الشريف عبد الجليل الوزاني من الجيل الذي ساهم في اُجتراح مغامرة مختلفة في مجال التّخييل الروائي ، وكسر لغته المتخشّبة ، وتهجينها ، والتّلاعب بالازمنة والأمكنة والشّخوص ، حتّى أنّه يجعل القارئ مهووس بمتابعة الأحداث ، والعيش مع الشّخصيات ، والتّأثّر بها ، رغم علمه بحقيقة أنّها مجرّد أسماء وخيالات إفتراضية ، لبراعة صياغته للّغة ومهارته في صناعة الشّخصيات ، ليجعلها خالدة في ذاكرة القرّاء .
الرّواية عند الشريف عبد الجليل الوزاني هي معرفة ، ولكنها معرفة لا توضع بشكل مباشر على لسان الشّخصيات ، وهذا مايطبع روايات العصر الحديث في الغرب والمشرق والمغرب …
المعرفة عنده هي التي تعمل على الدّوام ضدّ ” نسيان الكينونة ” ومن هنا أيّة رواية لاتقدّم المعرفة يمكن عدّها مجرد ثرثرة او فضفضة .
كتابة الرّواية ميثاق عند الشريف عبد الجليل الوزّاني ليس فقط تجاه صدق مايكتبه ، بل تجاه ذاته والآخرين أيضا ، وهذا التّوازن ضروري للإبداع .
فالكتابة عنده مشروع وقضية ، قضية مهارة وثقافة ، وقضية إلتزام بالمحيط العام في أشكاله الإنسانية والإجتماعية والبيئية والتاريخية والسياسية والأخلاقية والفكرية …
وهذا ما جعله يرتقي في كتاباته ، والكاتب الذي لايُعنى بما يشغل الناس لايمدّ جسرا بينه وبينهم مهما حاول .
ولعلّ رواياته التي تزدان مكتبتي باثنتين منها ” الضفاف المتجددة تيكيساس ” و ” إمرأة في الظّلّ ” والتي نال عليهما جائزة الحسن الثاني للبيئة سنة 2004 ، وجائزة ” كتارا للرواية العربية ” سنة 2015 خير دليل على براعة
الكاتب في تثبيت ذلك التراكم والتّجربة على الصعيد الحياتي والتّقني ، كما يقول دائما : ” الكاتب يجب ان يمتلك القدرة على سبر غور تجارب الحياة وتغذيتها بنهم الإطّلاع والقراءة وصقل القدرات على صعيد السرد والوصف ” ، وقوله هذا يطابق قول الكاتب البريطاني ” صموئيل جونسون ” : ” مايُكتب دون جهد يُقرأ دون متعة ” .
فالجهد المعرفي واللغوي عند الرّوائي يتحفنا دائما بروايات ذات بنية قائمة على التّوازن في التّخييل وبين ادواته كسارد يحكي الواقع بصدق متناه ، حتى لو كانت الشّخوص وهمية ، وهذه هي الحقيقة بعينها التي تلامس الأفهام والأذهان بدون جهد …
لذلك أرى انّه لابدّ في نقد أعماله من تجاوز المناهج السياقية وحتّى النّصية ، لأنّها لم تعد ترضي الذّائقة النقدية الحديثة ، بل تجاوز الخطاب الأكاديمي وتبنّي آخر وليد لتجاربه السبعة ، والنّظر إلى مفاهيمه من الداخل ، وجعل مقاربتها مختلفة عن غيرها ، حتى يتسنّى إنصافه بين هذا الكمّ الهائل من الرّوائيين.
نهى الخطيب