الرئيسيةأخبارتكريمُ الأديب والصِّحافيّ الرَّاحل جان كمَيد بإزاحة السِّتارة عن تمثالٍ نصفيٍّ له

تكريمُ الأديب والصِّحافيّ الرَّاحل جان كمَيد بإزاحة السِّتارة عن تمثالٍ نصفيٍّ له

لمناسبة مرور عامٍ على وفاة الأديب والشَّاعر والنَّاقد والصِّحافيّ جان فيليب كمَيد، أُقيم قدَّاس وجنَّاز لراحة نفسه في كنيسة مار نهرا – ساحل علما – جونية. وقد احتفلَ بالذَّبيحة الإلهيَّة الآباء يونان عبيد وشمعون عون وجورج حرب بحضور المطران بطرس ملكي، وقرأ الرِّسالةَ الشَّاعر هنري زغيب.

وتلَتِ التَّعازي إزاحةُ السِّتارة عن تمثالٍ نصفيٍّ للرَّاحل الكبير تقديرًا لعطاءاته الفكريَّة والثَّقافيَّة، وذلك في الحديقة المواجهة للكنيسة، والَّتي قدَّمَها مجلس بلديَّة جونية برئاسة جوان حبيش ووافقت عليها وزارة الدَّاخليَّة والبلديَّات. وسبقَ إزاحةَ السِّتارة كلمةُ شُكرٍ عَفويَّةٌ لروزي جان كمَيد، كريمة الرَّاحل، وتلتها قصيدةٌ بعنوان “نِعمِة وَفا ع الحِلّ” ألقاها النحَّات رودي رحمة، وكان قد حفرَها على قاعدة التِّمثال الَّذي هو مِن صنع يدَيه.

وشارك في الصَّلاة وفي إزاحة السِّتارة لفيفٌ من الأدباء والشُّعراء وممثِّلي هيئات المجتمع المدني ومُحبِّيه، إلى النَّائبَين نعمة افرام وفريد هيكل الخازن، ونقيب المحرِّرين جوزيف قصَّيفي.

وكانت أسرة الفقيد قد قدَّمَتْ مكتبتَه الَّتي تتضمَّن أيضًا كُتُبَ والده المحامي والأديب فيليب كمَيد، مع وثائقها ومخطوطاتها، إلى جامعة الرُّوح القُدُس – الكسليك الَّتي ستُخصِّصُ لها جناحًا خاصًّا يحملُ اسمَ الرَّاحلَين في “سنتر فينيكس” الذي يديره الأب جوزيف مكرزل، وذلك من ضمن مكتبتها الكُبرى. وستعمد الجامعة إلى القيام بأنشِطَةٍ ثقافيَّةٍ متنوِّعةٍ في هذا الشَّأن.

***

يُذكرُ أنَّ جان كمَيد من مواليد جونية (لبنان) بتاريخ 17 آب 1930. والدُه المحامي الشَّاعر فيليب الخوري كمَيد، والدتُه الشَّيخة روزا غالب الخازن، متزوِّجٌ من نوال فرج بجَّاني، من الكحَّالة، وله منها خمس بنات: روزي؛ جانين، نادين، شيرين، كلودين.

أنجز دروسَه الثانويَّة في معهد الرُّسُل (جونيه)، ومدرسة القدِّيس يوسف (عينطورة)، وانصرف بعد ذلك إلى دراسة الحقوق في جامعة القدِّيس يوسف (بيروت)، إذ كان أهله يرغبون في أن يتابعَ مسيرةَ والده المحامي ويرثَ مكتبَه المعروف. ولكنَّ نزعته الأدبيَّة كانت الأقوى لدَيه، لا سيَّما أنَّه ترعرَعَ في أجواء الأدب والفِكر بين والده وزائريه من كبار الأدباء والمثقَّفين، لذلك ما إن دُعيَ لتولِّي رئاسة تحرير مجلّة “الرِّسالة” الأدبيَّة، وهو بَعدُ في الباكِر من العمر، حتَّى انصرفَ إليها مُطِلاًّ من خلالِها على لبنانَ والعالم العربيِّ بدراساته النَّقديَّة التي أحلَّته منزلةً رفيعةً في نظر الأوساط الأدبيَّة وعادت عليه بالتَّقدير، حتِّى أنَّه لُقِّبَ بـ “سانت بوف” العرب (Sainte-Beuve)، بالإشارة إلى النَّاقد الفرنسيِّ الشَّهير الَّذي عاشَ في القرن التَّاسعَ عشر.

بعد “الرِّسالة” ترأَّسَ تحرير مجلَّتَي “الرَّحمة” و”أصداء” الأدبيَّتَين، كما شاركَ في فترات متفاوتة بتحرير مجلاَّت “الصَّيَّاد” و”الإداريّ” و”الجندي اللّبنانيّ”، وجريدة “الشَّرق الأوسط” الصَّادرة في لندن، ثمّ غدا مديرًا مسؤولاً لمجلَّة “كسروان” ورئيسًا لتحرير “مجلَّة بلديَّة جونية”.

شاركَ في تأسيس “مجلس كسروان الثّقافيّ”، وأصبحَ نائبًا لرئيسه؛ كما رأسَ جمعيَّة “أهل الفكر”. من قدامى أعضاء نقابة محرِّري الصِّحافة اللُبنانيَّة، وعضو مجلس أمناء “ديوان أهل القلَم”، وعضو استشاريّ في “الملتقى الثَّقافيّ لتنُّورين وجبَيل”، ومن خلاله في “تجمُّع البيوتات الثَّقافيّة في لبنان”، وأيضًا عضو اللَّجنة التَّحكيميَّة لجائزة الأب الشَّهيد بطرس أبي عقل.

أصدرت له دار نعمان للثَّقافة مجموعَ مؤلَّفاته، وهي بحسب تواريخها: في العام 2010، مجلَّدٌ ضخمٌ بعنوان “سياحات مع الشُّعراء والأدباء والفنَّانين”، وديوانٌ شِعريٌّ بعنوان “أضعتُه العُمر” (في سلسلة “الثَّقافة بالمَجَّان”)؛ وفي العام 2011، مجلَّدُ “جولات في آفاق الفكر والأدب”؛ وفي العام 2018 ديوانٌ ثانٍ بعنوان “أهِلَّةٌ وبُدور”، فيه بَواكيرَُه وما عقبَها من عطائه في عهد النُّضج والاكتِمال، بالإضافة إلى مجلَّدٍ ثالثٍ بعنوان “ثِمار العقل”، فيه ما كتبَ من كلمات في مناسبات مختلفة، وما كُتِبَ فيه. وله، إلى ما سبق، أربعة كتب ترجمَها من ضمن سلسلة “ماذا أعرف؟” الصَّادرة عن “المنشورات العربيّة”، هي: “النُّموّ الاقتصاديّ”، “اللاَّوَعي”، “الدِّيغوليّة”، “الثَّورة الرُّوسيَّة”.

عملَ في الحقل العامِّ محلِّلاً وخبيرًا لغويًّا في “مكتب الدُّروس والخطط” بقيادة الجيش، وهو المكتب المُعتَبَر “دماغ الجيش”، إذ كانت تصدرُ عنه الدِّراسات والتَّحليلات المُعَمَّقة في المواضيع العسكريَّة والإستراتيجيَّة والتِّقنيَّة والأمنيَّة، ثمَّ أصبحَ من أركان مديريَّة التَّوجيه الَّتي أوفدَته، في العام 1980، من ضمن بعثةٍ إلى باريس للتَّخصُّص في تحرير المجلاَّت العسكريَّة، وبعدها انتقلَ إلى مكتب وزير الدِّفاع الوطنيّ، ثمَّ إلى مكتب قائد الجيش، كمسؤولٍ إعلاميّ. أمَّا آخرُ منصبٍ شغلَه في الوظيفة فكان مستشارًا ثقافيًّا في المديريَّة العامَّة لرئاسة الجمهوريَّة – مكتب فخامة الرَّئيس.

***

يحملُ وسامَ الأرز الوطنيِّ من رتبة فارس، ووسامَ “العمل الإنسانيّ” من رتبة كومندور من “المنظَّمة الإنسانيَّة العالميَّة” في مدينة “ليل” بفرنسا. حائزٌ جائزةَ الشَّاعر سعيد عقل، وجائزةَ متري نعمان للدِّفاع عن اللُغة العربيَّة وتطويرها، و”دِرعَ الثَّقافة” من وزارة الثَّقافة والتَّعليم العالي، ودِرعَ قيادة الجيش (لمرَّتَين)، ودِرعَ “اتِّحاد الصِّحافة اللُّبنانيَّة” (المؤلَّف من نقابة الصِّحافة ونقابة المُحرِّرين)، ودِرعَ المجلس البلديِّ لمدينة جونيه (لمرَّتين)، ودِرعَ نادي “لا جوكونْد” الثَّقافيّ، مع الشَّارة الذَّهبيَّة للنَّادي، ودِرعَ “المُلتقى الثَّقافيّ في تنُّورين وجبَيل” (جائزة جورج طربيه وجورج بدوي للإبداع)، ودِرعَ مؤسَّسة “مبادرات للإنماء”، ودِرعَ جمعيَّة “أهل الفكر”، و”شهادةَ التَّكريم والاستِضافة” من “دار نعمان للثَّقافة” (جونية) لدى تكريمها إيَّاه في “لقاء الأربعاء” (صالون ناجي نعمان الأدبيّ الثَّقافيّ). أمَّا آخرُ حفلات التَّكريم الَّتي أُقيمَت له فمن قِبَل رابطة خرِّيجي معهد الرُّسًل في جونية (2019).

***

ومن شِعر جان كمَيد نقرأ:

أُغادرُ زاديْ حُسْنُ صِيْتٍ وسِمْعَـةٍ

وَنَــزْرُ عَطـاءٍ لـم يُكَمَّـلْ فَيُقْـدَرُ

فما اسْطَعْتُ إِفْراغًا لِجَعْبَـةِ مُوْسِرٍ

على صَرْحِهِ يَزْهُـوْ رُخـامٌ وَمَرْمَـرُ

لَقَدْ بَقِيَ العُمْـرُ الطَّويْلُ مُقَصِّـرًا،

فَلا الجَهْدُ مُسْتَوْفى  ولا “الغيثُ” مُمْطِرُ

وما تَرْكَتيْ بَعْدَ الرَّحِيْلِ سِوى جَنًى

كَثِيْـرُهُ حَصْبـاءٌ، قَلِيْلُـهُ جَـوْهَـرُ

(من ديوان “أهلَّة وبُدور”، 2018، دار نعمان للثَّقافة).

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *