عن دار دال للنشر والتوزيع 2019، صدر للناقد والكاتب المغربي عزيز العرباوي كتاب جديد تحت عنوان “السرد الروائي النسوي: الحرية، الذات، الجسد”، ويأتي الكتاب ضمن رؤية تتعلق بتحديد فكري يحدد صورة المرأة في الكتابة الروائية النسوية والتي اتسمت بالتعدد والتنوع، لأنها لم تعدْ فقط صورة نمطية قارة في العقول والأذهان، وثابتة في الأفكار، بل أصبحت كموضوعة للقول الإبداعي وتيمة له، فكانت موضوعاً مهماً له ما لهُ وعليه ما عليه، خلافاً لما كانت عليه من قبل، وخاصة في التصورات المتشددة لفائدة الثقافة الذكورية المحضة، والتي تستمد مشروعيتها من الفكر الكلاسيكي والرجعي الموغل في التراث القروسطي…
وضمن هذه الرؤية، فقد قُسم الكتاب هذا إلى أربعة فصول: أولها يختص بمقاربة البدايات الأولى لظهور الفكر النسوي والكتابة النسوية عامة، وصولاً إلى الحديث عن الإبداع الروائي النسوي والأنساق الثقافية والموضوعاتية التي كتبت فيها الروائية العربية. بينما يختص الفصل الثاني بموضوعة الحرية والثورة في الرواية النسوية العربية ومدى مساهمة المرأة في الثورة والنضال من أجل الحرية سواء من خلال مشاركتها في مقاومة المستعمر، أم من خلال مساهمتها الكبرى في الثورات العربية الحديثة والمعاصرة، أم حتى من خلال تمردها على القيم الذكورية والثقافة الأبوية المتسلطة في المجتمع، وقد قارب المؤلف في هذا الصدد بعض النماذج الروائية العربية التي عالجت موضوع الحرية والثورة، كرواية “الناجون” للكاتبة المغربية الزهرة رميج، ورواية “لَمَار” للكاتبة السورية ابتسام تريسي، ورواية “غراميات شارع الأعشى” للكاتبة السعودية بدرية البشر.
بينما حاول الناقد أن يقارب في الفصل الثالث من هذا الكتاب موضوع الذات الأنثوية ومدى قدرة المرأة العربية على تجاوز أزماتها الذاتية والهوياتية التي تعيشها، فدرس بعض الروايات الجميلة والتي تركت صدىً كبيراً بعد صدورها نذكر منها: رواية “أبنوس” للكاتبة السورية روزا ياسين الحسن، ورواية “صنعائي” للكاتبة اليمنية نادية الكوكباني، ورواية “أنا، هي والأخريات” للكاتبة اللبنانية جنى فواز الحسن، ورواية “حبل سري” للكاتبة السورية مها حسن. أما الفصل الرابع، فارتأى المؤلف فيه مقاربة موضوع الجسد ومدى احتفاء الكاتبة العربية به في رواياتها، بل وجعله البؤرة المهمة في استحضار قيمته وسلطته على الآخر، وذلك من خلال دراسة ثلاث روايات هي: رواية “أصل الهوى” للكاتبة الفلسطينية حزامة حبيايب، ورواية “برتقال مر” للكاتبة اللبنانية بسمة الخطيب، ورواية “أقاليم الخوف” للكاتبة والروائية الجزائرية فضيلة الفاروق.
ويقول الناقد في مقدمة الكتاب: “إن الرواية النسوية العربية تزخر بالعديد من التيمات والموضوعات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تمثل صورة المرأة العربية، وتقدم معلومات وأفكاراً مهمة عن أحاسيسها وعواطفها، ومنظوراً محدداً لعلاقتها بالرجل، ومدى تأثرها بهذه العلاقة، لتمنحنا فكرة واضحة عن كل ما تشعر به وما تكنه من مشاعر تجاهه وتجاه مواقفه منها، وسلوكياته، وتصرفاته معها. إننا نفهم، ومن خلال الرواية النسوية بالذات، تلك الأحاسيس الغامضة التي يصعب على الرجل المبدع، والروائي بالخصوص، ترجمتها عبر إبداعاته، لأنه لا يمكنه أن يدرك تلك المشاعر الدفينة والأحاسيس الداخلية للمرأة… وفي النهاية، يمكننا أن نكوِّن رأياً واضحاً عن المرأة وفكرها ومواقفها من خلال ما نقرأه من إبداعات روائية بالخصوص”.
طنجة الأدبية