نظمت جمعية العلامة الجمالية بشراكة مع مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، وبتعاون مع مركز الدراسات والبحوث الإنسانية بوجدة، ندوة علمية في موضوع “الكتابة الروائية عند محمد برادة آفاق الكتابة والتجريب” وذلك يوم السبت 26أكتوبر 2024 بمركز الدراسات. وتندرج هذه الندوة في إطار سلسلة الندوات الذي عرفتها مجموعة من المراكز الثقافية في ربوع المملكة، والتي أشرف عليها المختبر. وقد رامت هذه الندوة مقاربة عملين روائيين لمحمد برادة هما “بعيدا من الضوضاء قريبا من السكات” و”موت مختلف”.
استهلت الندوة بكلمة لجمعية العلامة الجمالية؛ استحضرت من خلالها السياقات المتعددة لهذا الاحتفاء الوطني، حيث يعد محمد برادة من أهم الأسماء الفكرية التي راكمت إنتاجات نقدية وفكرية وأدبية، وهو الذي اختار منذ البدايات منعطف المغامرة والتجديد في التخييل، وبناء معرفة جمالية بالذات والمجتمع والأفكار. بعد ذلك عرضت الباحثة شفيقة العبدلاوي شريط فيديو وقفت من خلاله عند أهم المحطات الأدبية والانتاجات الفكرية. كما سلطت الضوء على الجوائز الأدبية المهمة التي أحرزها محمد برادة طيلة مسيرته الحافلة بالعطاءات. ثم جاءت مداخلة الباحث بوشعيب بنيونس بعنوان “بعيدا عن الشكل.. قريبا من الرؤيا في ” بعيدا من الضوضاء، قريبا من السكات “، لتبحث في طبيعة العلاقة القائمة بين الشكل الروائي والمحتوى الروائي، وبيَّن كيف اعتمد محمد برادة بنية مورفولوجيا خاصة تحاول الجمع بين شكلين روائيين: رواية الأحداث ورواية الأقوال، والطريقة التي مزج بها بين الشكلين والتمكّن من نقل تفاصيل الحقبة، في نص روائي ينتصر للتجريب والحداثة، ويحترم الأصول والقواعد.
بعدها تناولت الكلمة الباحثة إلهام الصنابي في مداخلة عنونتها بـ “من سؤال التاريخ إلى عوالم المحكيات في”بعيدا من الضوضاء قريبا من السكات”، فوقفت عند مجموعة من القضايا الموضوعاتية والفنية في الرواية من بينها إشكالية التجنيس، وعلاقة الروائي بالتاريخي على اعتبار أن الرواية جاءت لتبحث في بينة المجتمع المغربي قبل الاستقلال وبعده، بالاعتماد على محددات ومعينات قرائية ودلالية. كما تناولت الورقة البعد الفني للرواية من خلال اعتماد تقنية السرد المتوازي واستحضار المتلقي في جميع مقاطع السرد المنتصر لبنية التجريب الفني، والمبني على ثلاث شخصيات في سياقات مختلفة ومرجعيات متنوعة، وهي تقنية ساهمت في إبراز الجوانب الفنية والتاريخية للرواية.
أما المداخلة الأخيرة فكانت للباحث محمد ماني وتناول فيها “صور الموت في رواية “موت مختلف”، فَبَيَّنَ في مستهل العرض حضور إشكالية الموت في الرواية المعاصرة موضحا بعض أسبابها، ثم خلص إلى أن الموت ظاهرة تقتضي وقفات للنظر والتأمل. ورواية “موت مختلف” لمحمد برادة الصادرة في 2016 هي التي مكنت صاحبها من نيل جائزة كتارا عام 2017، وتحيل كما هو واضح على الموت انطلاقا من العنوان، ذلك الموت الذي اتخذ في هذا العمل الروائي صورا مختلفة مادية ومعنوية، عملت الدراسة على استجلائها وإخراجها والوقوف على حجم المأساة التي طبعت الحياة وفرضت وجودها على الأحياء.
قام بتسيير فقرات هذا اللقاء الباحث مصطفى سلوي الذي كان بدوره يضيف بعض اللمسات النقدية والتحليلية لبعض أعمال محمد برادة، وعرف اللقاء نقاشا فكريا وأدبيا ساهم فيه عدد من المثقفين والمهتمين بالأدب والرواية على وجه التحديد، ومنهم مثقفون أخذوا عن الأستاذ محمد برادة بجامعة محمد الخامس.
إلهام الصنابي