تواصل الشاعرة سميرة فرجي تجربتها الشعرية التي تتميز بنجاحها الباهر في تناول قضايا معاصرة بلغة حديثة ولكن في قالب عمودي خلاق وممتع. “إتَّصِلْ” نص جديد مفعم بالراهنية وبالاسئلة التي تقض مضاجعنا، من خلال تفجير مفارقة صارخة نعيشها بين حصار الهواتف الذكية التي أصبحت لصيقة بنا أكثر من أي شيء آخر، وبين تقصيرنا الفاضح في الاتصال والسؤال عن الأهل والأحباب، في زمن لم يعد فيه أيسر وأسهل من الاتصال، وقراءة ممتعة.
إتصل
دَعْ عَنْكَ أَوْهَامَ ٱلْمَعَارِكِ وَٱتَّصِــــــــــلْ
فَٱلْجُرْحُ إِنْ سَمِـــعَ ٱتِّصَالَكَ يَنْدَمِـــــــــــــــلْ
غَـمَّــــدْتُ أَشْوَاقِي وَهَــــا يَــوْمٌ مَضَــــــى
وَثَلَاثُ سَاعَـاتٍ وَصَوْتُكَ لَمْ يَصِــــــــــــلْ
أَوَ هَكَذَا يَبْلُـــــــــــو بَــــلَاءَكَ هَاتِـــــــــــــــــفٌ
حَلَّفْتَـــــهُ أَلَّا يَمِيــــــــــلَ وَلَـــــــــــــــــــــمْ يَمِـــــــــــــلْ!
عُـــدْ وَٱتَّصِلْ عَهْدٌ سَأُنْكِسُ رَاَيتِـــــــــــي
وَأَتُوبُ عَنْ خَوْضِ ٱلْحُرُوبِ وَأَعْتَـــزِلْ
يَا قَاطِعـًا حَبْلَ ٱلْوِصَالِ أَلاَ تَــــــــــــرَى
دَمْـعَ ٱلْهَزِيمَةِ فِي خُـــدُودِيَ يَنْهَمِـــــــلْ؟!
وَرَمَـــادَ صَبْـــرٍ فِي حَــنِــيَّـــــةِ خَــافِــــــــــقٍ
حَمَّلْتَهُ بِٱلصَّـــدِّ مَا لَـــمْ يَـحْــتَــمِـــــــــــــــــــــلْ؟!
إِنْ كَانَ يُرْضِيكَ ٱنْفِصَالٌ جَاهِـــــــــــزٌ
هَــــــاتِ ٱتِّصَالًا وَاحِــــــــدًا وَسَنَنْفَصِـــــــــــــلْ
كَمْ صِرْتُ أَرْوِي لِلسَّمَـــــاءِ حِكَايَتِي
وَبِسَجْـــدَتِـــي أَدْعُـــــــــو ٱلإِلَـــــهَ وَأَبْتَهِـــــــــــــلْ
كَيْ يَنْطَفِـــــــي نُورُ ٱلْعُيُـــــونِ وَلَا أَرَى
فِي حَضْرَةِ ” ٱلأَيْفُونِ ” سِتْرًا يَنْسَـــــــدِلْ
كُنْ عَاقِلاً يَا ٱبْنَ ٱلْكِرَامِ وَلَا تَــــــــــــدَعْ
عَدْوَى ٱلْخِصَامِ إِلَى ٱلْهَوَاتِفِ تَنْتَقِـــــــــلْ
لَوْ أَنَّهَا سَمِعَــتْ دَوِيَّ رَسَائِــــــــــــــــــــــــلٍ
فِيهَا لَأَخْرَجَــتِ ٱلسُّيُوفَ لِتَقْـتَـتِــــــــــــــــــــــــــلْ
يَا غَـائِـــــــــــــــــــبًا أَدْمَنْتُـــــــــــــــهُ وَنَحَتُّـــــــــــــــــــهُ
كَقَصِيـــــــــــــــــــــدَةٍ مَوْؤُودَةٍ لَمْ تَكْتَمِــــــــــــــــــــــــلْ
لَمَّا تُغِيــــرُ بِقَطْعِ وَصْلِكَ أَنْتَهِــــــــــــــــــي
وَأَكَـــــــــادُ عَـنِّي فِي غِيَابِــــــــــكَ أَنْعَـــــــــــــــزِلْ
وَتَكُفُّ أَرْضُ ٱللهِ عَنْ دَوَرَانِهَــــــــــــــــــــــــا
وَتَعُــــــــــــــودُ لِلـــــــــــــدَّوَرَانِ لَمَّا تَتَّصِــــــــــــــــــــــلْ
أَرْقَامُ هَاتِفِكَ ٱلْمَهِيـــــــــــبِ تَهُزُّنِــــــــــــــــــــي
كَعَسَـاكِــــــــــــــــــرٍ لَمَّا أَرَاهَــــــــــــــــــا أَنْفَعِــــــــــــــــلْ
وَرَنِينُـــــــهُ لَمَّا يَجُــــــــــــــــــودُ بِعَزْفـَـــــــــــــــــــــــــةٍ
ٱلطبــل يُقْــــــــرَعُ وَٱلْجَــــــوَارِحُ تَحْتَــفـِـــــــــــــــــلْ
وَشُجُونُ صَوْتٍ إِنْ تَوَارَى أَوْ سَرَى
يَكْفِي لِيَنْطَفِئَ ٱلْوُجُــــــــــــودُ وَيَشْتَعِـــــــــــــــــلْ
عُـــدْ وَٱتَّصِلْ سَأَلُمُّ كُلَّ حَرَائِقـِــــــــــــــــــــي
وَمَلاَحِمِي وَعَـــــوَاصِــفِــــي وَسَأَمْتَثـِـــــــــــــــلْ
فَأَنَـــــا ٱلَّتِي شَـــــــرَّدْتُ أَلْـــفَ قَبِيلَـــــــــــــــــةٍ
وَعَلَى يَدِي كِسْرَى ٱلْمُعَظَّمُ قَدْ قُتِــــــــــــلْ
وَرَمَــيْــــــــتُ أَشْـــلَاءَ ٱلْقُــلُــــــوبِ تَجَنِّيـــــــًـا
فِي بَحْــــرِ نِسْيَــــــــانٍ وَلَا مَنْ يَنْتَشِــــــــــــــــلْ
فَلَكَ ٱخْتِضَاعِيَ طَيِّعـــــًا لَكَ مَا تَشَــا
لَكَ أَنْ تُــدِيــــنَ وَتَسْتَبِـــــدَّ وَتَعْــتَـــقِـــــــــــــــــــــــلْ
فَإِذَا رَضِيتُ بِحُكْمِ مَنْ أَجْرَى دَمِي
فَلِعِلَّـــــــــةٍ يَا عِــلَّــتِــــــــــــي لَا تَنْــــــــــدَهِـــــــــــــــــــلْ
إِنْ كَانَ لِلْمَحْكُـــــــومِ آخِــــــرُ مَطْـلَـــــــبٍ
قَبْلَ ٱلْمُضِيِّ فَمَطْلَبِي عُدْ وٱتَّصِـــــــــــــــلْ