في متاهات الحياة نجد الأم ذلك الجسر العجيب الذي ينقلنا من شاطئ التعاسة والخذلان إلي شط السعادة والأمان، فهي تلك الكائنة الساحرة التي تمنحنا الحياة وتكون لنا ملاذًا في أوقاتنا الصعبة وفي ظروفنا القاسية. إنها كالأوكسجين الذي نستنشقه في كل نفس، وكالماء الذي يروي أرض القلب والروح. تمنحنا الحياة وتكون لنا ملاذًا في أوقات الحزن والفرح، تشبه في ذلك الأوكسجين الذي يملأ رئتينا بالهواء النقي والماء الذي يروي أرض القلب والروح.
ونستمر في نسج رحلة المقارنات الجميلة، التي تحيلنا على مقارنة فريدة بين الأم وبين الأوكسجين والماء، حيث نجد في الأم ما يشبههما في كثير من الجوانب. فهي تمثل تضحيات وقوة جبارة تعبر عن تفانيها وحبها اللا متناهي، حيث تشبه الأم الأوكسجين في ضرورتها للحياة، وتشبه الماء في قدرتها على الرعاية والتغذية.
من خلال قلبها الكبير وحنانها اللا متناهي، تروي عطش الحنان وتسقي بذور الأمل في أرض القلوب، مثلما يفعل الماء بالنباتات العطشى. وبقدرتها على احتواء وتوجيه أبنائها نحو النجاح وتشكيلهم تشكيلا صحيحا، فتمثل الأم قوة توجيهية ثابتة في حياتهم يتم العودة إليها في جميع أطوار الحياة في الصغر كما في الكبر.
ففي ضوء الحقيقة العظيمة، تتجسد في الأم كل معاني الجمال والرحمة التي جعلها الله تعالى تألقاً في هذا الكون. فهي ليست مجرد مشابهة للأوكسجين والماء فحسب، بل هي بالفعل الجمال كله، والحنان كله، والعطاء كله. إذ في وجودها، نرى عبق الورد ولون السماء الصافي، نشعر بدفء الشمس ولطف الرياح، ونسمع نغمات الحياة والأمل. فهي الحنان الذي ليس كمثله شيء، والعطاء الذي لا ينضب، والجمال الذي يبعث على السعادة والانسجام.
فتظل الأم دوما في قلوبنا رمزاً لكل ما هو جميل ونبيل، ومصدراً لكل ما هو صاف ونقي في هذا الكون. إنها ذلك الوجود الساحر الذي يمنح الحياة معنى ويضفي عليها بريق السعادة والأمل.
لذا، في خضم رحلتنا البديعة هذه، نرفع أعظم التحيات والتقدير لجمالية الأم وعظمة وجودها في حياتنا. لتبقى الأم، سر جمال هذا الكون، ولتظل شعلة الحب والرحمة التي تنير دربنا في كل الأوقات والظروف.
وفي لحظة الغسق، وعندما تغمرنا أشعة الشمس الأخيرة، نرى في عيني الأم بريق الأمل ودفء الحنان. فهي تعطينا أكثر مما نطلب وأكثر مما نستحق، بلا حدود وبلا تردد، حيث تحمل في طياتها سر الحياة وجوهر الحنان، فهي كلمة السر في لغة العطاء بلا حدود. تغمرنا بحنانها كالمطر في صحراء عطشى، وتضفي على حياتنا لوناً من الجمال والسعادة.
إنه عالم الأمهات، حيث تتلاقى الأشياء الصغيرة لتشكل لوحة فنية رائعة، تحمل في طياتها أروع اللحظات وأعذب الذكريات. إنها الأم، الوجه الأكثر جمالاً في عالمنا، والقلب الذي ينبض بأعذب المشاعر وأصدق الأماني. ففي ظل وجودها، نشعر بالكمال والاكتمال، ونتذوق حلاوة الحياة بكل تفاصيلها. فلتظل الأم، رمزاً للجمال والعطاء، ونجمة تضيء سماء حياتنا بأنوار الحب والرحمة.
وفي نهاية رحلتنا الفريدة البديعة دعونا نقف بكل امتنان أمام هذا الوجود الساحر العظيم، ونعبر عن حبنا وتقديرنا بأعذب العبارات وأصدق الأحاسيس. إنها الأم، رمز الجمال والعطاء، ولن تكون للحياة معنى دون وجودها.
هشام فرجي