فقدت الساحة الفنية والثقافية في السودان أحد أعمدتها البارزة برحيل الفنان والباحث الموسيقي عبد القادر سالم، الذي توفي بعد معاناة قصيرة مع المرض، تاركًا خلفه مسيرة إبداعية حافلة أسهمت في حفظ وتوثيق التراث السوداني لعقود طويلة.
وُلد الراحل عام 1946 بمدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، حيث نشأ وسط بيئة غنية بالموروث الشعبي، وهو ما انعكس مبكرًا على اهتمامه بالموسيقى والتراث. ومن هناك انطلقت رحلته الفنية التي جعلت منه اسمًا لامعًا داخل السودان وخارجه، ورمزًا للأصالة والتنوع الثقافي.
ونعى مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفنان الراحل بكلمات مؤثرة، معربًا عن بالغ الحزن لرحيله، ومشيدًا بإسهاماته الفنية والثقافية التي شكلت جزءًا من الذاكرة الوطنية، ومؤكدًا أن السودان فقد قامة إبداعية تركت بصمتها الواضحة في المشهد الفني.
لم يكن عبد القادر سالم مجرد مطرب، بل باحثًا جادًا في التراث الموسيقي السوداني، عمل على جمع وتوثيق الألحان والإيقاعات الشعبية، وأسهم في تقديمها للأجيال الجديدة بأسلوب معاصر يحافظ على روحها الأصيلة. وقد بدأ ظهوره الواسع منذ مطلع السبعينيات، ليصبح أحد أبرز الأصوات التي جسدت هوية الموسيقى السودانية.
ويضم رصيده الفني أكثر من أربعين عملًا غنائيًا مسجلًا في الإذاعة السودانية، إلى جانب عدد من الأغنيات المصورة التي وثقت جمال البيئة الكردفانية ومناطق أخرى من السودان، ولا تزال محفوظة في أرشيف التلفزيون القومي، شاهدة على تجربة فنية متفردة.
برحيل عبد القادر سالم، يخسر السودان فنانًا استثنائيًا، لكن إرثه الموسيقي والثقافي سيظل حيًا، يلهم الفنانين والباحثين، ويؤكد أن الحفاظ على التراث ليس مجرد فن، بل رسالة ومسؤولية ممتدة عبر الأجيال.
طنجة الأدبية

