نقول من باب التذكير: إن مدينة القصر الكبير تفخر بعطاء رجالها ونسائها، الأحياء منهم والاموات، كما تستحق المدينة أن تسجل اسمها بمداد الفخر إبداعا وفكرا وثقافة، لما قدمه رجالها في شتى المجالات، ومنهم الراحل الأستاذ محمد أبو الوفا، فقد كان يعد موسوعة ثقافية وإعلامية نادرة.
ولد الأستاذ محمد أبو الوفاء رحمه الله، بمدينة القصر الكبير في تاريخ 20 يونيو 1950، درس في الابتدائي بمدرسة سيدي أبو أحمد، وفي الإعدادي والثانوي بالثانوية المحمدية. ثم اتجه للحصول على شهادة الكفاءة من كلية الحقوق بالرباط، والتي كانت تعادل البكالوريا. عمل أستاذا للتعليم الابتدائي، ثم التحق بمركز تكوين الأساتذة، ليصبح أستاذ اللغة العربية بكل من الثانوية المحمدية، وإعدادية المنصور الذهبي، في القصر الكبير.
ومعلوم أن المرحوم محمد أبو الوفاء قد تفرغ لكثير من الأنشطة الثقافية والإعلامية والحقوقية، ومنها :عضوية هيئة الكتاب لجريدة الشمال، والكتابة العامة لنادي دعم اللغة العربية بإقليم العرائش، وعضوية مؤسسة القصر الكبير للتنمية . علما بأنه قد حصل على وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة، في 30 يوليوز سنة 2008 .
ولإلقاء مزيد من الضوء على شخصية المرحوم، نورد ما كتبه عنه الكاتب جمال عتو، في سلسلة كاتبات وكتاب القصر الكبير، ببوابة القصرالكبير الإلكترونية، إذ يقول عنه:
((بمعرفتي بالأستاذ أبو الوفاء الذي كان يحارب ويحارب على خطوه طريق غير الذي تعرفه المدينة في التعامل الجمعوي مع المثقفين والمبدعين …..فالراحل من القلائل الذين انساقوا في العمل من أجل القصر الكبير وتاريخه وقيمه بين باقي المدن على المستوى الجمعوي، فقد كان لا يفرق بين المبدعين والأنسجة الثقافية التي كان يعمل بجانبها)).
ويعدد المرحوم الأستاذ بوسلهام المحمدي، كثيرا من أنشطة أبو الوفا التربوية واللغوية والثقافية، وذلك في كتابه “أدباء ومفكرو القصر الكبير المعاصرون ـ بحث وتراجم” (ص. 197/198)، حيث يقول عنه:
((الأستاذ أبو الوفاء عنصر ذو إشعاع تربوي وثقافي ملحوظ
1 ـ فعلى الصعيد التربوي فقد شارك في عدة أنشطة، نذكر منها :
_صياغة الأهداف الإجرائية لمادة اللغة العربية سنة 1986.
_مشروع تربوي للدعم المؤسساتي سنة 2201.
_ المشاركة في الدورات التكوينية المنظمة بين وزارة التربية الوطنية وجمعية ترانسبارنسي ابتداء من 2001 وإلى غاية 2007
2ـ وعلى الصعيد الثقافي نورد الأنشطة الآتية:
_الإسهام في أربع ملتقيات ثقافية للمجلس البلدي بالقصر الكبير خلال سنوات 93_94_95_1996
_الإسهام في عدة ندوات محلية وإقليمية في بعض المناسبات الوطنية، كالمسيرة الخضراء وعيد الاستقلال المجيد وعيد العرش السعيد.
ـ الإسهام في تكريم الإعلامي الأستاذ خالد مشبال مدير جريدة الشمال
_المشاركة في أنشطة المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالعرائش ورئاسة اللجنة الفنية الإقليمية التابعة للمجلس الجهوي للثقافة سنة 1987.
وبالإضافة إلى هذا النشاط الخصب، فإن الأستاذ أبو الوفاء عضو فاعل في عدة جمعيات، نذكر منها:
_عضو دائم وكاتب عام للمكتب الإقليمي للأنشطة الاجتماعية التربوية الثقافية والفنية منذ سنة 1985 .
_كاتب عام للنادي الإقليمي لدعم اللغة العربية 2003.
_كاتب عام لجمعية التواصل للتنمية الثقافية والتربوية بالقصر الكبير .
_عضو مجموعة العمل لجمعية ترانسبارنسي المغربي .)).
أما عن إنتاجه الصحفي والفكري، فإضافة إلى أنه كان يترأس تحرير مجموعة من الجرائد، قد نشر عدة أبحاث ودراسات في الصحف المغربية، حاول جمعها في كتاب “حفريات ذاكرتي”. وعن هذا الكتاب يقول الباحث محمد العربي العسري، في كتابه (أقلام وأعلام من القصر الكبير في العصر الحديث ـ ملامح من حياة_مقاطغ من نصوص الجزء الثالث:
((حفريات في ذاكرتي هو عنوان الكتاب الذي جمع فيه المرحوم محمد أبو الوفاء جل مقالاته، وقد بدأ الراحل بعد إحالته على المعاش سنة 2010، في جمع المقالات التي كان قد نشرها قيد حياته، وذلك من أجل إخراجها بين دفتي كتاب وقطع في إنجاز هذا العمل اشواطا هامة من حيث تصنيف موضوعات المقالات وتبويبها، اختار أن يسمى ذلك المجموع من المقالات “بحفريات في ذاكرتي”. لكن القدر لم يمهله حتى يرى بعينيه مجهودات عمر واستوت في شكل كتاب، فلقد لقي ربه والمشروع مازال لم يكتمل بعد شكل نهائي))(ص. 364).
لقد كان رحيل ذ. محمد أبو الوفاء صدمة أليمة في وسط المجتمع القصري خصوصا، والوطني عموما، بحيث فاجأته المنية دون سابق إنذار، وكان لفراق المرحوم غصة لدى كل محبيه، لما امتاز به من صدق ونبل وتواضع وكرم ووفاء بين أهله وأصدقائه.
رحمه الله وأكرم مثواه في الجنة.
أمينة بنونة