يقبل شهر رمضان علينا بنفحاته النورانية مما يضفي علي البصيرة إشراقة ونورا.
والعبد في هذا الشهر الكريم يحيا في صفاء نفسي يدفعه إلي الارتقاء لأعلي درجات الإحسان والخلق القويم حيث يحرص الإنسان علي أداء الصلاة بخشوع ، واتمام الصيام بإيمان وحب والسعي إلي قيام رمضان طامعا في أن يحظي برضا الله، ثم تهجده وحرصه علي تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم مما يجعله يحيا في روحانية تسمو به إلي حياة الصفاء النفسي والسلام الروحي التي يفتقدها طوال أيام السنة.. الأمر الذي يحثه للوقوف وقفة تأمل مصحوبة بالايمان والحب مع نفسه، ويجعل من نفحات رمضان الروحية فرصة لتزكية هذه النفس الأمارة بالسوء.
إن لحظات التأمل ومكاشفة الذات تتيح للإنسان فرصة للتعرف عي أخطائه ، وتدفعه لتطويرذاته الي الأفضل وسبيله في ذلك محاسبة النفس إذ حينما يمتنع الإنسان في هذا الشهرالكريم عن الطعام والشراب وبقية الشهوات يعطي لنفسه فرصة للتعمق في ذاته حيث تأتي الروحانية التي تجلي البصيرة وتعطيها اشراقة علي عيوب النفس.
ولقراءة القرآن الكريم في هذا الشهر الكريم أثر في تزكية النفس فهو شهر القرآن ..
يقول الله تعالي:-
” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ”
وفي الحديث الشريف: ” لكل شيء ربيع ، وربيع القرآن شهر رمضان”
وهذه التلاوة تساعد الانسان في الانكشاف علي ذاته ومحاسبة النفس بشرط التدبر في معاني القرآن،والتذوق بحلاوة أحكامه وأوامره، والتسامي في نورانياته وروحانياته مما يضفي علي النفس إصرار الغلق باب الذنوب وفتح باب الاصلاح حبا ومرضاه لله وحده.
وبذلك يحقق الإنسان أولي خطوات الاصلاح وهي النية الخالصة في التخلص من ذنوبه والتوبة عن المعاصي والسعي والجهاد في طريق إصلاح النفس.
ويمكن للنفس أن تتكامل من خلال برنامج للتزكية والرياضة فترتفع الي أعلي عليين وتصبح” مظهر احسن تقويم” ويمكن أن تتسافل فتنحط إلي ” أسفل سافلين” بعد الاهمال والتضييع من خلال دسها تحت تراب العالم المادي الذي نعيش فيه.
وتزكية النفس من مهمات الرسل، وهو هدف للمتقين، وعليها مدار النجاةو الهلاك عند الله عز وجل,فالتزكية في النهاية: تطهر ، وتحقق، وتخلق.
التطهر .. بالتطهير من الشرك وما يتفرع عنه، والتحقق.. بالتوحيد وما يتفرع عنه، والتخلق.. بأسماء الله الحسني مع العبودية الكاملة لله من خلال الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم.
ولكن كيف نزكي أنفسنا ليزكينا الله عز وجل ..؟
ذلك من خلال التخلية والتحلية … التخلية من الصفات المذمومة ،والتحلية بالصفات المحمودة، ومراقبةالنفس وتقويمها وتهذيبها نحو الأفضل.
فلنجعل من نفحات رمضان الروحية فرصة لتجديد العهد، وإخلاص النية في التوبة، وترك المعاصي، والتخلص من الآفات، ومعالجة أمراض القلوب، والسعي في طريق الإصلاح للقرب من الله للارتقاء بالنفس حيث يجب أن تكون من الصفاء والنورانية.
د. ناهـد الخراشي
الكاتبة والمحاضرة في العلوم الإنسانية
عضو الهيئة الإستشارية العليا
مجلس علماء ومبدعي مصر والعرب