الرئيسيةأخبارأبو الخير الناصري في ضيافة رابطة كاتبات المغرب

أبو الخير الناصري في ضيافة رابطة كاتبات المغرب

نظمت رابطة كاتبات المغرب (فرع طنجة) وجمعية أعمدة لقاء ثقافيا لتقديم الأعمال الأدبية للأديب المغربي الدكتور أبو الخير الناصري، وذلك مساء يوم السبت 16 مارس 2019م بمقر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة.
شارك في هذا اللقاء الذي أدارته الدكتورة نبوية العشاب نخبة من أهل الفكر والأدب بالمغرب، وهم السادة الدكاترة محمد الحافظ الروسي، وعبد المالك عليوي، وأسامة الزكاري، وسعاد الناصر.
كان أول المتدخلين الدكتور محمد الحافظ الروسي، أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بكلية الآداب بتطوان و رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية، وقد أشاد في كلمته بأخلاق أبي الخير الناصري وبأعماله الأدبية إجمالا، ثم انطلق يتحدث عن كتاب “تصويبات لغوية في الفصحى والعامية” مبينا منهج مؤلفه في التصويب اللغوي، وعادا إياه عملا مفيدا لقرائه مقوما لألسنتهم.
ثم انتقل للحديث عن كتاب آخر غير منشور للمحتفى به، وهو أطروحته لنيل الدكتوراه المسماة “ميثم البحراني بلاغيا: دراسة في فكره البلاغي وأصوله المذهبية”، واصفا هذا العمل بأنه غيرُ مسبوق في تاريخ البلاغة العربية وأنه جدير بأن يُنشر ليستفيد منه المهتمون والمتخصصون في بلاغة العرب.
كما تحدث عن مؤلفات أبي الخير المخصصة للاحتفاء بأساتذته وشيوخه، بوصفها أعمالا تدعو إلى إحياء فضيلة من الفضائل النادرة في هذا العصر وهي فضيلة الوفاء لأهل العلم وتكريمهم.
ثم عرّج على باقي مؤلفات الناصري مشيدا بها وبما تتضمنه من القيم النبيلة، ومنوها بأبعادها الإنسانية والأخلاقية وبإحكامها اللغوي الدالّ على تمكن كاتبها من ناصية اللغة العربية.
بعد ذلك أُعطيَ الكلمة الدكتورُ عبد المالك عليوي الباحث في الإنتاج الأدبي الحديث بشمال المغرب، الذي وسم ورقته بـ”خطاب الوفاء والاعتراف بأفضال أهل العلم ونوابغه”، واستهلها بالقول إن أعمال المحتفى به “لا يمكن مقاربتها في يوم أو ساعة بل هي تتسع ليوم دراسي، نظرا لغزارتها واتساع مضامينها ومراميها وحقولها المعرفية”.
وأضاف قائلا إن صديقه الناصري كلما أهداه عملا من أعماله وجده عملا “مفتوحا على النبل والأخلاق والاعتراف بأفضال الرجال والتنصل من ثقافة الجحود”، وذلك على نحو ما يبدو في كتاباته عن والده سيدي محمد الناصري، وعن أساتذته وأصدقائه ومنهم السادة الأساتذة الأفاضل المحترمون محمد الحافظ الروسي، وسعاد الناصر، وعبد الله المرابط الترغي، ومحمد العربي العسري، ومصطفى الطريبق…
وأشار د.عليوي إلى أن كتابات أبي الخير مفتوحة على مناح متعددة (اجتماعية، وسياسية، وخلقية، ودينية..)، ووصف صاحبها بأنه “هو الناقد المتبصر الذي يباغتنا بلغة أنيقة سلسة منفتحة على الحياة المعاصرة وتطور اللغات، وهو المفسر والمقوم والمهووس بالنقد كفعالية وقراءة ومعرفة تفتح الأثر الأدبي على وسطه ومعيشه، ولا يتسلح أبو الخير بالبلاغة والبيان وقواعد النحو من أجل المباهاة والتجريح، ولكنه يتسلح بهذا المجموع الخطابي قصد تجلية النص وخفاياه وتصويب ما يمكن تصويبه متسلحا بالتدرج والتماسك في خطابه”.
أما الدكتور أسامة الزكاري الأديب والمؤرخ المتخصص في التاريخ المعاصر فقال في ورقته التي قرأتها نيابة عنه الدكتورة هدى المجاطي إن أعمال المحتفى به تؤسس “لمعالم مشروع جريء في مساءلة إشكالات الراهن وفي التأصيل لسبل القراءة النقدية المبادرة، حيث الارتقاء بالحس الأخلاقي، والافتتان بجمالية اللغة، والانسياق مع روعة التراكيب، والهيام في ملكوت الوجد الصوفي في تفكيك بنيات الواقع ومساءلة تناقضاته المستفزة للفرد وللجماعة”.
وفي حديثه عن مقالات الناصري الواردة في كتابيه “وردة في جدار” و”خارج القفص” قال المتدخل إنها تمثل “ثورة ضد الجاهز وضد لغة “الإجماع” بإغراءاته وبنعمه الكثيرة، وقبل ذلك، هي ثورة ضد ثقافة القطيع التي رسخت الكثير من مظاهر الابتذال والسقوط في ثقافتنا الوطنية الراهنة”.
وأضاف د.أسامة قائلا “إن الأستاذ الناصري استطاع إضفاء بعد إنساني عميق على كتاباته الاحتفائية برموز العلم والمعرفة والثقافة، ممن تتلمذ على أيديهم وتشرب مياه المعرفة من شلال عطاءاتهم”، مشيرا بذلك إلى كتابيه “في صحبة أستاذي محمد الحافظ الروسي” و”غيمات الندى”، معتبرا صنيع الرجل في هذا الباب “ترسيخا لثقافة بديلة، نراهن عليها اليوم من أجل إصلاح أعطاب تلقي خطابات المعرفة وإنتاج التراث الرمزي والفكري داخل تحولات الحقل الثقافي الوطني الراهن”.
كما نوّه المتدخل بتمكن أبي الخير “من خبايا اللغة العربية تدقيقا وفحصا وتفكيكا وتصويبا”، وأشاد بوفائه لاقتناعاته وعدم انسياقه مع الشائع والمنتشر، واصفا ذلك بأنه “سمة من سمات الكتاب المجددين والمفكرين المبدعين، ممن يتركون بصماتهم الناصعة على سجل العطاء الحضاري، بعد أن ينقشع غبار الزوابع وبعد أن يتبدد زيف الضباب”.

إلى ذلك شاركت الدكتورة سعاد الناصر، الأديبة والأستاذة بكلية الآداب بتطوان، بشهادة في حق المحتفى به افتتحتها بالقول إنها تذكر أبا الخير أيام دراسته بسلك الماستر (الأدب المغرب على العهد العلوي)، وأنه كان نموذجا للأخلاق الرفيعة والمثابرة والجد، واستحضرت يوما قدَّم فيه الطالب أبو الخير عرضا في فصلها حول رحلة لأحد الكتاب المغاربة، وقالت إنها منذ سمعته يتحدث، في ذاك العرض، أدركت أنه سيكون له شأن مهم في الأدب.
وعرجت أم سلمى في حديثها على ما نعانيه في مجتمعنا من جحود لأفضال العلماء والأساتذة داخل المؤسسات التعليمية وخارجها، معتبرة أبا الخير استثناء جميلا ونادر المثال في هذا الجانب، وهو ما يُجليه حسْنُ معاملته لأساتذته وشيوخه وأعمالُه المخصصة للإشادة بهم، منوهة في هذا الأمر بصدق عواطف الناصري وحقيقة محبته لهم..

ولم تخل كلمة الدكتورة سعاد من إشادة بالقدرات اللغوية للمحتفى به، وهي ما جعله يتمكن من تقويم كتابات غيره من الكتاب على نحو ما يجده القراء في كتابه “تصويبات لغوية في الفصحى والعامية”..
بعد هذه المداخلات كان موعد الحضور مع كلمة المحتفى به الدكتور أبو الخير الناصري الذي اختار الإجابة عن سؤال راود ذهنه وهو سؤال مقصدية الكتابة (لماذا أكتب؟).
وقال الناصري، في معرض الإجابة، إنه “ألَّف كتابه “تصويبات لغوية في الفصحى والعامية” لإصلاح طرق التعبير عند كثير من الناس في كتاباتهم وأحاديثهم اليومية.
وألّف كتبه “في صحبة سيدي محمد الناصري” و”في صحبة أستاذي محمد الحافظ الروسي” و”غيمات الندى” وكان من دوافع ذلك إسهامه في إصلاح ما فسد من أخلاق كثير من الناس في المجتمع إذ صاروا يعنّفون آباءهم وأساتذتهم، ولذلك سعى بهذه التآليف إلى نشر ثقافة أخرى بديلة هي ثقافة الوفاء والإقرار للآباء والشيوخ بأفضالهم، فالدافع هنا إصلاحيّ أيضا”.
وقال عن كتابيه “وردة في جدار” و”خارج القفص” إنهما يتضمنان مقالات رأي سعى فيها لإصلاح بعض ما رآه غيرَ سليم من الآراء والأفكار في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية..
وعن كتابه “لا أعبد ما تعبدون” قال إنه ضمَّنه دراسات حاول أن يقدّم فيها نقدا بنّاءً مُسهما في تجويد الأعمال الإبداعية التي انتقدها وتحسينها..ليخلص من ذلك كله للقول إن ما يحركه في جل كتاباته هو الرؤية الإصلاحية .

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *