الرئيسيةأخبارالتاريخ والديموغرافيا: لقاء د.حميد اجميلي مع إذاعة طنجة الجهوية

التاريخ والديموغرافيا: لقاء د.حميد اجميلي مع إذاعة طنجة الجهوية

  استضافت إذاعة طنجة الجهوية، في النصف ساعة الأولى بعد منتصف ليلة الأحد 1 غشت 2021، لقاءا، ضمن سلسة نوافذ: محطات من تاريخ المغرب، أجراه المذيع الحسين خباشي(مدير إذاعة طنجة) مع د. حميد اجميلي، أستاذ التاريخ الوسيط بجامعة ابن طفيل. وقد استهل المذيع الحديث عن ماهية الصيرورة التحقيبية الكلاسيكية التاريخية، ملقيا الكلمة إلى الأستاذ حميد اجميلي بغية الحديث عن مشروعه التأريخي المتمثل في التاريخ الديموغرافي، الذي حاول، من خلاله، وضع مقاربة إحصائية/كمية بغية لم شتات المعطيات الاجتماعية والاقتصادية التي أفردها الإخباريون القدامى بشكل مقتضب.

     هكذا، استهل د.حميد اجميلي حديثه عن إيجابيات الاهتمام بالتأريخ الاجتماعي الذي يسلط الضوء على تاريخية وعي الفرد في علاقته بمحيطه الإقليمي والأممي؛ والحديث عن المغرب مرتبط بالحديث عن ظاهرة التشكيلات الاجتماعية والإثنية المختلفة، فالمغرب مكون من “فيسفساء إثنية متنوعة ومتناغمة، فنجد العناصر الأمازيغية، العناصر العربية، العناصر السودانية/الإفريقية، العناصر الأندلسية …إلخ”.

     ومرورا بالحديث عن الدراسات التاريخية الحديثة، لا يخفي د.اجميلي امتعاضه من قلة الكتابات التاريخية التي درست هذا المجال؛ والسبب في ذلك، حسبه، يعود إلى غياب الأرشيف التوثيقي، وكذا غياب المعطيات الديموغرافية والإحصائية، مما ينتج معه غياب تشريح حقيقي يلامس التكوين البنيوي للمجتمع المغربي التاريخي. رغم ذلك، يشير د.اجميلي إلى وجود “بعض المحاولات لترميم التاريخ المغربي في شقه السكاني، وهي محاولة البحث عن الإشارات الإحصائية في ثنايا المعطيات الاقتصادية، في ثنايا المعطيات الاجتماعية، في ثنايا الحروب والكوارث الطبيعية، وفي ثنايا المرافق الاجتماعية”.

     هكذا، وعقب تبيان الطرح الديموغرافي، تلمس المذيع العقم الإنتاجي الذي تعاني منه الجامعة المغربية في المجال الديموغرافي. كما حاول د.اجميلي تبيان الهوة، في إطار استحضاره معطى مقارناتي، بين الأزمة التي يعرفها التاريخ الديموغرافي المغربي، والاهتمام المبكر، نسبيا –في إطار حديثنا عن تاريخية الفكر التاريخي- بالتاريخ الديموغرافي أثناء خمسينيات القرن الماضي، مع مدرسة الحوليات، وذلك بسبب “توفر أوربا على خزان من المعلومات”. بينما المغرب سيشهد المحاولات الأولى لتدشين هذه الممارسة التاريخية مع “ظهور مجموعة البحث في الديموغرافيا التاريخية، والتي ظهرت بجامعة محمد الأول في وجدة، بإصدارها مجلة كنانيش”.

     عقب التأصيل التاريخي لبروز التاريخ الديموغرافي أمميا ومحليا، يعمل د.اجميلي على تبيان العقبات التي تواجه الباحث في الميدان الديموغرافي التاريخي كـــافتقاد المصادر التاريخية للكتابة العددية، واكتفائها بالكتابة الانطباعية.

     عقب ذلك، مر د.اجميلي للحديث، وبمناسبة الأزمة الوبائية التي نعيشها اليوم، بمقاربة كمية، عن جرد الأوبئة التي عرفها المغرب الوسيطي ابتداءا من القرن السادس الهجري/الثاني عشر ميلادي، مرورا بالقرن السابع الهجري/الثالث عشر للميلاد، والقرن الثامن/أي القرن الرابع عشر. ثم انتقل للحديث عن المقاومة الوجدانية الجماهيرية للأوبئة، والتي تجسدت في “الفكر الخرافي الغيبي أحيانا، وأحيانا أخرى مواجهة هذه الأوبئة بالحماية الطبيعية.

     بينما، ولإثراء النقاش، تم الحديث عن القاعدة البنيوية للوعي الجمعي المغربي الوسيطي، مراعيا الخصوصية المحلية في التحقيب التاريخي، وصيرورته الكرونولوجية، رابطا ذلك بالبنيات الاجتماعية، والتطور الديمغرافي، وتطور الأغذية (وهنا الحديث عن خصوصية نمط الإنتاج المغربي). هكذا رأى د.اجميلي الامتداد التاريخي للمرحلة الوسيطية المغربية، من خلال الإشارة إلى التشكيلات الاجتماعية والوعي الجمعي المغربي، إلى غاية القرن التاسع عشر؛ لكن الطفرة التي عرفها المغرب الوسيطي تاريخيا، حسب د.اجميلي، تمثلت في ظهور دولة مركزية مهمة؛ ومؤشرات لتطور النظام المخزني؛ وانفتاح المغرب على البلدان المختلفة، مما ساهم في تطور علاقاته الدولية؛ وكذا التغيرات التي عرفها الامتداد المجالي للدول المتعاقبة على حكم المغرب؛ التغيرات التي عرفتها طرق التجارية البرية الرابطة بين المغرب وبلاد السودان (إفريقيا جنوب الصحراء)، والتي خلخلت موضع المغرب كوسيط تجاري.

     لقد كان المغرب، حسب د.اجميلي، القاعدة الرئيسية في الدفاع عن الوجود الإسلامي بالأندلس، وقد تمثل ذلك في “الحملات العسكرية لسلاطين الدول المغربية، منتقلين من عدوة إلى عدوة […] وقد قام بذلك المرابطون والموحدون والمرينيون، وحافظوا على وجود الأندلس إلى القرن التاسع الهجري.

     أتم د.اجميلي، في اختتام مداخلته عبر أثير إذاعة طنجة الجهوية، حديثه عن تكوينات الماستر التي تتوفر عليها شعبة التاريخ والحضارة بجامعة ابن طفيل، والتي تتكون بالأساس من ماستر التاريخ المقارن للمجتمعات الوسيطية: المسيحية-الإسلام، والذي يهتم بالعلاقات المغربية المسيحية، ويدرس المجتمعات الإسلامية المختلفة، والمسيحية المختلفة، في مقاربة مقارناتية. وماستر تاريخ المغارب والعالم المتوسطي، والذي يدرس كينونة المغرب في إطار محيطه المغاربي والمتوسطي. إضافة إلى ماستر شمال إفريقيا وجنوب الصحراء، والذي يحاول وضع العلاقات التاريخية المغاربية الإفريقية في إطارها العلمي. وهي رسالة من طرف د.اجميلي مفادها أن دراسة تاريخ المغرب لا تتم بمعزل عن محيطه الإقليمي والأممي، فتاريخ المغرب جزء مشترك من تاريخ أممي يجب استحضار تاريخيته لكشف ماهيته؛ فعملية التأريخ للمغرب تستلزم مراعاة تاريخية، وجدلية، الصراع/الارتباط الاجتماعي/الاقتصادي/الذهني/السياسي للمغرب داخل محيطه الدولي من خلال العلاقات المغربية المغاربية مع إفريقيا جنوب الصحراء حينا، والعلاقات المغربية المغاربية المتوسطية حينا آخر، والعلاقات المغربية الأوربية وفق دراسة مقارناتية حينا آخر؛وهي تكوينات الماستر بجامعة ابن طفيل.

آدم الحسناوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *