لا أَحَدَ هُنا يَعْرِفُنِي،
لا الطُّرُقُ ولا البُيُوتُ،
لا طِفْلٌ تائِهٌ،
ولا حتّى طائِرٌ مَجْرُوحٌ.
لا أَحَدَ هُنا يَنْتَظِرُنِي،
لا امْرَأَةٌ تَرْقُبُ خُطُواتِي،
ولا أَكْوَابُ شَايٍ
تَتَسَلَّى بِأَخْبَارِي،
ولا عَاشِقٌ
يُمَنِّي النَّفْسَ بِلِقَائِي.
لا رَسَائِلَ تَصِلُنِي،
ولا السَّاعَاتُ تُلاحِقُنِي.
غَيْمَاتٌ،
رَعْدٌ، وبَرْقٌ،
لا أَتُوقُ لِمَطَرٍ يُراقِصُنِي.
لا أَحَدَ هُنا يُسَلِّينِي،
لا شَجَرُ الوَادِي،
ولا ضِيَاءُ قَمَرٍ مُتَوَارٍ.
شُرْفَةُ بَيْتِكَ وَحْدَها عَالَمِي،
تُحَدِّثُنِي، تُمازِحُنِي،
تُسْمِعُنِي صَوْتَ نَوَارِسِ الوَادِي،
وَصَخَبَ الطَّائِرَاتِ فِي الأَعَالِي،
تُوَشْوِشُ لِي بِحِكَايَاتِ العُشَّاقِ
فِي العَالَمِ المُوَازِي،
وَتُهْدِينِي كِتَابًا بِلا حُرُوفٍ،
لا قِصَصَ فِيهِ وَلا حِكَايَاتٍ،
بَيْضَاءُ هِيَ صَفَحَاتُ رِوَايَاتِي.
لا أَحَدَ هُنا يَسْجُنُنِي،
لا نَبْضٌ يَتَبَعْثَرُ،
ولا أَلَمٌ يَعْتَصِرُ
قَلْبَ أَبْيَاتِي.
أَنَا وَشُرْفَتُكَ فَقَطْ،
وَرَائِحَةُ عِطْرٍ فِي الأَمَاسِي
تَفُوحُ مِنْ بَقَايَا وَرْدَةٍ
زَرَعْتُهَا بَيْنَ أَضْلُعِ كِتَابِي،
تَحْمِلُنِي إِلَيْكَ كُلَّمَا
ازْدَادَ اشْتِيَاقِي.
بِالأَمْسِ بُحْتُ لِلْبَحْرِ بِسِرِّي،
فَتَكَسَّرَتْ مَوْجَةٌ تَحْتَ أَقْدَامِي،
وَكَشَفَتْ عَنِّي غِطَائِي.
بَاتَ الكُلُّ هُنا يَعْرِفُنِي،
وَحْدَهَا شُرْفَةُ بَيْتِكَ،
اليَوْمَ
مُسْتَغْرِبَةً تُطَالِعُنِي
وَالنَّوَارِسُ حَوْلِي تُرَاقِصُنِي.


