زائر المساء الوفيّ ، بصوته الخافت يهمس بخبث من خلف قلوبنا الضعيفة : كفاكم كذبا وإرهاقًا لأنفسكم ، تبكون سرّا وتضحكون علنًا …
الحنين عدوّ المسافات ، صديق الآهات ، يحضر بدمعة ، بتنهيدة ، بابتسامة باردة أو شاردة في عالم يهزّنا الشوق إليه ، فنحلّق فيه بفرحة فرخ حديث الولادة لايكاد يرتفع مسافة مترين حتى يسقط على الأرض وتنكسر جناحاه …
الصّور محفورة في متحف الذاكرة بألوان باهتة ، كل ليلة نعيد طلاءها ، نعيد ترميمها ، نطِلُّ من خلالها على حكايا لم تكتمل ، تركنا تفاصيلها في مكان ما من هذا العالم .
الحنين ندبات على جبين الروح … لا أحد يحنّ للنّدوب والجروح هذا الطبيعي ، لكنّها تحنُّ إلينا ، ذاكرتها قويّة أكبر من ذاكرة الفرح …
تحنّ إلينا لنعيشها آلاف المرّات قبل ان يتدخّل القدر … ثم نحضنها ونغفو …
وفي الصّباح يحطّ الحنين من جديد على شرفاتنا ليشاركنا فنجان قهوة بارد ومقطع فيروزي من أيام الزمن الجميل
“غمضت عيوني خوفي للناس يشوفوك مخبى بعيوني”
الحنين عالق بحواسنا ، ملمسه جميل ، لكنّ مفعوله في القلوب وجع لايشرحه ألف كتاب …
نهى الخطيب / المغرب