الرئيسيةإبداعالعمة السومرية

العمة السومرية

هي آخر السومريات

  من نسل عشتار

يجمعها مع الغراف عشق ازلي

موعدهم  كل صباح

وارتفاع الشمس في كبد السماء

وان يحشر الناس ضحى

بلهفة العشاق تأتي مسرعة

تحمل له القرابين والهدايا

كجدتها بلقيس

تكشف عن ساقيها

خشية ان تبتل ثيابها

تنزلق مسرعة بين احضان سليمانها

يلفها بشوق بين ذراعيه

وكأنها اخر مرة يلتقيها

بلحظات زرقاء

تختلط فيها زرقة الماء بالسماء

تتفجر الضفاف عشقا

يلتقي الماء بالماء

على امر قد قدر

رغم عقدها السابع

لازالت ترتجف امامه

تحمر خجلا

وكأنها صبية تمارس العشق لأول وهلة

شفتاها المضطربتان

لا تجيد لملمة الاحرف

تخرج كلماتها مبعثرة

وكأنها تلتقيه للمرة الاولى

خيوط الشمس الذهبية

تعجن بحمرة خديها

مع تلك الذوائب المنسلة خجلا

من جوانب صدغيها

وقد ابيضت منذ فترة طويلة

فيرتسم على محياها لوحة

من العفة والطهارة

تضع قربانها في قاع النهر

تغرس كفيها في جسده المكتض بالشهوة

تخرج العشق من بين ثناياه

وبحركات الصالحين

ترفعهما ببطء

فتتساقط حبات الؤلوء من بين اصابعها

تغمر وجهها بما جادت به كفاها

تستنشق  الطين المختلطة بالماء

ورائحة السعد والزنبق

تيمم وجهها صوب الرب

تتمتم ببعض الكلمات

فهي في لحظات من التجلي العظيم

تختزل في تلك اللحظة كل المسافات

تحلق في انفاسها

تجوب بها ملكوت الله

هنالك يحتشد لها كل القديسين

على جوانب الطريق

يرددون معها صلاة العاشقين

اصوات المارة

زقزقة العصافير

فوق اشجار السيسم العتيقة

على ضفاف الغراف

مشاحيف الصيادين الصغيرة المهترئة

لا أولئك الباحثين عن قوتهم اليومي

انينهم الشجي

لا يقطعون صلاتها

فهي تذوب بين أمواجه المتكسرة

  تتلاشى معه بجسد واحد

فيعلن انكي ولادة كلكامش اخر

فبلاد سومر

التي تقطف الزهور باكرا

لاتزال تنجب في كل يوم

كلكامش جديد

ذات نهار

انحسرت مياه سومر

تساقطت اشجار السيسم

   الواحدة تلو الاخرى

ضفاف الغراف يعتصرها الم الفراق

العصافير لم تعد تشجو الناس

  بسمفونياتها اليومية

فقد بح الحزن صوتها

البعض بدأ بالانتقال الى الضفة الاخرى

الا هي تأتي كل مساء

تحمل  النذور وبعض الشموع

وتضعها على مذبح الالهة

علها تبعث فيه الحياة

يأتيها صوت ابن مرجان

من جانب السوق الايمن

بآهاته التي ورثها عن ابيه عن ابيه عن ابيه

فهي اهات سومرية متواترة

وبطقوس قدسية

تحمل هي الاخرى

صوب من عبروا

هنالك حيث لا تعب ولا نصب

عبرت اخر عشتار

ولم يتبقى سوى

زنبيلها الخوص

فيه شيء مما تبقى من النذور

وعشق لا يكفي العاشقين

 عائد الهلالي

 

 

1-  انكي  : اهم الالهة في سومر وبلاد الرافدين عموما

2- عشتار : الهة الجمال في بلاد سومر وقد اطلق عليها السومريين الهة الجنة

3- الغراف : نهر في قضاء الشطرة جنوب العراق والتي كانت جزء من سومر ولكش

4-ابن مرجان : احد  اهم المطربين الشعبيين في قضاء الشطرة سبعينيات القرن الماضي .

5- المشاحيف : نوع من الزوارق السريعة والبدائية والتي لاتزال تعمل في جنوب العراق

6- الصابئة: اقوام سومرية لاتزال تسكن في جنوب العراق يتعبدون في الماء الجاري

7- كلكامش : خامس ملوك اوروك صاحب الملحمة المشهورة

تعليق واحد

  1. fawze

    شكرا لهذه النزهة الجميلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *