الرئيسيةأخبارالعرب ونوبل: بين إنجازات علمية وجدل سياسي لا ينتهي

العرب ونوبل: بين إنجازات علمية وجدل سياسي لا ينتهي

العرب وجوائز نوبل

مع اقتراب موعد حفل عشاء نوبل، تتأهب مدينة ستوكهولم لإطلاق مهرجان ضوئي غير مسبوق يستلهم أفكاره من إنجازات الفائزين بالجائزة لهذا العام في مجالات الطب والكيمياء والأدب والسلام، والذين أُعلن عنهم في أكتوبر الماضي. ويتصدر المشهد هذا العام كل من ماري برونكو وفريد رامسديل وشيمون ساكاغوتشي في مجال الطب، وسوسومو كيتاغاوا وريتشارد روبسون وعمر ياغي في الكيمياء، إلى جانب الكاتب لازلو كراسناهوركاي، والناشطة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو الفائزة بجائزة السلام.

ورغم الوهج العالمي لجوائز نوبل، يبقى الحضور العربي محدوداً مقارنة بدول أخرى، خصوصاً مع استمرار الجدل الذي يرافق عملية اختيار الفائزين في كل دورة، وهو ما يعيد إلى الأذهان أسماء عربية برزت في تاريخ الجائزة بين تقدير دولي وانتقادات سياسية.

ويُعد الرئيس المصري الراحل أنور السادات أحد أكثر الشخصيات العربية التي أثار فوزها بجائزة نوبل ضجة واسعة. فقد نال الجائزة عام 1978 مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ميخائيل بيغن بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وهي الخطوة التي غيّرت وجه السياسة المصرية ودفعت القاهرة نحو أول معاهدة سلام عربية مع إسرائيل، قبل أن يُغتال السادات عام 1981 خلال عرض عسكري.

أما في مجال الأدب، فما يزال نجيب محفوظ الاسم العربي الوحيد الذي اعتلى منصة نوبل، بعدما كرّمته الأكاديمية السويدية عام 1988 تقديراً لعالمه الروائي الذي جسّد تحولات المجتمع المصري. وقد ارتبط فوزه بجدل واسع حول روايته “أولاد حارتنا”، التي اعتبرها البعض مسيئة للرموز الدينية.

أما أكثر الجوائز إثارة للنقاش في العالم العربي فكانت تلك التي مُنحت للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 1994، بالشراكة مع إسحاق رابين وشمعون بيريز، عقب توقيع اتفاقية أوسلو. إذ رافقت الجائزة موجة غضب واستقالة أحد أعضاء لجنة نوبل احتجاجًا على منحها لعرفات، بينما لم تتحقق الدولة الفلسطينية التي وُعد بها الاتفاق، وظلت السيطرة الفلسطينية على الأرض تتقلص تدريجياً.

وفي مجال العلوم، برز عالم الكيمياء المصري الأمريكي أحمد زويل بعد حصوله على الجائزة أواخر التسعينات بفضل أبحاثه الثورية في مجال “كيمياء الفيمتو”. وسبق لزويل أن نال جائزة وولف الإسرائيلية قبل نوبل، ما أثار نقاشاً في الأوساط العربية عند الإعلان عن فوزه.

ومن بين الأسماء البارزة أيضاً محمد البرادعي، الذي حصل عام 2005 على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال فترة توليه منصب مديرها العام. ورغم إشادة المجتمع الدولي بجهوده في الحد من انتشار السلاح النووي، إلا أن فوزه لم يخلُ من الانتقادات بشأن دوره خلال الأزمة العراقية.

كما شكّل فوز الصحفية اليمنية توكل كرمان بالجائزة عام 2011 حدثاً مثيراً للجدل، حيث اعتبرها البعض رمزاً للنضال خلال الاحتجاجات اليمنية، فيما رأى آخرون أنها استغلت منصبها للتحريض السياسي.

وفي عام 2015، حظي الرباعي التونسي للحوار الوطني بجائزة نوبل للسلام بعد دوره المركزي في تجنيب تونس فوضى سياسية عقب الثورة، من خلال مسار حواري جمع مختلف القوى الاجتماعية.

وارتبط اسم العراقية الإيزيدية ناديا مراد بالمأساة التي عاشها مجتمعها إثر هجوم تنظيم “داعش” على سنجار، وقد نالت جائزة نوبل للسلام عام 2018 إلى جانب الطبيب الكونغولي دينيس مكويجي، لجهودهما في مكافحة العنف الجنسي في النزاعات المسلحة.

وفي السنوات الأخيرة، عاد الحضور العربي إلى الواجهة من خلال إنجازات علمية لافتة، من بينها فوز الأمريكي–اللبناني أردم باتابوتيان عام 2021 بجائزة الطب عن أبحاثه حول الإحساس باللمس والضغط، ثم تتويج العالم الفرنسي–الأمريكي من أصل تونسي مونجي بويندي عام 2023 بجائزة الكيمياء عن أبحاثه في الكيمياء النانوية المستخدمة في تقنيات الإضاءة الحديثة.

وفي 2025، جاء تتويج الكيميائي الأردني من أصل فلسطيني عمر ياغي ليضيف اسماً عربياً جديداً إلى القائمة، مكافأةً لريادته في مجال الهياكل المعدنية–العضوية (MOFs)، رغم الجدل الذي رافق فوزه بسبب حصوله سابقاً على جائزة من “وولف فاونديشن” الإسرائيلية.

ومع اختلاف الظروف واختلاف المجالات، يظل مسار العرب مع جوائز نوبل مزيجاً من الإنجاز والجدل، في علاقة لا تنفصل عن التاريخ والسياسة وتطلعات المنطقة. وبحسب وصية ألفريد نوبل، تمنح جوائز الفيزياء والكيمياء والطب والأدب في ستوكهولم، بينما تُسند جائزة السلام في أوسلو.

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *