أي ألوان قوس قزح ترسمُ السماء؟ عندما تملأ لآلؤُّها المسافة بين الغيمة ورأسها، فألوان قوس قزح في عينها الرمادي، الترابي الخدري، الأسود والكاكي. أم تلَّونْ الأفق المحمر بريشة قرص الشمس ومن عيونها الزرق بلون سماء المخيم الذي تراه ظلمةً!. تبعث بنظرها الى رحيل شتات السحب المنسحبة بعد ليلة شتائية عاصفة. يتوه الوجع المغموس بحلم الفجر الأزرق بين عينيها! أي أمنيات تافهة نائمة أو حالمة بحلم يقظةٍ بأن تصبح يوما ًممرضةً؟ هل تتململ في فراش حصيرةٍ من خيوط النايلون؟ نَقّعَ بمطر الليلة الماضية عندما غرقت كل الخيام في مخيم تل الكرامة واعتذرت بل بخُلتْ الشمس عن الحضور لتبعث دفئاً لأناملها وأطراف أصابع قدميها التي فقدت الإحساس بهما من شدة البرد.
فرحٌ الطفلة ذات السبع سنوات التي أختلطت ألوان بشرتها المحمرة مع ألوان طين الارض والعواصف الترابية الجائرة في تلك البقعة المنعزلة على الحدود التركية . شعرها الأشقر هو الآخر تلون بلون الغبرة وهاهي خصلاته المجنونة تتسابق بإتجاه الريح فتعيدها دون جدوى بعد أن رأتْ عائلتها تُسحق تحت ركام ِالقصف لمدينة إدلب فلم ينجو ألا هي وأختها الصغيرة، وجدها المقعد بالشلل ِالنصفي ، عندما كانت تأخذه خارج البيت لتعود اليه أنقاضاً!. تنزحُ برحلة مجهولة العواقب مع جموع النازحين الى الجنوب الشرقي من المدينة تبصر بعينيها الى البعيد وتلتفت خلفها الى الخيام فأضطرها الموقف أن تمارس المهنة التي حَلُمتْ بها والأمومة مضطرة وهي بهذا العمر المبكر! تجول ببصرها للجهات الأربعة تركزُ على الشمال لعلها تسمع صوتاً يناديها خلف الحدود، يمد يداً، يمسح على رأسها ، يمسد شعرها. نزَّت مذعورة.
-لنعد الى الخيمة؟ لابد إن جدنا قد صحا خاطبت أبنتها! أختها الصغيرة في الكرسي المتحرك الذي أتخذته لعبة لأختها
–لفّي بيَّ قليلاً ؟
– الطريق طويل وستلعبيّنَ في العودة. الخوف والفزع يملأ قلبها وأوصالها ترتعد عند سماع أزيز لطائرات تمر فوق المخيم وتهز بقنابلها الأرض في مكان ما قريباً منه. تخافتَ الضوء ،تخافتَ، وهي تحلمُ به كفراشةٍ تتهافتُ عليه . دارَتْ بالكرسي المتحرك عائدة للخيمة ، ترفع رأسها للسماءِ خيوط ذهبية للشمسِ تفضّ بكارة الغيوم. تبتسم مع الوجع.
فاضل العباس العراق