الرئيسيةأخبارفاس تحتفي بالصناعة التقليدية المغربية في معرض يربطها بعمقها الإفريقي

فاس تحتفي بالصناعة التقليدية المغربية في معرض يربطها بعمقها الإفريقي

الصناعة التقليدية المغربية

احتضنت المدينة العتيقة لفاس، افتتاح معرض فني للصناعة التقليدية بعدد من معالمها التاريخية البارزة، في مبادرة ثقافية تسلط الضوء على غنى الصناعة التقليدية المغربية وامتداداتها العميقة داخل الفضاء الإفريقي. ويأتي هذا الحدث ليحوّل فضاءات عريقة إلى منصات حية للاحتفاء بالحِرَف بوصفها لغة مشتركة عابرة للحدود.

ويُنظم المعرض تحت عنوان «ملتقى: حِرَف وإرث مشترك»، حيث يحتضن هري بطويل معرض الصناعة التقليدية، فيما شهد سوق السمارين عرض أزياء خاص بالقفطان المغربي، أبرز الإبداع الحِرَفي الوطني وقدرته على التجدد. ويندرج هذا الموعد الثقافي ضمن فعاليات الدورة التاسعة للأسبوع الوطني للصناعة التقليدية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبالتزامن مع احتضان عدد من المدن المغربية، من بينها فاس، لتظاهرات كأس أمم إفريقيا.

ويقدّم المعرض مقاربة فنية وإنسانية للصناعة التقليدية، باعتبارها جغرافيا نابضة تشكّلت عبر الطرق القافلية والتبادلات العابرة للصحراء، وتناقلت أسرارها أجيال من الحِرَفيين عبر القرون. ويربط هذا المسار بين المدن المغربية التاريخية ومراكز إفريقية كبرى، في فضاء للإبداع والتلاقي الثقافي يتجاوز الحدود السياسية.

ويعتمد مسار الزيارة على استكشاف المواد الأولية، مثل المعدن والجلد والخشب والطين والنسيج، مبرزًا التقاطعات في الأشكال والتقنيات والرموز، مع الحفاظ على الخصوصيات الجهوية، بما يكشف عن إرث مشترك يجمع بين عمق التقاليد وروح الإبداع المعاصر.

وعلى هامش الافتتاح، الذي جرى بحضور والي جهة فاس–مكناس خالد آيت الطالب، أوضح عبد الرحيم بلخياط، المدير الجهوي للصناعة التقليدية، أن هذه المبادرة تهدف إلى تثمين الصناعة التقليدية المغربية وتعزيز إشعاعها، من خلال أنشطة للترويج والتنشيط بمشاركة فاعلين قدموا من مختلف بلدان القارة الإفريقية. وأضاف أن البرمجة تشمل معارض موجهة للجمهور بالمنطقة الرئيسية للمشجعين بفاس، وفضاءات رمزية أخرى بالمدينة، إلى جانب عرض أزياء خاص بالقفطان المغربي، تزامنًا مع تصنيفه مؤخرًا تراثًا ثقافيًا غير مادي للإنسانية من قبل منظمة اليونسكو.

من جهتها، أكدت مفوضة المعرض مومنة الخياطي أن «ملتقى» صُمم ليتيح للزوار، مغاربة وأجانب، استحضار أصداء تقاليدهم الخاصة من خلال الأشكال والمواد والرموز التي تميز الصناعة التقليدية المغربية. وأوضحت أن المعرض يبرز القفطان المغربي عبر إبداعات مصممات مغربيات، إلى جانب أدوات الاستعمال اليومي والحلي التقليدية والآلات الموسيقية، بما يعكس عمق التفاعلات الثقافية الإفريقية والحوار التاريخي بين الحِرَف داخل القارة.

بدوره، شدد معاذ كبداني، ممثل دار الصانع، على أن هذه البرمجة تسعى إلى تعزيز الروابط الثقافية الإفريقية، وتعريف الزوار ووسائل الإعلام الدولية بغنى التراث المغربي وطاقته الإبداعية. وأشار إلى أن المعرض يضم أيضًا فضاءً موضوعاتيًا مخصصًا للمواد، يعرض قطعًا مبتكرة ناتجة عن تعاون بين مصممين وحِرَفيين تقليديين، مقدّمًا صورة عصرية لصناعة متجذرة في التراث ومنفتحة على الابتكار.

وفي السياق ذاته، عبّر إدريس الساخي، الحرفي الفاسي المعروف في صناعة النحاس بلقب «عمي إدريس»، عن اعتزازه بالمشاركة في هذه التظاهرة المقامة داخل معلمة تاريخية ترمز إلى عمق التراث الفاسي. وأكد أن القطع المعروضة أُنجزت يدويًا بالكامل دون استعمال الآلات، مجسدةً نقل المعارف التقليدية ومكانة الصناعة التقليدية في هوية المدينة الثقافية.

أما عرض القفطان بسوق السمارين، فقد شكّل محطة لافتة ضمن هذه التظاهرة، مسلطًا الضوء على قدرة الصناعة التقليدية في مجال الأزياء على الابتكار، من خلال تصاميم جمعت بين احترام الزي التقليدي والجرأة المعاصرة. وكشفت الإبداعات المقدمة عن موهبة المصممات المغربيات في تجديد القفطان عبر قصّات ومواد وتطريزات حديثة، مع الحفاظ على روحه ورموزه الجمالية بوصفه أحد أعمدة التراث الوطني.

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *