ولدت الشاعرة لطيفة الهاشمي الجباري سنة 1961م ، في حضن عائلة قصرية عريقة. فوالدها أحد أقطاب الحركة الوطنية الإصلاحية، ثم الاستقلالية. وقد تشبعت بالثقافة منذ صغرها، إذ كانت محاطة بشعراء وأدباء من أقاربها، كالشاعرين حسن الطريبق ومصطفى الطريبق، وأساتذتها الذين درست عليهم، وتشبعت منهم شغفها باللغة العرببة، منهم الاساتذة: علال العبراق، نفيسة الناصري، محمد الخمار الكنوني وآخرون.
تلقت شاعرتنا دراستها الابتدائية بمدرسة رأس الدائرة (مدرسة ابن خلدون)، ودراستها الثانوية بالثانوية المحمدية في المدينة، تكللت بالحصول على شهادة البكالوريا سنة 1980م. بعدها شدت الطالبة لطيفة الجباري الرحال نحو العلم والمعرفة. وبما أنها منذ الصغر كان لها ميل إلى الشعر والأدب، لذا فضلت التخصص في الدراسة الأدبية.
وقد انطلق مسار الشاعرة لطيفة الجباري مع الشعر مبكرا، فقد كتبت مجموعة من القصائد، لكن لتربيتها المحافظة لم تجرؤ على نشرها، إلى أن شاركت بقصيدة في ملحمة شعراء القصر الكبير والعرائش سنة 1994. كما تمكنت من الفوز في مباراة ثرية السقاط المتعلقة بالإنتاج الشعري النسوي في إعدادية الحسن الثاني بالعرائش. وبذلك بات لشاعرتنا لطيفة الجباري حضور شعري وتقافي سواء في القصر الكبير أم العرائش.
على أن الشعر لم يصرف الدكتورة لطيفة الجباري عن الاهتمام بمسارها العلمي، متدرجة في مختلف مستويات سلمه، حسبما تظهر لائحة شواهدها الجامعية التالية:
ـ شهادة الباكالوريا في الآداب العصرية 1980.
ـ شهادة الاجازة في الأدب العربي، بكلية الآداب و العلوم الانسانية، جامعة محمد الخامس بالرباط، سنة 1984،
ـ شهادة التخرج من السلك التربوي، بالمركز التربوي الجهوي في طنجة 1985,
ـ شهادة استكمال الدروس العليا المعمقة، في تخصص الشعر الحديث والمعاصر، جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وهي دراسة تحليلية ونظرية لقصيدة (الأندلسية) الطويلة، لشاعر المهجر الجنوبي ابي الفضل الوليد، سنة 1995.
ـ شهادة الدكتوراه، بميزة مشرف جدا. وذلك ضمن وحدة التكوين: الشعر المغربي وتحقيق بعض متونه، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس 2003، حول موضوع (الإحيائية الشعرية المغربية، من خلال الشاعر محمد الخباز).
وإذا عدنا إلى نشاط دة. لطيفة الجباري الشعري والثقافي، وجدناها تشارك في لوحات شعرية في عيد العرش، خلال العهد الحسني، وفي أنشطة ثقافية بمدينتي القصر الكبير والعرائش. كما أنها دأبت على نشر نصوصها الشعرية ومقالاتها الأدبية، في بعض المنابر الوطنية، كجريدة العلم وجريدة الشمال و جريدة طنجة.
وقد اهتمت الشاعرة المبدعة لطيفة الجباري بإصدار ديوانين شعريين حتى الآن، وهما:
ـ أوتار الياسمين” عن مطبعة اللوكوس، سنة 2005.
ـ تقاسيم على اوتار الوطن، سنة 2010.
وإذ تنكب الشاعرة على نشر ديوان شعري جديد، سيرى النور في الأيام المقبلة إن شاء الله، فإنها كذلك تفكر في نشر أطروحتها “الإحيائية الشعرية المغربية من خلال الشاعر القصري محمد الخباز”.
يقول عنها الأستاذ الأديب محمد العربي العسري، في الجزء الثالث من كتابه (أقلام وأعلام من القصر الكبير في العصر الحديث):
((تحرص لطيفة الجباري على التأكيد أن الأشكال قد لا تهم في ذاتها والأهمية دائما تكمن في شعرية القصيدة وروح الانتماء إلى الإنسان من هنا هي تفضل الشعر الحر لأنه ـ بعباراتها ـ “حداثي أكثر” غير أنها لم تتوقف عن إعجابها برواد القصيدة العمودية مثل محمد الحلوي وابي بكر اللمتوني، وآخرين.))(ص.166).
ويسعدنا أن نقتطف هنا مطلعا لقصيدة جديدة لها، ضمن الديوان الذي سيرى النور قريبا، وذلك من أجل لفت النظر إلى بعض مميزات شعرها لغة وإيقاعا وصورة:
أيها الإنسان ما أضعفك!
أمام قدرة الذي خلقك
كم عبرت البحار
وأرسلت الأقمار
وجلت الأقطار
شيدت الحضارة
وأقمت العمارة
فقلت من أشد
قوة مثلي؟
بعدي و قبلي
لكنك عجزت
في وجه وباء صغير
و أطلقت من خطورته
للإنذار الصفير
لم تجد له سبيلا
وبدا عليك وبيلا
حتى بات العالم بكورونا
بيضا في سلة واحدة.
أين الأمم الواعدة ؟
شاعرتنا لطيفة الجباري شاعرة قصرية أصيلة، رقيقة وذات إحساس عال، كما سبق وقال في حقها، الأستاذ المرحوم بوسلهام المحمدي في كتابه “أدباء ومفكرو القصر الكبير المعاصرون”: ((والخلاصة ان الشاعرة الدكتورة لطيفة الجباري شاعرة رقيقة ذات أحاسيس صادقة، وباحثة دقيقة ذات نظرة عميقة.)) (ص. 114).
أمينة بنونة