استضافت جمعية درعة تافيلالت للثقافة والتنمية بالرشيدية القاصة فاطمة الزهراء المرابط، للمشاركة في اللقاءات الثقافية التي نظمت يومي 10 و11 يناير 2025، بالسجن المحلي ودار سجلماسة للثقافة، بالرشيدية.
لقاء مفتوح مع القاصة فاطمة الزهراء المرابط بالسجن المحلي
افتتحت اللقاءات الثقافية، صبيحة يوم الجمعة 10 يناير 2025، بلقاء مفتوح مع القاصة فاطمة الزهراء المرابط حول تجربتها الأدبية لفائدة نزلاء السجن المحلي بالرشيدية، وافتتح اللقاء بكلمتي السيد عبد القادر مجوطي (مدير مصلحة العمل الاجتماعي) والسيد حفيظ محاشي (رئيس جمعية درعة تافيلالت)، قبل أن تتناول القاصة فاطمة الزهراء المرابط الكلمة تحدثت فيها عن تجربتها الإبداعية والعراقيل التي واجهتها، وهي تتلمس طريقها في المشهد الثقافي، كما أشارت إلى تجربتها في المجال الصحفي وعملها وتعاونها مع بعض المنابر الإعلامية، قبل أن تتولى إدارة مجلة “الصقيلة في النقد والإبداع” بطنجة، وتصدر كتاب “مبدعون في ضيافة المقهى” الذي يتضمن جزء من الحوارات التي أجرتها مع ثلة من المبدعين. وحول تجربتها في الحقل الثقافي/ الجمعوي، انخرطت القاصة في الفعل الجمعوي بمختلف أشكاله، إلى أن سخرت جهودها في جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بطنجة التي تترأسها منذ سنة 2013.
وقد عرف اللقاء تفاعلا من طرف نزلاء السجن المحلي، حيث شكلت أفكارهم وأسئلتهم العميقة إضافة نوعية إلى اللقاء الذي اختتم بإلقاء قصة “غروب” من طرف القاصة فاطمة الزهراء المرابط، وتوقيع كتابيها “لا شيء يعجبني…” و”أتراك تشرقين غدا…؟” لمكتبة السجن المحلي بالرشيدية.
ورشة في تقنيات الكتابة القصصية
في مساء اليوم نفسه، وبمناسبة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، استضافت دار سجلماسة للثقافة تلاميذ مدرسة النهضة الابتدائية للمشاركة في ورشة تكوينية في تقنيات الكتابة القصصية التي أطرتها القاصة فاطمة الزهراء المرابط، باسم “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بطنجة، وقد افتتحت الورشة بآيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني، قبل أن يعلن رئيس الجمعية عن انطلاق أشغال الورشة، حيث استهلت القاصة الورشة بالحديث عن القراءة وأهميتها في تطوير الكتابة الإبداعية، وقد تضمنت الورشة شقين؛ شق نظري (تعريف القصة وخصائصها وتقنيات كتابتها، وأوجه التشابه والاختلاف بينها وبين الأجناس السردية الأخرى؛ كالرواية والحكاية…)، وشق تطبيقي عرف كتابة وإنتاج مجموعة من النصوص القصصية من طرف المستفيدين من الورشة وعددهم 90 تلميذا وتلميذة، وهي قصص متفاوتة من حيث الطول والتناول الموضوعاتي. واختتمت الورشة بإلقاء مختارات من القصص المنجزة خلال الورشة، بحضور الأساتذة المرافقين للتلاميذ وأعضاء الجمعية.
حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية “لا شيء يعجبني…”
شهدت قاعة دار سجلماسة للثقافة بالرشيدية، مساء يوم السبت 11 يناير 2025، حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية “لا شيء يعجبني…” للقاصة فاطمة الزهراء المرابط الذي نظمته جمعية درعة تافيلالت للثقافة والتنمية، بمشاركة: د. رشيد وديجى، ذ. حميد بومزوغ، ذ. زيد الحديوي، تنشيط: د. لحسن احسايني.
عرف الحفل مشاركة الباحث رشيد وديجى بمداخلة عنونها بـ«”لا شيء يعجبني…” رحلة في رمزية الاغتراب الإنساني»، تناول فيها حضور الاغتراب الإنساني وتساؤلاته الوجودية في قصص المجموعة، وخاصة الاغتراب النفسي الذي يتجلى في صراع الشخصيات مع هويتها ومحاولاتها لفهم مكانها في العالم. كما تحدث عن موضوعات أخرى مثل: الحب وخذلانه، الطموح والصراع النفسي، وكذا الفن والطبيعة ودورهما في تسليط الضوء على الأسئلة الفلسفية الوجودية، وبالتالي فالمجموعة “لا شيء يعجبني…” تقدم رؤية ثرية للإنسان المعاصر في مواجهة قضاياه الوجودية، مما يفتح أبواب التفكير والنقاش حول التحديات التي نعيشها في حياتنا اليومية.
وقد تطرق الباحث حميد بومزوغ في مداخلته التي وسمها بـ«الوعي الشقي في المجموعة القصصية “لا شيء يعجبني…”»، إلى مرتكزين من المرتكزات الخمسة للمنهج البنيوي التكويني للوسيان غولدمان، هما: 1- رؤية العالم التي تجعل من جماعة أو طبقة مختلفة عن طبقات أخرى من حيث الأفكار والأيديولوجية، مثل: الاختلاف حول من يحترم النظام ومن لا يحترمه (قصة “قطار السابعة صباحا”)، وبين من يؤيد الابداع في المواقع الافتراضية ومن لا يشجعه (قصة “البذلة البيضاء”)، وبين من هو مؤمن حقيقي ومن هو العكس (قصة “قبلة ميتة”). 2- الوعي الشقي: تم التركيز على نهايات جل القصص، والتي كانت حزينة وتعيسة مثلا نهاية صاحب “البذلة البيضاء” الذي انسحب ذليلا، ونهاية قصة “قبلة ميتة” الذي فر من المسجد منهزما. وبالتالي تمكنت القاصة –حسب الباحث- من تصوير وانتقاد الواقع المعيش، وما يشوبه من اختلالات بطرق فنية وجمالية.

أما الباحث زيد الحديوي فقد أشار في مداخلته المعنونة بـ«”لا شيء يعجبني…” الذات وصراع الاغتراب»، إلى أن المجموعة القصصية “لا شيء يعجبني…” تعد نمذجة سردية متفردة في الكتابة القصصية، لامست قضايا الاغتراب الروحي، والنفسي، والوجودي في سياق ثقافي معاصر؛ وبالتالي هي مجموعة تنقل القارئ إلى عالم مليء بالاغتراب الداخلي والصراع النفسي، معبرة عن محنة وجودية تمزج بين تساؤلات الذات، ورغبتها في البحث عن المعنى. كما تفتح أمام القارئ مسارًا لفهم كيف يمكن للثقافة والهويات الاجتماعية أن تتداخل مع أبعاد الفرد الداخلية، وكيفية تحول اللغة إلى أداة للتعبير عن القيود الثقافية، وسبل الذات لكسر تلك القيود عبر تعبيرات سردية قوية، وبالتالي اعتبر الباحث قصص المجموعة رحلة الذات للتصالح مع نفسها ومع الواقع الاجتماعي، رغم التحديات النفسية والثقافية التي تحاصرها.
وعبرت القاصة فاطمة الزهراء المرابط في كلمة بالمناسبة، عن امتنانها الكبير لجمعية درعة تافيلالت للثقافة والتنمية بالرشيدية، كما شكرت الباحثين على قراءاتهم النقدية العميقة والرصينة، وحيت كل المهتمين الذي شاركوها لحظة الاحتفاء بمجموعتها القصصية “لا شيء يعجبني…”.
وقد اختتم اللقاء بتوقيع المجموعة القصصية “لا شيء يعجبني…” للقاصة فاطمة الزهراء المرابط، بحضور ثلة من المبدعين والنقاد والطلبة والمهتمين بالشأن الأدبي.