“عندما يكون الإنسان مكبلاً بالسلاسل الحديدية منذ طفولته، سيعتقد أن هذه السلاسل جزءًا من جسده”
رينيه ديكارت
*
لا تيأس إذا مزقت الرياح العاتيّة شراعك، فربما دفعتك هذه الرياح لغايتك.
أحمد جمعة
هاتين العبارتين تتصدران الرواية وتدللان على طبيعة المحتوى وما يحمله من تعقيد النفس البشرية.
تستهل الرواية بطفرةٍ عاطفية لعلاقةٍ سريعة خاطفة بين قارئة وكاتب، سرعان ما تقفز تلك الصورة الأولى لانفجار بركان علاقات وشيجة بالماضي وصندوق باندورا كما في الميثولوجيا الاغريقية، كهف أسرار شرور وغريزة النفس البشرية، يتمثل في جشع وافتراء ووهن بالحياة وللدلالة ليس للشرور بقدر ما يتضمن من أسرار وغموض وعالم مبهم من العلاقات حتى يقود ليفرز ابنة وتاريخ وحياة غير متوقعة بين رجل وامرأة، كلاهما عاشا خارج العالم الواقعي ثم سقطا في واقع عرى كل شيء وبشر بابنة غير شرعيّة كانت محور حياة الكون، هدّد فتح صندوق باندورا المجرّة برمتِها وحوّل حياة أسرتين من عالمٍ هادئ مستقر إلى فوهة بركان.
تمضي الرواية بسياقات متعدِّدة في تلازم بين الاحداث والشخصيات رغم تباين الأمكنة والثقافات الاجتماعية والمهنيّة، تحمل الرواية أفكارًا فلسفية حول ثنائيّة الحياة وتهديد المرض والموت بالتوازن مع الحبّ وغربته، مع بطل رئيسي هو- صندوق باندورا –
فكما هو الإنسان سبب في جعل حياة الآخرين سعيدة، فهو كذلك سببًا في دمار حياتهم! هذا التناقض والتباين الغرائبي يدلّل على صعوبة فهم النفس البشرية، فنحن نحمل في دواخلنا أكثر من شخصية، تبرز في أوقاتٍ معينة، وقد تظهر أكثر من شخصية في نفس الوقت في تعقيدٍ متشابك وعصي على الفهم، يتداخل مع السياسة والمنافي والأوطان والعبور بمفترق حياة عبر الإصابة بسرطان يعيد رسم خطوط الحياة من البداية الجديدة التي تفجر الرواية في النهاية عن عالم غير العالم الذي رسمته الحياة والأقدار.
عندما تنهي يومك مع الأخرين بلا حروب وترهات تنام بالليل وسط قلب السكون والسلام مع نفسك، حينها يصبح العالم ملكك…هذا ما تنتهي إليه ابنة هوى أحمد جمعة، الرواية الصادرة مؤخرًا!!!