الرئيسيةالأولىعبد السلام القيسي المؤرخ والكاتب العصامي

عبد السلام القيسي المؤرخ والكاتب العصامي

عبد السلام القيسي المؤرخ والكاتب العصامي

الكاتب والمؤرخ عبد السلام بن محمد بن المختار القيسي الحسني، من مواليد مدينة القصر الكبير، سنة 1930 .
وتذكر المراجع عنه، أنه تلقى تعليمه الأولي في كتاب الفقيه الجليل السيد محمد الغافقي الجزار، رحمه الله، ثم التحق بالمدرسة الأهلية الحسنية، في حي سيدي قاسم بن الزبير سنة 1939، حيث كان من أوائل من التحقوا بها، إذ كانت أول مدرسة حرة أسست بالقصر الكبير. وبعد مرحلة الدراسة الابتدائية، التي كانت على يد ثلة من الأساتذة المخلصين المتطوعين لتعليم تلاميذ المدينة، تمكن من الحصول على الشهادة الابتدائية سنة 1944 م؛ مما سمح له بمتابعة دراسته في المعهد الديني، الذي كان حديث التأسيس آنذاك. ثم التحق للعمل مدرسا بالمدرسة الأهلية سنة 1948م. وفي هذه المرحلة من حياته، دخل ميدان النضال الوطني ضد الاستعمار، فأطر الشباب، وأسس النقابة، وأشرف على الكشفية الحسنية، وخاطب وحاضر في المناسبات الوطنية.
ومن حسن الحظ أنه تولى إدارة المدرسة الأهلية التي كان يعمل بها، فأحسن تنظيمها ووفر لها خير العناصر التربوية آنذاك، إلى أن تم دمجها في التعليم الرسمي. وبعد إعلان الاستقلال، تقلد وظيفة الكاتب الأول بالباشوية، ثم انتقل للعمل بالبلدية، فعمل على تنظيم الأقسام الإدارية بها، وعرَّب مرافقها، وعمل على ملء الفراغ الذي خلفه الإسبان بعد رحيلهم.
ونتيجة لما قدمه الأستاذ عبد السلام القيسي من جهود في مختلف الميادين علميا ونضاليا وإداريا، منح وسام الرضى من الدرجة الأولى سنة 1973، كما عين خليفة بالباشوية، ثم تمت ترقيته إلى درجة قائد سنة 1979 م، فواصل عمله بهذا المنصب، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1990 م.، حيث تفرغ لاكتساب وإنتاج العلم والمعرفة، خاصة بعد أن ساهم في تأسيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، حيث ظل ينشط ثقافيا، إلى أن انتقل إلى عفو الله تعالى يوم الثلاثاء 9 يونيو 2020 م.
وقد اشتهر المرحوم القيسي بولعه بتاريخ مدينته القصر الكبير، بشهادة الجميع. ونكتفي في هذه العجالة برأي المرحوم الأستاذ بوسلهام المحمدي، الذي يقول عن هذا الجانب في شخصيته: ((وهو معروف بنهمه للقراءة واقتنائه الكتب، كما أنه معروف بدماثة أخلاقه وحسن سيرته.
وقد اهتم منذ سنوات بدراسته الجانب التاريخي والاجتماعي لمدينة القصر الكبير، ونشر عدة أبحاث في الموضوع، وقد أثمر هذا الاهتمام كتابه القيم: مدينة القصر الكبير ـ تاريخ ومجتمع ووثائق الذي صدر سنة 2006)).(1)
بل إن الكاتب المرحوم عبد السلام القيسي نفسه، قد تحدث في كتابه هذا، عن مدى شغفه واهتمامه بتاريخ مدينته القصر الكبير، حيث قال:
(( لقد شغفت منذ عهد الدراسة بالبحث في تاريخ مدينتي الذي لم يكن يلتفت إليه أحد، فجمعت كثيرا من المعلومات وحصلت على عدد من الإفادات من بعض المصادر والمراجع من أفواه شيوخي وأساتذتي واذكر مرة سألت فيها مدير مدرستي (المدرسة الأهلية ) المرحوم الأستاذ سيدي أحمد الجباري عن تاريخ المدينة فأفادني رحمه الله بأنه يجب البحث عن ذلك في كتاب “مرآة المحاسن” للشيخ محمد العربي الفاسي ابن عالم القصر الشهير الشيخ أبي المحاسن يوسف الفاسي، ولا شك أنه اطلع عليه فهو من الأسرة الجبارية المعروفة بالعلم والتصوف والصلاح، وقد فتح علي جواب أستاذي بابا في الموضوع، بالإضافة إلى إفادات وأخبار تلقيتها أيضا من أستاذي المرحوم السيد المهدي الطود، وأستاذي أحمد السوسي المرتجي. وكانا من حاملي مشعل نشر العلم والثقافة بالمدينة في الأربعينيات من القرن الماضي))(2).
رحم الله العلامة والمؤرخ السيد عبد السلام القيسي، فقد عاش كريم الأخلاق، لطيف الشمائل، مشرق القسمات، وقورا وفيا وآمنا، وقد حظي بمكانة مرموقة ومتميزة داخل المجتمع القصري، فعاش ثابتا على مبادئه، ومات مخلصا لعمله بمدينته القصر الكبير التي درس بها، وعاش فيها، وأرخ لها، ومات فيها. فألف رحمة على روحه الطاهرة.

هوامش:
1) أدباء ومفكرو القصر الكبير المعاصرون: بحث وتراجم، منشورات جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، 2008، ص. 216.
2) القصر الكبير ـ تاريخ ومجتمع ووثائق، منشورات جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، 2006، ص. 10.

أمينة بنونة
أمينة بنونة

أمينة بنونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *