا، إنه اللمسة الإبداعية التي أخذتني إلى عوالم المعرفة الفنية عند المصطفى عاقل، فالبورتريه عنده يحقق الاستمرارية والتراكم والكثافة المعرفية، وهي تجربة صعبة أن تراكِم أرشفة شخصيات واقعية من دكالة (كثير على قلبك أيها الأخ الفنان، لكنك فعلتها وبقلب كبير)، وصعب جدّا أن تَنتقِل بين حياة كل الشخصيات التي ترسمها وانت توّزِعُ عليها اعترافات وشهادات حبّ، إن البورتريه يتخذ عند الفنان المصطفى عاقل شكل الذاكرة البصرية والثقافية لدكالة وهذا حقل إعادة تناول التاريخ الإنساني لدكالة. أحبَبت الفنان المصطفى عاقل لا لأنه رسمني بورتريها يوما ما، ولكن أحبه لأنه يصنع البورتريه بدون مقابل طمع، إنه الحب والحب وحده من يدفعه إلى رسم الشخصيات القريبة إلى قلبه.

وقد شدد عاهد سعيد باعتباره العين الصحافية الحريصة على نقل وكتابة الحقيقة هنا على إمكانية إزالة لوحة بورتريه واحِدة –ولم يُسمّيها- من ضمن البورتريهات المعروضة، فقد تبدو له خارجة عن شخصيات أعلام دكالة.

أيضا، تناولت ورقة الباحث فؤاد بنبشينة، “فنّ النظرة، بلاغة البورتريه“.

واستهل ورقته بتعريف مقتضب للخطاب التشكلي في محطاته الخمس التاريخية الكبرى، كما عزز مقولة خطاب الحب داخل مقاربته لفن بورتريه عند الفنان المصطفى عاقل، يقول: إن النظرة في البورتريه في شمولية المعرض “أعلام من دكالة” هو تأليف بصري يتمفصل إلى نظرتين:

-). النظرة الأولى هي سطحية تَصِف ولا تُصنِّف.

-). النظرة الثانية هي عميقة تَصِف وتُصنِّف وتُؤوِّل وتَستحضِر تداخل التخييلي الفني للشخصية بالتاريخي، تاريخ دكالة. إن النظرة الثانية ليست محايدة وبريئة، إنها دائما حامِلة للمعرفة ومُوَّجَهة ثقافيا، وكل انتقال بصري بين بورتريه وآخر هو تخفيف القلق عن الذاكرة، ومدى استعدادها على عجل لتستحضر زمنية الغياب ومن ثمّة بناء خطاب يتولّد من خلال مُحاورة اللوحة، فالنصوص التشكيلية في اختلاف تموضعها وعرضها تُحدِث قلقا وتوترا بصريا للعين القارئة، أيضا تفتح النظرة على أسئلة عديدة من قبيل من يتكلّم في المعرض؟ اللوحات أم صانِعها؟ أو هما معاً؟ أم هي صيغةُ نقدِ حالتنا الاجتماعية الراهِنة وما آلت إليه المدينة، ها هو البورتريه يتدرج في حملنا داخل رسالته المُواطِنة، وكأن صانِع البورتريه ومنتقيه يرغب في نقلنا من حالة الفرجة الجمالية إلى حالة المشاركة في المجتمع وبناء حياة جيّدة، إنها الرسالة المعرفية التي تغيب فيها الذات المُنتِجة للبورتريه، فالبورتريه عند الفنان المصطفى عاقِل ليس شكلا بصريا يروم الفرجة والتسلية، بل هو شكل معرفي وثقافي يروم تحقيق خطابات اجتماعية-قيمة.

معرض المصطفى عاقل بالجديدة
معرض المصطفى عاقل بالجديدة

كما عرف اللقاء مداخلات الحضور التي أغنت اللقاء معرفيا، حيث تنوعت الشهادات في أعمال الفنان المصطفى عاقل، ومن بين هذه الشهادات؛ شهادة الأستاذ والفنان والشاعر رضوان  خديد الذي أكد على إنسانية صديقه الفنان المصطفى عاقل من خلال القولة المأثرة: “أُحِبُّك أخا وصديقا وفنانا” عرفت فيك الإيثار والتضحية وكرم أهل دكالة. وجاءت كلمة الفنان التشكيلي الأستاذ عبد الكريم الأزهر مِسك ختام اللقاء الدراسي في أعمال البورتريه عند الفنان المصطفى عاقل، فأهداه لوحة فنية تحمل تشكيلا آخر يُمسرِِحُ للتجربة الجديدة لفن تشكيل البورتريه عنده، وشَدد كثيرا عن حُبِّه ومدى قوّة العلاقة الإنسانية التي تجمعه بالفنان المصطفى عاقل، كما نادى وبإعجاب كريم في تواضع مغامرة التجربة الفنية التشكيلية في كُليَّتِها عند المصطفى عاقل، وعضدد مداخلات الجميع في شكل التواضع الإنساني والفني عند المصطفى عاقل إنسانا وفنانا يُنتِجُ لوحاته بقلبه، وقد أشار للوحة الفنية التي أهداها الفنان المصطفى عاقل لفضاء المركب الثقافي عبد الحق القادري، وقال: إنه لشرف كبير للفضاء أن يتضمن من بين لوحاته لوحة الفنان الأخ المصطفى عاقل.

فؤاد بنبشينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *