الرئيسيةمقالات و دراساتالموضوعية و الذاتية في الشعر العربي القديم

الموضوعية و الذاتية في الشعر العربي القديم

من نافلة القول، الإشارة إلى أن الإنتاج الأدبي، شعرا كان أو نثرا، يتضمن من بين ما يتضمنه، تداخل عنصري الذات والموضوع. وبحكم هذا التداخل، رأينا في دراستنا للشعر العربي القديم من جهة الذات و الموضوع ، أن نأخذ دورهما بعين الاعتبار، إيمانا منا بوجود علاقة جدلية لا انفصام فيها بين هذين المستويين. ونحن إذ نختار هذا المسلك، فإننا نقتفي آثار كثير من الباحثين، مثل زكي مبارك، الذي كتب قائلا : « من الواجب أن نتعمق في دراسة حياة الشاعر […] وأن نعنى فوق ذلك بمعرفة العهد الذي عاش فيه الشاعر، بما لذلك من الأثر في معرفة أحوال وأذواق الشعراء […]»(1) . وكان عباس محمود العقاد قد أكد من جهته هذا الطرح، بقوله : إن « معرفة البيئة ضرورية في نقد كل شعر، في كل أمة، وفي كل جيل […]»(2).

ويرتبط إيماننا بأهمية هذا المنهج أيضا، لما يكتسيه الحديث عن الذات والموضوع من دور في معرفة العوامل المؤثرة في شخصية الشاعر المبدع وأثر تلك العوامل في شعره، و ما يتداوله من ألفاظ و تعابير ، والتي تتطلب من الباحث و لاشك ،« […] حين يوازن بين شاعر و آخر، أن يعرف حياتهم […]، وأن يثبت مما أحاط بهم من مختلف الظروف»، على حد قول زكي مبارك(3).
فما هي إذن طبيعة هذه العوامل المؤثرة في حياة عنترة بن شداد العبسي ؟

و من تم ، نهدف من هذا الموضوع، الحديث عن أهم العوامل المؤثرة في شخصية عنترة(4) قصد الوقوف بقدر الإمكان على آثارها في شعره، وبالتالي في أسلوبه و أفكاره و مقاصد شعره الفنية و النفسية و الذاتية .

1. عامل البيئة والطبيعة:
عرفت شبه الجزيرة العربية ظروفا طبيعية ومناخية صعبة، بحكم طابعها الصحراوي، اضطر معها الإنسان في الجاهلية إلى الترحال والتنقل في أكثر الأحيان طلبا للنجعة، وبحثا عن سبل العيش، بكل ما تعنيه الرحلة من تعب وخوف ومخاطر.
وقد واجه عنترة ،كغيره من أبناء عبس، طبيعة هذا النظام البيئي، وجرب الرحلة وحياة التنقل، وقابل بيئات مختلفة، وعاش بين الجدب والقحط أحيانا، وبين الخصب والعطاء أحيانا أخرى، وتكيف كغيره من بني قومه، مع كل لون من ألوانها الطبيعية، وابتهج لعطائها وجمالها، وشقي لجفافها وقحطها. نقول هذا الكلام، وحجتنا عليه ما ورد في أشعاره من وصف لشتى المظاهر الطبيعية ومختلف الأماكن والمواضع، بنباتها وحيواناتها المتعددة.

وأشهر ما روي عنه، قوله في وصف الروض:

أوْ رَوضَــةً أُنُـفـاً تَـضَـمّـن نَـبْـتَـهـا                    غَـيـثٌ قَـلـيـلُ الدِّمْـنِ لَيْسَ بِـمَـعْلَمِ
جَـادَتْ عَـلَـيْـهَـا كــلُّ عَـيْـنٍ ثَــرَّةٍ                     فَـتَـركْـنَ كُـلّ حَـديـقَـةٍ كالــدِّرْهَـمِ
سَـحًّـا وتَـسْـكَـابـاً فـكُـلَّ عَـشِـيَّـةً                    يَـجْـري عَـلَـيْـهـا الـمـاءُ لمْ يَتَصَرَّمِ (5)

وقوله في وصف الناقة :

هــلْ تُـبْـلِــغَــنِّـي دَارهـا شَـدَنِــيَّــةٌ                   لُـعِـنتْ بِـمـحْرومِ الشَّـراب مُصَـرَّمِ
خَــطّـارَةٌ غِــبَّ الــسُّــرى زَيـَّافــةٌ                      تَـقِـصُ الإكَـامَ بـكـلِّ خُـفٍّ مِــيْـثَمِ
وكَـأَنَّـمَـا أَقِـصُ الإكَــامَ عَـشِــيَّــةً                    بـقَـريـبِ بـين الـمَنْسِـمَـيْـن مُصَلَّمِ(6)

وقوله في وصف الحمام:

أفَمِــن بُــكـاءِ حـمـامـةِ فـي أَيـْكَةٍ                   ذَرَفـتْ دُمُوعُك فوق ظَهْر المَحْمل(7)

و قوله في وصف الغزلان:

فــكَـأنَّـمـا الْـتَـفَـتـتْ بـجِيدِ جَدايَةٍ                     رَشَــإٍ مــنَ الــغِـــزْلانِ حُــرٍّ أَرْثَـمِ(8)

وقوله في وصف النعام:

يَـأْوي إلَـى حِزَقِ النَّعَام كمـا أَوَتْ                  حِــزَقٌ يَـمَـانـيَّـةٌ لأَعْـجَـمَ طِـمْـطِمِ
يَــتــبــعْـن قُــلّــةَ رأسِــه وكـــأنّــه                     زَوجٌ عَــلــى حَــرجٍ لــهُـنّ مُـخـيَّمِ
صَـعْلٍ يـعُـود بذي الـعُـشَيْرة بيضَهُ                  كالـعَبد ذي الفَرو الـطَّويل الأصْلَمِ(9)

وقوله في وصف الديار وعرصاتها:

طَـال الثَّـواءُ عَـلى رُسـوم الـمـنزلِ                   بـيـن اللَّكـيكِ وبين ذاتِ الـحرْمَلِ
فَـوقـفـتُ فـي عَـرصَـاتِهـا مـتَـحيِّراً                   أسَـلُ الـديـارَ كـفـعل مَنْ لَم يَذْهَلِ
لـعـبَـتْ بـهـا الأنْـواءُ بـعـد أنِـيسِها                   والـرّامِـسـاتُ وكـلُّ جَـوْنٍ مُسْبِـلِ(10)

وتجعلنا هذه الشواهد، وغيرها11)، نعتقد أن طبيعة البيئة التي عاشها عنترة شكلت إحدى العوامل المحددة لشخصيته، وحددت من جهتها القيم الأخلاقية عنده، «[…] فعودته الصبر والخشونة والجفاء لجفافها، وعودته القوة والبسالة والإقدام والعصبية لعدم الاستقرار وكثرة الترحال ، وعودته الوفاء والأمانة والصدق ونصرة الجار وحماية الديار والحفاظ على الأعراض والكرم لخصوبتها […]»(12).

ومن جهة أخرى، لم يكن التغني بالطبيعة، ببيئتها الجافة أو الخصبة عند عنترة، هدفا في ذاته، وإنما مجرد وسيلة لإبراز مشاعره وفقا لتصوراته الخاصة، « ليحقق التكامل بين نفسه وبين الاشكال الأساسية للعالم الطبيعي، وإقاعات الحياة، إذ رأى أن هذا هو الطريق أو الأسلوب الأصدق في التعبير عن نفسه»(13) .

2. عامل العبودية:
من الصعب على كل باحث إذا تكلم عن عنترة أن لا يستحضر روايات القصاصين عن بشرته السوداء، وما عانه من جرائها من احتقار وتهكم، وسباب وحرمان، وقسوة العيش، ومهانة الدار، خصوصا بعدما نبذه والده، ورفضته عشيرته.
وبقدر ما سببته العبودية لعنترة من متاعب أثرت في نفسيته وشخصيته وحياته، بقدر ما كانت عاملا من عوامل مجاهدته على إثبات ذاته بين أهله، كما تعبر عن ذلك صرخاته المنظومة، مصداقا للقول المشهور « إن الفنان يلون الأشياء بدمه»(14). فلقد كان عنترة يحمل في نفسه الرغبة في الحرية والانعتاق من العبودية، ولما قصر عن الوصول إليها وقامت أمامه عقبات قاهرة، انعكست هذه الرغبات إلى باطن نفسه، فشكلت له عقدا نفسية، لكنه لم يستسلم، ولم ينطو على نفسه، بقدر ما قاوم بعنف بشجاعة وبطولة تبعات المهانة (15). بل لقد وجد في هذه البطولة خلال المعارك التي خاضها إلى جانب قومه، ما شفع به لنفسه، كما في قوله مفتخرا:

أنَـا الـعَـبـدُ الــذي يَـلْـقـى الـمَنايا                    غَـدَاة الـرَّوْع لا يَـخْشى الـمَحَاقَا(16)

وفي قوله مذكرا أهله بأياديه البيضاء عليهم :

قدْ أَطَعنُ الطَّعْنَةَ النَّجلاءَ عن عُرُضٍ                 تَـصْفَـرُّ كَـفُّ أَخِيـهـا وهُوَ منْزُوفُ(17)

ومن تمّ، انبعثت صورة عنترة البطل التي يمثلها في شعره، ويعرضها في نظمه، وتضخمت الأنا في ذاتيته إلى حد الاعتزاز والافتخار، فكان بذلك يريد أن يثبت فكرة الوجود، التي كان يعتقد أنها ضرورية له، كي يبرز بين أفراد قبيلته، وبالتالي يؤكد فكرة حريته(18) .

فنراه يذكر أهله ببطولته الخارقة في قوله :
وحَـلـيـلِ غَـانـيـةٍ تـَركْـتُ مُـجَـدَّلا                       تَـمْـكو فَـريصَـتـُه كَـشِدْق الأعْـلَمِ
عَـجِـلـتْ يَـدايَ لَـه بـمَـارنِ طَـعْنةٍ                     ورَشـاشِ نـَـافِــذةٍ كَـلـوْنٍ الـعَـنْـدَمِ(19)

ونجده يسخر شجاعته ليغطي وضاعة نسبه في قوله :

إنّي امرؤٌ من خَيـرِ عبسٍ مـنــصباً                    شَـطري وأحْـمي سائِري بالـمُنْصَلِ(20)

وفضلا عن افتخاره ببطولته وفروسيته وشجاعته، لم ينس عنترة أن يبتهج بخصاله الحميدة، وأخلاقه الفاضلة رغم سواد لونه، كما في قوله:

وأغَـضُّ طَـرْفـي ما بَدتْ لي جَارتي                  حــتـّـى يُـواري جَـارَتـي مَـأواهـاَ
إنِّـي امـرؤٌ سَـمْـح الـخَـلِيقةِ مـاجِدٌ                    لا أُتْـبِـعُ الـنـفـسَ اللَّـجُوجَ هواها (21)

وفي قوله أيضا:

هـلاَّ سـَأَلْـتِ الـخـيـلَ يا ابنَةَ مالكٍ                     إن كُـنـتِ جـاهـلـةً بما لـم تـعْلمي
يـخـبـرُكَ مـن شَـهِـدَ الـوقـائعَ أنني                   أغْشى الوَغَى وأعِفُّ عـندَ الـمَغْنَمِ(22)

وفي قوله :

أغْـشـى فَـتـاةَ الـحيّ عنـد حَليلِـهـا                   وإذا غَــزا فـِي الـجَيْشِ لا أغْشاهَا(23)

وفي قوله كذلك:

ولقَد أبـيتُ عـلـى الـطَّـوى وأَظَلُّـه                    حَـتّـى أنـالَ بـه كَـريـمَ الـمَــأكـلِ(24)

وهذا كله، يعني أن الحرية كانت المحرك الأساسي لعنترة إزاء المعوقات الخلقية، وخصوصا ما تعلق منها بالعبودية، وما ارتبط بها من احتقار واستهزاء وتهكم.
وباختصار شديد، نستطيع القول، باطمئنان، إن المعاناة من الدونية كان لها بدورها دور مهم في تحديد الملامح الأساسية لشخصية عنترة ولشعره.

3. عامل الحب :
لقد أغرم عنترة بابنة عمه عبلة، وصار يكن لها حبا جَمّا، ويتمنى رضاها ولا يعير غيرها نظرا، بل يخلص لها وحدها(25)، كما في قوله :
ولـئِـن سَـألتَ بِـذاكَ عَـبـلةَ خَبَّرتْ                       أنْ لا أريـدُ مِـنَ الـنِّـسـاءِ سِــواهَـا
وأَجـيـبُـهـا إمّـا دعـتْ لـعَـظـيـمــةٍ                      وأُعِـيــنُــهـا وأكُـفُّ عـمّـا سَـاهـَـا(26)

لكن أنّى له هذا الحب؟ وهو العبد الراعي، الأسود اللون، المحتقر من طرف أبناء القبيلة، وهي ابنة سادة بني عبس المصونة، يتمنى أبوها أن يزوجها بذي حسب ونسب وجاه. ورغم هذه المعوقات، ظل عنترة متعلقا بعبلة، عاشقا لها، ولم يكف عن التمني في كسب قلبها، على نحو قوله:

ولَـقَـد نَـزَلْـتِ فَـلا تَـظُـنّـي غـيْـرَه                      مـنِّـي بِـمـنْـزلةِ الـمُـحبِّ الـمُكْرَمِ (27)

وقوله يصف جمالها :

رمــتِ الــفُــؤادَ مَـلـيـحـةٌ عـذْراءُ                         بِــسِــهَـامِ لـحـظٍ مـا لَـهُــنَّ دَواءُ
مَـرَّت أوانَ الــعِــيـدِ بـيْـن نَـواهِـدِ                      مـثْـل الـشـمـوس لـحـاظـهن ظباءُ
فـاغـتـالـنـي سقمي الذي في باطني              أخـــفـــيــتــه فــأذاعــه الإخـفـاءُ (28)

وقد كان عنترة يدري أكثر من غيره بأن حبه محكوم عليه بالتعثر. لكنه، رغم ذلك، أخذ على نفسه بميثاق تحمل كل المشاق للعبور إلى مقصده. كما يبدو من قوله:

ولأجْـهـدَنَّ عـلـى اللّقاءِ لكي أرَى                     مَا أرْتَـجِـيـه، أو يَـحـيـنَ قَـضـائـي(29)

وهذه وجهة قاسية، فيما يظهر، ارتضاها عنترة لنفسه، بفعل شغفه بعبلة، كما في قوله:

وكَــمْ جَـهْـدِ نــائــبـةِ قـد لَـقِـيـتُ                       لأجـلِـكِ يـا بنْتَ عـمّـي ونَـكْـبـهْ (30)

فهذا الرجل المغرم كان يقابل كل المآسي بثبات، بل لقد تغزل بحبيبته وهو يعلم أن عرف القبيلة يقضي بحرمان من يتشبب بامرأة من أن يتزوجها. وقد ساعده على ركوب التحدي ثقته بنفسه وبقدرته على كسب الرهان، كما تعود ذلك في نزاله لأعدائه بساحة الوغى. وقد عبر عن ذلك بقوله، مثلا:

يـا عـَبْـلُ كم مِـن غَـمْـرةٍ بـاشَرتُهَا                       بالنَّفسِ ما كادتْ لَـعـَمْرُكِ تَنْجَلي
فـيـهـا لَـوامـعُ لـوْ شَـهِدْتِ زُهَاءها                    لَـسَـلـوْتِ بـعـد تَخَضُّبٍ وتَكَحُّلِ (31)

لكنه لم ينس في المقابل الإشارة إلى ما يتمتع به من طيبوبة، وما يتحلى به من تواضع، كما في خطابه لعبلة :

أثْـنِـي عـلـيَّ بـمَـا عـلِـمْـتِ فـإنّـني                      سَـمْحٌ مُـخَـالـقَـتـي إذا لَـم أُظْــلَـمِ(32)

إلى أن يقول:

فــإذا شَـرِبـتُ فـإنّـنـي مُـسـتـهلكُ                      مَالـي وعِـرضِــي وافــرٌ لَم يُكْلَمِ
وإذا صَحوْتُ فَمَا أُقَصِّرُ عَـنْ نَدَى                       وكَـمَـا عَـلِـمْتِ شَمَائِلي وتَكَرُّمِي(33)

فهل نجح عنترة في استقطاب عبلة؟
مهما كان الأمر، فمعاناته كانت شديدة، ورغبته « في انتزاع نفسه من ابتذال الواقع، والسمو فوق الآخرين بمآثر استثنائية»(34) تبقى واردة، مما يؤكد أن وقع المعاناة كان شديدا، وأن ما رواه شعرا عن هيامه، وحبه، كان خلاصة تلك المعاناة.

وإذا تركنا جانبا هذا الفخر، وما يرتبط به من إشهار للمناقب، والمزايا، وتجاوزنا إمكانية كون ذلك مجرد تمرين كلامي فحسب، واستحضرنا الحجج الاستنكارية الموجهة لعبلة، أمكننا الوقوف من خلالها على شهادات أخرى دالة على تتمين الذات العنترية من جهة، وانتزاع إعجاب عبلة من جهة أخرى. ويتعزز لدينا هذا التأكيد حين ننظر مليا إلى مفهومي: “البطولة” و”الحب” لدى عنترة. ففي الوقت الذي كان يجابه فيه هذا الرجل عداء محيطه الاجتماعي، ويتأثر بجفاء عبلة حياله، فإنه كان يسعى إلى تذويب مأساته بالانغماس في الحروب، وانتشال نهاية بطولية أقسى وأخطر من تلك التي تسلط بها ميدان الحب، على اعتبار أن الحب يصبح إشكاليا بالنسبة لعنترة، على الطريقة التي تؤدي إلى تحقيق العمل البطولي…(35) .
يقول مؤكدا شجاعته وبطولته وعدم جزعه من الموت:

ولَـقـد غَـدوتُ أمـامَ رايـةِ غـالـبٍ                       يـومَ الـهـِيـاجِ ومـا غدوتُ بـأعْــزَلِ
بَـكـرتْ تُـخَـوِّفُـنـي الحتوفَ كأنِّني                     أصبحتُ عن غرضِ الحُتوفِ بـمعزل
فــأجـبـتُـهـا إنّ الـمـنـيَّـة مَـنــهــلٌ                      لابـدَّ أن أُسْــقـى بـكـأسِ الـمـنْـهَـلِ(36)

وعلى كل، فقد كان العامل العاطفي عند عنترة محددا أساسيا لشخصيته، وباعثا تكوينيا لمنظومته الشعرية، لما له من ارتباط بالشعور الداخلي، وبكيانه الذاتي ووجوده. وتظهر آثار هذا العامل بوضوح في محاولة عنترة التوفيق بين الآخر، “المحبوبة” وبين ذاته، وفي اختلاط عاطفة الحب عنده بنزعة البطولة الحربية والقيم الأخلاقية؛ ففي هذه الأخيرة يحصل على وجوده كإنسان، وفي الحب يحصل على دليل عملي لهذا الوجود.

4. عامل النظام القبلي :
من المعروف أن القبيلة كانت تتخذ في ظل طبيعة الحياة البدوية في العصر الجاهلي، جملة من الأعراف والأنظمة والتقاليد التي تجعل الرقابة العرفية بمثابة المؤطر التشريعي الذي يراقب كل فرد على حدة داخل المجتمع. وبناء عليه، كان خروج فرد أو إخلاله بالمألوف من بنود هذه التشريعات المنظمة، يعني تعرضه حتما لمرسوم الانصراف أو الخلع أو الطرد، الذي يصدر في حقه من لدن قبيلته. لهذا، وخوفا من مغبة هذه العواقب، كان أبناء القبيلة مشدودين إلى ولائها المقدس، حريصين على الأخذ وتطبيق أسسها المشتركة، القائمة على القرابة والمنفعة والمصلحة.
لكن هذه الأعراف والتقاليد المنظمة، لم تكن منصفة لبعض الفئات، ونخص بالذكر منهم أبناء الإماء، أو الغرباء، أو الهجناء، إذ كانوا عرضة للنفي والخلع والتجريد من الهوية أو النبذ والدونية.
وقد تأثر عنترة بهذا التمييز، لكونه أسود ابن أمة حبشية. الأمر الذي حكم عليه بالدونية في قبيلته، خصوصا بعد أن تنكر له والده، ونبذته عشيرته. ومن ثم، تولد لدى صاحبنا شعور دفين بالعزلة والغربة في قبيلته، وشعور مماثل بالغبن، والظلم من قومه. وقد عبر عن هذا الإحساس كثيرا في أشعاره، مثل قوله:

أُعـاتب دهـراً لا يــلِــيـنُ لـعـاتـبِ                        وأطـلبُ أمْـناً من صُروفِ النَّوائبِ
وتُـوعِـدنـي الأيّــامُ وعــداً تَـغرُّ بي                     وأعــلــمُ حــقـاً أنّـه وعـدُ كـاذبِ
خَـدمـتُ أُنـاسـاً واتَّـخـذتُ أقَاربـاً                         لِـعـونِي ولكن أصَبـحُوا كالعقَاربِ
يُـنـادونَـنِـي فـي السِّلم يا ابنَ زَبيبةٍ                  وعـنْد صِدامِ الخيْل يا ابنَ الأَطايِبِ(37)

ومما كان يزيد من ألم عنترة وحسرته، استغلال قومه له، عندما تدعوهم الحاجة الماسة إلى خدماته، ولأنه كان مضطرا لتلبية دعوتهم، لإظهار قوته وشدة بأسه، رغبة منه في إثبات أن لا فرق بين الحر والعبد، وأن عظمة الإنسان إنما هي في نفسه، وفي قدرته، وكفاءته، وشخصيته القوية، كما في قوله:

دَعوني أُوَفّي السّيْفَ بالحربِ حقَّـهُ                   وأشْـربُ مـن كـأسِ الـمَنيّة صَافـيا
ومَـن قَـال إنِّـي سـيّـدٌ وابـنُ سـيـّدٍ                     فسَيفي وهذا الرُّمحُ عمّـي وخـالـيا(38)

وفي قوله يصف قتله لأحد الأبطال:

جَـادتْ يـدايَ لـه بـعـاجـلِ طـعْـنـةٍ                      بـمُــثَـقّـفٍ صَـدقِ الـقَـنـاةِ مُـقـوّم
بِـرحِـيـبةِ الـفَرْغـيـنِ يَهدي جَرسُها                     بـالليلِ مُـعْـتـسَّ الـسِّـبـاعِ الـضُـرَّمِ
وتـركـتُـهُ جـزرَ الـسِّـبـاع يَـنُـشْـنـهُ                        مـا بـيـن قُـلَّـةِ رأســهِ والـمِـعـصـمِ(39)

وكانت رغبة عنترة في إثبات وجوده وانتمائه لقبيلته وفي إبراز قدراته، تزداد إلحاحا، كلما ازداد أهله وأبناء عشيرته في نبذه، ولسان حاله يردد :

وذَكَّـرنـي قـومـاً حفِظتُ عُهودهمْ                     فـمـا عَـرَفُـوا قَدْري ولا حَفِظوا عَهْدي
ولَـولا فـتـاةٌ فِـي الـخِـيـامِ مُـقِـيمَةٌ                     كمَا اخترتُ قُربَ الدَّار يوماً على البُعْد(40)

وهذا يعني، أن عنترة اختار البقاء في قبيلته بدل الهجرة أو الصعلكة، وفضل أن يرفع ظلم ذوي القربى عوض الاستسلام لإهاناتهم، فوجد ضالته في شجاعته، وبطولاته،ولسانه، للوصول إلى حريته، ولم يجعل تلك البطولات فردية لذاته، وإنما جعلها مرتبطة بالذات مرة، وبالقبيلة مرة أخرى، إلى أن حصل على الاعتراف به: «وأصبحت مظاهر القبيلة عنده، أشد ظهورا وأعظم بروزا»(41) ، وفي هذا الصدد يقول:

أنـــا الـهَـجــيــنُ عــنــتــرهْ                                 كـل امــرئٍ يـحــمي حِــرهْ
أسْــــــــودَهُ وأحـــــمَــــرهْ                                  والــشَّـــعــراتِ الـمُـشْـعرَهْ
                             الــــوارِداتِ مِـــشْــــفَــــرهْ(42)

وهكذا يبدو واضحا أن طبيعة النظام القبلي، كانت من العوامل التي أثرت في شخصية عنترة، ومن البواعث التي ساهمت بدورها في تكوين شعره. ونستطيع القول في النهاية، إن الظروف الطبيعية، والمعاناة من العبودية، وما ارتبط بها من نفي وغربة، وأحباط عاطفية، كان لها الدور الأساسي في تحديد الملامح الأساسية لشخصية عنترة، ولشعره، ولعلها كانت وراء خصوصية الأساليب الإنشائية التي أبدع بها تلك الأشعار.

بقلم: الدكتور الوارث الحسن / المغرب

 

الهوامش :
 
(1)  الموازنة بين الشعراء، زكي مبارك، ص 22.
(2)  مطلع القصيدة العربية ودلالته النفسية، عبد الحليم حفني، ص: 58.
(3)  الموازنة بين الشعراء، ص: 30.
(4)  هو أحد شعراء الفرسان العرب المفلقين في الجاهلية، رغم ما سجله عليه بعض النقاد القدامى من مؤاخذات، فأخروا رتبته.  فهذا محمد بن سلام الجمحي يعتده من شعراء الطبقة السادسة. انظر : طبقات فحول الشعراء 1/152. والأصمعي لم يعده من الفحول. انظر : فحولة الشعراء ص: 44. بل يصرح الفرزدق بأسماء أخرى من أشهر شعراء الجاهلية، غير أنه يسقط عنترة بالكلية. انظر : تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان 1/87. ورغم ذلك، فميراثه الشعري عامة يبقى ثروة فنية لها رصيدها، وأهميتها، حيث عدّ من جهة أخرى، من أصحاب الواحدة النادرة. انظر: الشعر والشعراء، ابن قتيبة 1/258.  وكما ذهب الأصمعي إلى أن عنترة من أشهر الفرسان. انظر: فحولة الشعراء ص : 27. “وذكره أبو عبيدة في الطبقة الثالثة من الشعراء الجاهليين” انظر: أشعار الشعراء الستة الجاهليين. الأعلم الشنتمري 2/109. في حين عده خير الدين الزركلي، من شعراء الطبقة الأولى من أهل نجد. انظر: الأعلام 5/91.
(5) ديوان عنترة، ص : 196-197. الأنُف: التي لم تُرع واشتقاقها من الاستئناف. والدّمَن : البعر. والمعْلم: المكان المشهور، شبه رائحة فم محبوبته بريح روضة كاملة النبت وجعل ما أصاب نبتها من الغيث قليل الدمن، أي: لم يصادف فيها دمنا لبعدها عن الناس. وقوله، ليس بمعلم: أي ليس بمشهور موضعها فهو أحسن لنبتها وأتم له، وأبعد لها من أن توطأ وتدمن. والعين: مطر دائم. والثرة : المطر الغزير . وكالدرهم : شبه بياض الماء واستدارته حين امتلأت الحديقة منه بالدرهم.
(6) نفسه، ص : 199. شدنية : هي ناقة منسوبة إلى فحل يقال له شدن. ولعنت بمحروم: أي سبت بضرعها. والمصرم : المقطوع اللبن. والخطارة: التي تخطر بذنبها يمنة ويسرة بنشاطها. والسرى: سير الليل. وغب السرى: بعده. تقص الإكام، أي : تكسرها بأخفافها لشدة وطئها وسرعة سيرها. والإكام: ما ارتفع من الأرض. والميثم: الشديد الوطء. وقوله، بين المنسمين: يريد الظليم. والمصلم: المقطوع الأذنين، شبه ناقته بالظليم لسرعتها. وقال عشية: لأنه وقت إعيائها وفتورها.
(7) نفسه، ص 247. ذرفت دموعك، أي: قطرت. والمحمل: حمالة السيف. والأيكة: شجر ملتف.
(8)  نفسه، ص : 214. قوله: التفتت بجيد جادية، شبه عنق محبوبته بعنق الجداية، وهي الغزالة الصغيرة ( والرشأ منها). وقوله: حر أرثم، أي : كريم. والأرثم: الذي على انفه سواد أو بياض، ويقال: هو الذي في شفته العليا بياض أو سواد.
(9) ديوان عنترة، ص : 200-201. يقول : يأوي هذا الظليم إلى حزق النعام، وهي جماعاتها، واحدتها: حِزْقة وحَزِيقة، والطمطم: الذي لا يفصح شيئا، شبه النعام حول هذا الظليم بقوم من اليمن حول رجل من العجم، يسمعون كلامه ولا يفهمونه، وخص أهل اليمن لقربهم من العجم (يعني: الحبش). وقوله، يتبعن قلة رأسه، أي: ينظرن إليه من بعيد رافعا رأسه، فيتبعنه، يريد: الظليم ، وقلة الرأس: أعلاه. والزوج: النمط . والحرج: عيدان الهودج، ويقال هو سرير الموتى. والمخِيم: الذي جُعل كالخيمة، والخيمة ما استظللت به من خشب أو شجر. شبه الظليم في إشراف خلقه بهودج جعل كالخيمة. والصعل: الطويل العنق، الصغير الرأس، يعني: الظليم. وذو العشيرة: موضع. وكالعبد: شبه ما عليه من الريش بعبد حبشي قد لبس فروا. والأصلم: المقطوع الأذن، وإنما جعل العبد أصلم، لأن الظليم أصلم، فوصف العبد بذلك لما شبه الظليم به.
(10) نفسه، ص: 246-247. الثواء: الاقامة. والليلك وذات الحرمل: موضعان. وعرصاتها، أي: عرصات الديار. ومتحيرا، أي: قد غلب عليه الحزن وحيره. ومعنى يذهل : يسلو عما هو فيه ويتركه يعني: أن الحزن غلب قلبه، فجعل يشأل الديار ولم يذهل عن ذلك. والأنواء: الرياح. والجون: الأسود من السحاب. ومسبل: المنسكب بالمطر.
(11) إلى جانب ذلك، رأى بعض النقاد أن عنترة واحد من الشعراء الأوائل الذين تنبهوا للمخلوقات الصغيرة، والمرئيات التافهة، كالذباب ونقر الماء،… وجعل منها موضوعات في شعره، من ذلك قوله في وصف الذباب:
                        فتَرى الذُّبابَ يُغَنّي وحْدَه      هَزِجا كفِـعـلِ الشّاربِ الـمُترنِّـمِ
                        غَرِدا يسُنُّ ذرَاعَهُ بذِراعِه   فِعْلَ الـمُكِبِّ على الزِّنَادِ الأجْذَمِ                                              ß
  ß ديوان عنترة ص: 197-198. قوله: فترى الذباب بها يصف روضة بأنها كثيرة العشب، والذباب يألفها ويغني بها. والهزَج: المتتابع الصوت. وقوله: كفعل الشارب، شبه غناء الذباب بغناء الشارب، والمترنم: الذي يترنم بالغناء أي: يمد صوته ويرجعه. والغرد: الذي يمد في صورته ويطرب. وقوله يسن، أي : يحدد، ومنه سن الثوب إذا صقله. وأراد بالزناد: الزند، وهو العود الأعلى. والأجذم: المقطوع الكف. و معنى البيت: أنه شبه الذباب حين وقع في هذه الروضة، فحك إحدى ذراعيه بالأخرى برجل مقطوع الكفين يوري زنادا فهو يمده بين ذراعيه إذ لم يكن له كفان يمسكه بينهما.
  فقال ابن قتيبة: « ذلك مما سبق إليه ولم ينازعه فيه» الشعر والشعراء، 1/259.
  وعلق الجاحظ على ذلك الوصف بقوله: « ولم أسمع في المعنى بشر أرضاه غير عنترة». الحيوان، 3/312.
(12) أدب العرب في عصر الجاهلية، حسين الحاج حسن، ص: 17.
(13) التفسير النفسي للأدب، عز الدين إسماعيل، ص: 65.
(14) التفسير النفسي للأدب، عز الدين إسماعيل، ص: 65.
(15) والأخبار بعد ذلك عن بطولته وفروسيته كثيرة« قيل لعنترة: أنت أشجع الناس وأشدها؟ قال: لا، قيل: فبم إذاً شاع لك هذا في الناس؟، قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزما وأحجم إذا رأيت الإحجام حزما ولا أدخل موضعا لا أرى لي منه مخرجا. وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطير لها قلب الشجاع، فأثني عليه فأقتله». الأغاني، 8/251. ديوان عنترة ص: 41.
     وروى أبو عمرو الشيباني « أن عبسا غزت بني تميم وعليهم قيس بن زهير، فانهزمت بنو عبس وطلبتهم بنو تميم، فوقف لهم عنترة ولحقتهم كبكبة من الخيل فحامى عنترة عن الناس فلم يصب مدبر، وكان قيس بن زهير سيدهم فساءه ما صنع عنترة يومئذ، فقال: و الله ما حمى الناس إلا ابن السوداء». ديوان عنترة ص:42.
     وقال عمر بن شبة: « قال عمر بن الخطاب للحطيئة: كيف كنتم في حربكم؟ قال كنا ألف فارس حازم. قال: وكيف يكون ذلك؟، قال: كان قيس بن زهير فينا، وكان حازما فكنا لا نعصيه، وكان فارسنا عنترة فكنا نحمل إذا حمل ونحجم إذا أحجم». الأغاني، 8/251.
     وقد عد عبد الملك بن مروان عنترة، واحدا من أربعة هم في رأيه أشجع شجعان العرب، وهم : عباس بن مرداس السلمي، وقيس بن الخطيم، وعنترة بن شداد العبسي، ورجل من مزينة. انظر : فارس بني عبس ، حسن عبد الله القرشي، ص: 50.
     هذا، و وقائع عنترة كثيرة ومتعددة، وقد تجلت شجاعته وبطولته ومهارته في خوض المعارك، أعظم ما تجلت في أيام (داحس والغبراء). انظر: خبر الحرب في: المعارف، ابن قتيبة، ص: 262. العقد الفريد، ابن عبد ربه، 6/14. أمالي المرتضى، 1/208. نهاية الأرب، أحمد القلقشندي، ص: 405. الشعراء الفرسان، بطرس البستاني، ص: 44-45. أدب العرب في عصر الجاهلية، حسين الحاج حسن، ص: 235. عنترة بن شداد، فوزي محمد أمين، ص: 16 وما بعدها.
(16) شرح ديوان عنترة، ص: 93.
(17) ديوان عنترة ص: 271. النجلاء: الواسعة. والعرض، أي: أعترض القرن فأطعنه. وقوله، كف أخيها، يعني: صاحب الطعنة، أي : ينزف دمه فتصفر كفه.
(18) حكى ابن الكلبي: أنه كان سبب ادعاء أبيه إياه، « أن بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس، فأصابوا منهم واستاقوا إبلا، فتبعهم العبسيون فلحقوهم، فقاتلوهم عما معهم، وعنترة يومئذ فيهم، فقال له أبوه: كُرَّ  يا عنترة، فقال عنترة: العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلاب والصر، فقال: كُرّ وأنت حر، فكَرّ وقاتل يومئذ قتالا حسنا، فادعاه أبوه بعد ذلك، وألحق بنسبه». الأغاني، 8/246.
     وحكى غير ابن الكلبي: أن السبب في هذا « أن عبسا أغاروا على طيء، فأصابوا نعما فلما أرادوا القسمة، قالوا لعنترة: لا نقسم لك نصيبا مثل أنصابنا لأنك عبد، فلما طال الخطب بينهم، كرّت عليهم طيء، فاعتزلهم عنترة وقال: دونكم القوم، فإنكم عدوهم. واستنفذت طيء الإبل فقال له أبوه: كُرّ  يا عنترة، فقال: أو يحسن العبد الكر؟ فقال له أبوه: العبد غيرك:  فاعترف به، فكر واستنقذ النعم» نفس المصدر، 8/246. وراجع: ديوان عنترة، ص : 38.
     وذكر السيوطي رواية هذا الخبر في شكل قصة. راجع : شرح شواهد المغني. جلال الدين السيوطي، 1/481.
(19)  ديوان عنترة ص : 207. الحليل : الزوج. والغانية: الشابة. والمجدل: المصروع بالأرض. ومعنى تمكو: تصفر بالدم وتصوت. والفريصة: لحمة بين الجنب والكتف من الدابة. والأعلم: البعير، سمي بذلك لشق مشفره الأعلى، شبه صوت الطعنة عند خروج الدم منها بصوت شدق البعير إذا هدر. و المارن: الرمح اللين عند الهز. و الرشاش: نضح الدم. والنافذة: الطعنة. والعندم: صبغ أحمر.
(20) ديوان عنترة، ص : 248. المنصب: الحسب، والأصل، والمنصل: السيف. يقول: شطري شريف من قبل أبي، فإذا حاربت حميت شطري الآخر من قبل أمي، حتى يصير له من الشرف مثل ما صار للشطر الأول، وسائر الشيء بقيته، واشتقاقه من السؤر، وهو ما فَضُل من الشيء.
(21)  نفسه ص: 308. يقول: أغض بصري إذا بدت لي جارتي حتى تدخل منزلها فيواريها، ولا أتبعها نظري. وقوله، لا أتبع النفس اللجوج هواها، أي : إذا هويت نفسي ما يكون فيه غضاضة (علي). ولـجّت في إرادته: منعتها منه ولم أتبعها إياه.
(22) نفسه، ص : 209 . قوله، أعف عند المغنم، أي: إذا غنمت شيئا تركته لأصحابي.
(23)  نفسه، ص: 308. قوله أغشى فتاة الحي، أي : أزورها واصلاً لرحمها ما دام حليلها معها، فإن خرج غازياً لم أغشها محافظةً عليها، وصيانة لعرضي وعرضها.
(24)  نفسه ص : 249. الطوى: الجوع، وهو مصدر طوى إذا خَمِصَ بطنه من قلة الأكل. وقوله، أظله أي: أظل على الجوع نهارا ، يعني لا آكل شيئا وإن طويت يوما وليلة وأكثر من ذلك، حتى أنال من الطعام أطيبه و أكرمه.
(25) راجع: ديوان المعاني، أبو هلال العسكري، 1/110. وديوان عنترة، ص : 68.
(26)  ديوان عنترة، ص: 308.
(27) نفسه، ص : 191. يقول لمحبوبته : أنت عندي بمنزلة المحب المكرم، فال تظني غير ذلك.
(28)  شرح ديوان عنترة ص : 2. العذراء: البكر، يعني ان حبيبته الحسناء البكر أصابت قلبه بنبال نظراتها ما لهن دواء، أي : ليس لجرحه من دواء يشفي. وقوله ( مرت أوان العيد…) يعني أنها مرت عليه يوم العيد بين فتياتßßكالشموس حسنا عيونهن كعيون الظباء. واغتالني، يعني : أهلكني من حيث لا أدري مرض الحب الذي أكتمه، فكان الكتمان سببا في إذاعته وظهوره.
(29) شرح ديوان عنترة، ص : 3.
(30) نفسه، ص : 5.
(31)  ديوان عنترة، ص : 255. الغمرة: شدة الحرب، وأصلها معظم الماء، فاستعيرت لكل أمر عظيم، وقوله، باشرتها، أي: قاسيتها والتبست بها حتى انجلت بعد عسر، وما كادت تنجلي من شدتها، وعظمها. وقوله، فيها لوامع، أي: في تلك الغمرة سيوف لوامع. وزهاؤها: كثرة عددها. وقوله، لسلوت بعد تخضب وتكحل، أي: رجعت عما أنت فيه من الزينة والتنعم.
(32) نفسه ، ص: 205.
(33)  ديوان عنترة، 205-207. قوله، سمح مخالقتي، أي : سهل معاشرتي. وقوله، إذا لم أظلم، أي : أحتمل الأمور وإن شقت علي، ما لم أنل بظلم وذل. وقوله، مستهلك مالي، أي: يهلكه بالعطاء. والعرض هنا الحسب، أي: لم أُلَم فيقدح في حسبي ويُنتَقص شرفي، وضرب الكلم مثلا، والكلم: الجرح. وقوله، وإذا صحوت، أي : إذا صحوت من سُكري، فأنا أتكرم وأجود. والشَّمائل: الخلائق، والمعنى: أنني إذا شربت الخمر فرويت منها فإنني أهلك مالي وأفرقه، فيكون عرضي وافرا، وإذا خرجت من سكري لم أقصر أيضا عن الندى، والندى: العطية.
(34) سوسيولوجيا الغزل العذري، الطاهر لبيب، ص : 54.
(35)  نفسه، ص: 64
(36) ديوان عنترة، ص :251، الهياج: شدة الحرب. والأعزل: الذي لا سلاح معه. يقول: غدوت في مقدمة الجيش عند هياج الحرب وأنا حامل السلاح غير أعزل. وبكرت، يعني: عادلته، أي: عجلت عليه بلومه على اقتحامه للحروث وتعرضه للحتوف. وقوله: بمعزل، أي: بناحية لا تدركني فيها المنايا. يقول: لابد من الموت فلم أخوف به.والمنهل: الماء المورود. يقول: الموت كالمنهل المورود الذي لاغنى عن وروده. وكذلك الموت لابد منه.
(37) شرح ديوان عنترة ص:21. صروف النوائب، أي: أحداث الدهر. وقوله، تغر بي، أي: تخدعني به. والأطايب، أي : يتملقونه بأشرف الأسماء.
(38)  نفسه، ص : 160.
(39) ديوان عنترة، ص: 210.
(40)  شرح ديوان عنترة، ص: 58.
(41) ديوان عنترة، ص : 67.
(42)  نفسه، ص : 330. أسوده وأحمره، يعني: أن كل امرئ يحمي أهله من النساء ويقيهم بنفسه من الأعداء أبيضا كان أو أسودا.كنىبالاحمر عن العجم، وبالأسود عن غيرهم. والشعرات المشعرة، أراد بها: القبيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *